الصحافة

مستقبل لبنان على كف برّاك السوري الهوى

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بات من المستحيل اليوم، في ضوء المتغيرات العديدة المتلاحقة في المنطقة، التعامل مع ​لبنان​ على انه حالة مستقلة، بل عاد الى ان كونه مشمولاً بوضع المنطقة ككل. وفي صلب هذه المعمعة الشرق أوسطية، يأتيك مبعوث الرئيس الأميركي طوماس براك (اللبناني الأصل بالاسم فقط ولكنه سوريّ الهوى بدليل تصريحاته المتعاقبة)، بتصريحاته المتناقضة عن لبنان والدولة والحكومة فيه، وحرصه على عدم تدهور الحال الأمنية او اندلاع حرب أهلية، ليعود ويهدد بالويل والثبور ان لم تتخذ الدولة قراراً حاسماً بنزع سلاح ​حزب الله​، مهما كان الثمن (طالما ان اميركا وسوريا لن يدفعا الثمن).

ومنذ اضطلاعه بالملف اللبناني ضمن مهامّ تشمل سوريا وتركيا، كان اللبنانيون يتندرون بتقلب مواقف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، فإذا ببراك قد تخطى الزعيم اللبناني في هذا المجال، وصلت رسائله الى اللبنانيين مليئة بالغموض، فلم يعرفوا ما اذا كان الى جانبهم او ضدهم، وما اذا كانت الإدارة الأميركية حريصة على لبنان ام على تنفيذ الاستراتيجية الموضوعة للمنطقة اياً يكن مصيره وفي هذا الجو، يعيش لبنان في حلقة انتظار: دعم ووعود، ثم شروط وتغيير، ثم تحذيرات ومطالب.

المضحك المبكي انه حين اعتمد براك الخطاب "الليّن"، تبنّت الدول العربية والغربية هذا الخطاب، هو نفسه خطاب "مراعاة خاطر الطائفة الشيعية" الذي كان سيترجم على الأرض بأنه دعوة إلى التهدئة وإلى الحوار وليس المواجهة العنيفة. لكن، عند تغيّر النغمة الأميركية نحو "استعادة الدولة هيمنتها" و"السيطرة على السلاح" و"إلا فالعواقب"، تغيّرت أيضاً مواقف الدول المساندة. هذه التحوّلات المفاجئة تُظهر أن الدول لم تكن فعلياً تتبنّى سياسة مستقلة، بل كانت تتبع المزاج الأميركي، وهو ليس بأمر مفاجئ ولكنه مؤسف. وبالتالي، لا يحتاج الامر الى الكثير من التحليل للاستنتاج أن القوى الأميركية، الأوروبية، والعربية لم تكن يوماً في موقع مخلص حقيقي للبنان، بمعنى دعم البلد كي يكون صاحب قراره بيده، مستقلاً، قوياً. بل إن هذه القوى شاركت، من خلال سياسات متعدّدة، في إبقائه ضعيفاً نسبياً: سمحت بإخضاعه للاحتلال السوري لنظامي حافظ وبشار الأسد، من دون أن يرف لها أي جفن، لا بل صفقت ودعمت وشجعت، وتركت الفساد والهدر ينخران لبنان فيما وقفت متفرجة، ولم تعترض على تنامي وتعاظم حزب الله طوال العقود الأخيرة، كما انها اعطت الجيش اللبناني مساعدات عسكرية تسمح له فقط بتولي الامن الداخلي، وهذه حقائق لا يمكن لاحد ان ينكرها. بعبارة أخرى، عاش لبنان، ولا يزال، ضمن شبكة مصالح دولية وإقليمية أكثر منها شبكة امان ودعم صادقين.

إزاء هذا الوضع، يظهر بوضوح ان المشكلة ليست بالمطلق سلاح حزب الله أو ​إعادة الإعمار​ أو المساعدات، بل عدم الجلوس إلى طاولة تفاوض مباشر مع إسرائيل، لان من شأن ذلك ان يكون الحل السحري لكل العوائق التي يتم الحديث عنها حالياً، فعندها فقط، تصبح مسألة نزع او تسليم السلاح قابلة للانتظار بعض الوقت، ويتم تسريع خطى إعادة الاعمار ويكشف العرب والغرب عن وجههم "الودي" وتغدق الأموال من كل حدب وصوب، ويعود لبنان محط اهتمام بشكل خاص وليس فقط تابعاً للوضع في المنطقة، ويعود الحديث عن استثمار ​الغاز والنفط​، وربما يدخل نادي المصدّرين...

وبالتالي، يمكن قراءة المستقبل اللبناني وفق الآتي:

-إما الاندفاع نحو حصر السلاح بالدولة مهما كان الثمن، مع كل المخاطر الداخلية المحدقة به، ولكنه يعطي استقراراً داخلياً ويبقي لبنان تابعاً للوضع في المنطقة.

-إما ان تطول فترة (إدارة الازمة)، أي تبقى الأمور على حالها، والتأرجح قائماً بين الاستقرار واللااستقرار، وهو حالياً الأكثر احتمالاً إذا لم تُجرَ مفاوضات مع إسرائيل أو إذا لم تُنفّذ خارطة الطريق بكاملها.

-إما التمثل بالنموذج السوري الحالي والإسراع الى التفاوض مع إسرائيل، وهو امر لا يزال الأقل احتمالاً في المدى القريب. وعندها، يصبح لبنان نقطة جذب استثمارياً وسياحياً، وتحل مشكلة السلاح كجزء من مفاوضات شاملة، وتبدأ صفحة جديدة في تاريخ لبنان يكون فيه مسلّماً امره لاميركا بشكل كامل، وخاضعاً للقوة الإسرائيلية (التي باتت امراً واقعاً للأسف).

طوني  خوري -النشرة

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا