إقتصاد

لماذا تراجعت أسعار الذهب... وهل ستعاود الارتفاع؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

من يرصد حجم تراجع أسعار الذهب عالمياً في الأيام القليلة الماضية بنسبة تفوق 7 في المئة يعتقد أن فورة المعدن الأصفر قد هدأت. لكن في واقع الأمر لا تزال المؤشرات جميعها تتّجه نحو مزيد من الارتفاعات المستقبلية.

عزا البعض الخسائر التي سجّلها الذهب مؤخراً، وهي الأكبر منذ العام 2013، إلى انتهاء موسم الأعياد في الهند، ثاني أكبر مستهلك للذهب في العالم، وتراجع الطلب تزامناً مع التفاؤل الحذر بشأن اتفاق تجاري محتمل بين واشنطن وبكين وانعكاسه إيجاباً على الدولار. غير أن كل تلك العوامل ليست حاسمة بشأن مستقبل الذهب.

فالعوامل التي دفعت إلى جنون الذهب منذ بداية العام الحالي ورفعته بأكثر من 60 في المئة لا تزال قائمة، وهي عوامل استراتيجية، وليست ظرفية، كما الطلب في الهند أو عاصفة الرسوم الجمركية الأميركية. من هنا تتزايد الأسئلة حول ما إذا كان الذهب سيستأنف رحلة صعودة مجدّداً.

أسباب التراجع "ظرفية"

خسر الذهب أكثر من 330 دولاراً للأوقية (الأونصة) خلال أيام قليلة، قبل أن يهدأ في محيط 4100 دولار. ويجمع الخبراء والمحللون على أن هذا الانخفاض هو "تصحيح" أو ما يشبه الهدنة وليس تراجعاً طويل الأمد.

وقد ربطت مؤسسات دولية وخبراء الهدنة التي دخلها المعدن الأصفر بعدة عوامل ضاغطة، يتصدّرها تقدّم المحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية وارتفاع الدولار كردّ فعل على العامل الأول، ما جعل الذهب أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين في العالم. كما لم يستهن البعض بعامل انتهاء موسم الأعياد وشراء الذهب في الهند وهي أحدى أكبر أسواق الذهب عالمياً.

وقد وصف أحد المحلّلين الدوليين مسألة تراجع أسعار الذهب مؤخراً بأنها مجرّد استراحة موقتة يتنفّس فيها الذهب ثم يعاود الانطلاق. ويقارن المحلّل بين نسبة صعود الذهب منذ بداية العام بما يتجاوز 60 في المئة ونسبة تراجعه بنحو 7 في المئة ليؤكد أن تراجع الأسعار ليس سوى حركة تصحيحية لن تدوم طويلاً.

باختصار، ووفق المنطق العلمي للتداول، لا يمكن لأي أداة مالية أن ترتفع بشكل دائم ومستمر. فالعمليات التصحيحية التي تدخلها الأدوات المالية من شأنها موازنة الأسواق وتهدئتها. ويتوقع محللون أن يستمر تراجع أسعار الذهب إلى ما دون 4000 دولاراً للأونصة قبل أن يستأنف الصعود مجدّداً.

أسباب الارتفاع "استراتيجية"

تتفاوت الأرقام والتوقعات حيال مستقبل الذهب بين الخبراء. لكن الجميع يلتقي على أن المعدن الأصفر في طريقه إلى الصعود من جديد لأسباب استراتيجية بعيدة الأمد، في مقدّمها الديون العالمية وضعف الدولار وعموم العملات النقدية.

وبحسب بيانات وزارة الخزانة الأميركية، يبلغ الدين الوطني في الولايات المتحدة 37.64 تريليون دولار حتى 30 أيلول 2025، أي نحو 125 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. أما دين الصين، فيبلغ نحو 16.6 تريليون دولار، واليابان 10 تريليونات دولار، أو ما يوازي 236 في المئة من ناتجها المحلي، في حين وصل الدين العام للاتحاد الأوروبي إلى 14.1 تريليون يورو، أي ما يعادل 81.8 في المئة من الناتج الإجمالي، وفق المكتب الإحصائي للاتحاد الأوروبي "يوروستات" ومنصة جمع البيانات والإحصاءات العالمية "ستاتيستا". ولا تقتصر الديون العالمية على الدول السابقة الذكر. فثمة ديون متراكمة على غالبية دول العالم تقدّر بأكثر من 330 تريليون دولار. وهذا الكم الهائل من الديون العالمية من شأنه إضعاف الثقة بالعملات كملاذ آمن.

وعندما نتحدّث عن ديون دول عظمى واقتصادات كبرى، فذلك يزيد مباشرة مستوى المخاطر على النظام المالي العالمي، وهذا الأمر تحديداً هو ما يدفع المصارف المركزية إلى زيادة احتياطاتها من الذهب.

وتشير التوقعات إلى أنّ الذهب بدأ عصر استعادة مكانته كأصل استراتيجي عالمي مع تزايد الإقبال عليه من قبل المستثمرين والبنوك المركزية. ومن العلامات البارزة على دخولنا عصر الذهب، أن حصّة المعدن الأصفر في احتياطيت البنوك المركزية تجاوزت حصّة سندات الخزانة الأمريكية، للمرة الأولى منذ العام 1996، ما يعكس تبدّلاً في الثقة بين الدولار والذهب.

الذهب إلى اين؟

تتفاوت توقعات المحلّلين الدوليين حيال الذهب، لكنها تصب جميعها في خانة استمرار تصاعده خلال السنوات المقبلة. وتتوقع مؤسسات دولية، من بينها جي بي مورغان (JPMorgan) وغولدمان ساكس ،(Goldman Sachs) استمرار الاتجاه الصعودي. إذ قد يصل الذهب إلى 4900 دولار في 2026، وربما 8000 دولار بحلول 2028، مع تحوّل زخم الطلب من دول آسيا كالصين والهند، إلى الأسواق الغربية.

ويتصح غولدمان ساكس عن استمرار تفاؤلها هيكلياً بشأن الذهب رغم التراجع الأخير في الأسعار، مستشهدة باستمرار طلب البنوك المركزية والاهتمام المتزايد من المستثمرين بالمعدن كأداة تحوّط استراتيجي.

وبحسب تقارير مؤسسات مالية كبرى مثل إتش إس بي سي (HSBC) وستاندرد تشارترد (Standard Chartered) وساكسو بنك (Saxo Bank)، فإن الهبوط الذي حصل في أسعار الذهب لا يتعدّى كونه تصحيحاً موقتاً، وتراهن هذه المؤسسات على بلوغ سعر أونصة الذهب 5000 دولار خلال العام 2026، لا سيما في حال استمرار الظروف الجيوسياسية والاقتصادية الراهنة.

في المحصلة، أيّاً كان مستقبل أسعار الذهب على المديين القريب والبعيد، فإنه أثبت نفسه كأحد أهم العناصر في الاحتياطات المالية العالمية. وعلى رغم احتمالات التقلب بفي لاسعار على المدى القصير، إلا أن الاتجاه الصعودي الطويل الأمد للمعدن الأصفر يُعد شبه محسوم.

عزة الحاج حسن - المدن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا