الصحافة

تل أبيب "تستضيف" الأقليات السورية والعراقية: فهل تملك دمشق إستراتيجية الرد؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

عقد «ممثلون عن الأقليات السورية والعراقية» مؤتمرا لهم بتل أبيب يوم أول من أمس الاثنين، وقد شارك في المؤتمر جمعيات، ومنظمات، وشخصيات دينية وسياسية من «الأقليات» في سوريا والعراق، مثل الدروز والعلويين والأكراد والإيزيديين والمسيحيين السريان والآشوريين، كما شارك في المؤتمر ناشطون من أوروبا والولايات المتحدة، جنبا إلى جنب عدد من الشخصيات الإسرائيلية، الذين كانت لبعضهم صفة رسمية مثل عضو «الكنيست» أكرم حسون، في حين كانت لبعضهم حيثية معينة مثل المستشرق مردخاي كيدار، الذي ألقى محاضرة بعنوان «الإمارات السورية المتحدة»، وليس من الصعب تبين المرامي التي هدفت إليها المحاضرة، فعنوانها صريح وواضح، والإعلامي الإسرائيلي تسفي يحزقيلي، الذي ألقى هو الآخر محاضرة بعنوان «الإسلام والأقليات»، وهي، كسابقتها، عنوانها كفيل لتبيان مراميها.

انعقد المؤتمر في «مركز ZOA»، المنظمة الصهيونية الأميركية التي تأسست العام 1897، بدعوة من إيلي كوهين، الباحث في شؤون الشرق الأوسط والأقليات، وهو لبناني المولد، الذي نشر على صفحته، قبيل يوم من انعقاد «المؤتمر»، رزمة من التوصيات المقترحة للمؤتمر، والتي كان من أبرزها: «تأسيس مكتب ارتباط إقليمي افتراضي يضم شخصيات سياسية يمثلون مختلف مكونات المنطقة»، و«اعتماد شركة حقوقية قانونية في اسرائيل، ترتبط مباشرة بمكتب الإرتباط السابق، ومهمتها: إعداد تقارير دورية شهرية ترفع إلى مكتب رئيس الوزراء، ولجنة الأمن في ( الكنيست)»، وصولا إلى «إنشاء منصة إعلامية رسمية تمثل مكتب الارتباط، على أن تصدر هذه الأخيرة نشرة نصف شهرية تتناول فيها أوضاع الأقليات في المنطقة».

يلاحظ على المشاركين من «الأقليات» السورية في المؤتمر أن العديد منهم «غير معروف» حتى في الأوساط التي يدعي تمثيلها، أو انهم أقرب للحالات الفردية التي عانت من ظروف خاصة دفعت بها نحو خيارات من هذا النوع، فقد أكدت مصادر للـ«الديار» أن الشيخ مروان كيوان، الذي حضر ممثلا عن الدروز في السويداء، سبق وأن تعرض لأزمتان دفعتا به نحو تبني خطاب متطرف وبشكل تصاعدي، الأولى زمن النظام السابق الذي اغتالت مخابراته ابنه بعيد سنوات من الأزمة، والثانية عندما نسب إليه، قبل أشهر، شريط فيديو مزور حول شتم الرسول الكريم ( ص)، في حين لم يكن أي من الممثلين عن العلويين يحظى بأي حيثية حقيقية باستثناء منى غانم، المتحدثة باسم «المجلس الإسلامي العلوي الأعلى»، التي أكدت مصادر للـ«الديار» حضورها، في حين أكدت مصادر أخرى عكس ذلك، فسامر ابراهيم، الحامل للجنسية الأميركية وعضو «الحزب الجمهوري» كما قيل، هو مهندس زراعي من القرداحة هاجر إلى الولايات المتحدة قبل سنوات، ولم يسبق له أن اهتم بالشأن العام على الإطلاق، أما حسن مرهج، وهو دكتور في الإعلام ولا يحمل صفة «الشيخ» كما جرى توصيفه، وهو من قرية «الغجر» العلوية بالجولان المحتل، كما لم يسبق لأحد أن سمع به كناشط ديني أو سياسي، أما عارف باوجاني، الذي يشغل منصب رئيس حزب «استقلال كردستان» الناشط في إيران، فهو لا تأثير له يذكر في الساحة الكردية في سوريا.

من المؤكد أن الهدف الرئيسي لعقد مؤتمر من هذا النوع هو الاستثمار في الشرخ الطائفي الحاصل في سوريا بعيد مجازر الساحل ومجازر السويداء، شهري آذار وتموز الفائتين، الأمر الذي يظهر بوضوح من خلال الكلمات التي ألقاها المحسوبون على غرف «صناعة القرار» السياسي في تل أبيب، فقد خاطب أكرم حسون، عضو «الكنيست» الإسرائيلي، الحضور قائلا «لكم بيت في أورشليم القدس وتل أبيب، أهلا وسهلا بالجميع»، وجاء ذلك بعد مطالبة حسن مرهج بـ«إقامة دولة علوية»، داعيا كيان الاحتلال إلى «تقديم دعم لوجستي لها»، وزاعما بأن هناك «آلافا، بل عشرات الآلاف، من الأسود على الأرض، وهم جاهزون»، وبعد قول سامر ابراهيم: «مشيت في شوارع تل أبيب، ورأيت مظاهر الحياة التي نريدها»، حيث سيتابع أكرم حسون الشد على عصب هؤلاء مضيفا: «إن تجربة العلويين والدروز مع الإرهاب التكفيري مثل تجربة اليهود مع النازيين»، لكن من المؤكد أيضا أن «نجاح» تل أبيب في استقطاب هذا «الطيف» المتنوع، برغم هامشية تمثيله، يشير إلى وجود «نخر» في البنيان السوري، لا بديل عن معالجته بشكل سريع.

تضع هذه الخطوة حكومة دمشق أمام خيارين لا ثالث لهما، الأول هو أن تكتفي بإصدار تصريحات «عامة» تشير، من حيث النتيجة، إلى وجود قرار بـ«تجاهل» ما جرى، وكأن شيئا ما لم يحدث، وهذا سيقود بالضرورة إلى تنامي لهجة «التخوين»، وبث الفرقة والعداء تجاه الأقليات، وهذا، فيما لو حدث، سيعني تكريسا لمزاج عام سبق له وأن ساعد في إثارة الفرقة والعداء على حد سواء، ومخرجاته هي التي ساعدت في تهيئة المناخات لانعقاد ذلك المؤتمر، الذي كان وجود طرحه هو ضربا من الخيال قبل نحو عام، والثاني أن تقرر السلطة «سحب البساط» من تحت قدمي تل أبيب، وهذا القرار يحتاج بالتأكيد إلى القيام بخطوات «جريئة» بدرجة قد تكون غير معهودة، من نوع أن تذهب السلطة إلى تقديم «اعتذار» عن مجازر الساحل والسويداء، ثم تبدأ بتطبيق مبدأ المحاسبة على مرتكبي تلك المجازر، على أن يكون ذلك عبر مسار قضائي حيادي، وإقامة محاكمات علنية يتمتع فيها الشهود، والإعلام، بحرية مطلقة في تقديم شهاداتهم، ومن ثم الرد على «مؤتمر تل أبيب» بمؤتمر مضاد، يحضره ممثلون عن «الأقليات» من ذوي التمثيل الحقيقي، على أن يكون مقره دمشق، وفيما عدا ذلك فـ«النخر» الذي كشف عنه «مؤتمر إيدي»، سيكون على موعد مع توسعات جديدة، وصولا إلى خلق مزاج «أقلوي» يستسيغ «الوصاية» الإسرائيلية

عبد المنعم علي عيسى-الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا