الصحافة

قواعد "إسرائيليّة" على قمم لبنان

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ألا يستطيع دونالد ترامب، وقد قدّم نفسه عرّاب السلام في العالم، دعوة اسرائيل الى الالتزام، ولو لشهر واحد، لأسبوع واحد، ليوم واحد، باتفاق وقف الأعمال العدائية ضد لبنان، بعدما بات جلياً أن ما يحدث من الضربات اليومية لأهداف عسكرية أو مدنية، استمرار للحرب، ولكن بطريقة أخرى، لنزداد يقيناً بأن بنيامين نتنياهو انما ينفذ، بمنتهى الهمجية، الاستراتيجية الأميركية بتحويل الشرق الأوسط الى منطقة منزوعة الأظافر. هياكل عظمية بعباءات مزركشة.

على الأقل لتلتقط الحكومة اللبنانية أنفاسها، وهي صناعة أميركية بالكمال والتمام، وتفكر في الخطة الخاصة بنزع سلاح "حزب الله" الذي لم نكن نعتقد أنه يقضّ مضاجع أهل البيت الأبيض، كونه لا يهدد الأمن الاستراتيجي للولايات المتحدة وحدها بل وللعالم، ومع اعتبار أن أصحاب مصانع السلاح، بأجنحة الملائكة، داخل "الدولة العميقة"، قرروا اقفال مصانعهم والتفرغ للصلاة ...

في الذكرى المئة لوفاة الرئيس وودرو ويلسون (3 شباط 2024 )، قال كاتب العمود في صحيفة "الواشنطن بوست" يشان ثارور ان الفارق بين الرئيس الثامن والعشرين للولايات المتحدة والرئيس السابع للأربعين، أي دونالد ترامب، أن الأول بوجه المسيح الذي حط على الأرض من أجل عالم يسوده السلام والثاني بوجه يهوذا الذي يبدو أنه تسلل من جهنم لينشر الفوضى والارتياع في هذا العالم ...

كم مرة هدد ترامب، ولا يزال يهدد، حركة "حماس" بالجحبم، دون أن نفهم لماذا المواقف الهيستيرية حيال غزة، وما هو الخطر الذي تشكله على بلاده، وهي المحاصرة من السماء والأرض، وها هو يدعو، ويلح على الحكومة اللبنانية التفاوض المباشر، وتحت النار، مع الحكومة الاسرائيلية، ما يعني أن يمد لبنان يده من تحت الأنقاض ليصافح اليد الملطخة بدم أبنائه، وهذا ما يحدث، أيضاً، للفلسطينيين، بل ولكل العرب الذين يكدسون السلاح الأميركي بالتريليونات، وتحت ضغط السلاح اياه.  السناتور لندسي غراهام، همس في أذن مسؤول عربي كبير "اننا نخشى عليكم من القنبلة الاسرائيلية".

الأكثر من ذلك أن المبعوث الأميركي السابق دنيس روس، وهو يهودي ويضع نجمة داود في مكتبه. كان يشيع بين من يلتقيهم من المسؤولين العرب، ان الولايات المتحدة فوجئت لامتلاك اسرائيل القنبلة، كما فوجئت بأن روبرت اوبنهايمر، أبو القنبلة الأميركية، شارك في صناعة تلك القنبلة ...

هكذا نفهم العقل التوراتي. أوبنهايمر الذي عندما شاهد التجربة النووية الأولى، في 16 تموز 1946، استعاد عبارة أبوكاليبتية من الكتاب المقدس الهندوسي (الباهاغافادغيتا) ليقول "الآن أصبحت أنا الموت ... مدمر العالم"، مالبث أن وعد حاييم وايزمان، في عام 1947 أي قبل اعلان قيام الدولة، بالمساعدة في بناء مفاعل ديمونا، وفي صناعة القنبلة. لعلها اللوثة الايديولوجية اباها التي جعلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، تفاخر، في مقالة لها عام 1948، بوجود يهود بين طاقمي القاذفتين اللتين القيتا القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي.

مشكلتنا أننا نتعامل مع دولة تختلف، في تركيبها الفلسفي، عن أي دولة أخرى في العالم. هي نتاج أساطير غيبية لا حصر لها، وتفاعلات ايديولوجية، ما زالت تلعب، دموياً، في الرؤوس، وبكراهية عاصفة للعرب، حتى أن ايتامار بن غفير يتباهى بأن السلام الأبدي، والسلام المثالي، هومع الموتى .

حتى اذا ما عدنا الى خطة ترامب للسلام في غزة، وهي الخطة التي تفضي الى المقبرة الفلسطينية لا الى الدولة الفلسطينية، ألا يحق لـقيادة "حزب الله" أن تتوجس من الشروط الاسرائيلية، التي تتبناها الادارة الأميركية أوتوماتيكياً، والتي لا بد أن تعقب عملية نزع السلاح. من تلك الشروط اخراج "حزب الله" لبنان، وربما البيئة الحاضنة، أي المعطف البشري الذي رأينا جزءاً منه في المدينة الرياضية الأحد الفائت. ألم تتحدث المعلومات عن محادثات اسرائيلية مع جنوب السودان في هذا الشأن ؟

السلاح الأكثر تأثيرا من السلاح النووي الذي يستخدمه الاسرائيليون الأن، هو اللعب في رؤوس بعض لوردات الطوائف، تزامناً مع معلومات موثوقة حول التنسيق المكثف بين شخصيات أميركية من أصل لبناني وأركان اللوبي اليهودي حول الخطط، والخطوات، الاسرائيلية حيال لبنان، وحيث لا تصور محدداً، أو واضحاً، حول طريقة متابعة التطورات سوى انتظار المبعوثين، والآن انتظار وصول السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى.

ما هو منتظر، وما هو مطلوب، من "حزب الله" أن يأخذ بالاعتبار قوة الضغوط التي تتعرض لها السلطة اللبنانية (السلطة الضائعة بين جموع المستشارين)، وهو الذي أعلن أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أن قرار السلم والحرب بيد الدولة اللبنانية لا بيده، الأساس في الجانب الاستراتيجي من المفهوم الكلاسيكي للسيادة، لتكون المقاومة، وفي ظل الوضع الراهن للمؤسسة العسكرية، "قوة الصدم" في مواجهة أي هجوم.

ديبلوماسي مخضرم اتصل بنا مذكرًاً بقول محمد حسنين هيكل اثر لقائه الفريق علي علي عامر، قائد القيادة العربية الموحدة، في الستينات من القرن الفائت، "ان العاجس الايديولوجي والاستراتيجي لاسرائيل اقامة قواعد عسكرية على قمم لبنان، وتغطي المنطقة ما بين قناة السويس ومضيق الدردنيل". لا نتصور أن هذا الهاجس سقط بمرور الزمن ...

نبيه البرجي -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا