محليات

لبنان: تفاهم مار مخايل بخير… والعتب لم يبلغ التخوين

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا


طارق اسماعيل - كاتب لبناني

تلازمت تجربة باسيل السياسية مع تفاهم "مار مخايل"، وهو في رده على الوعد المنكوث، منَّن امين عام "حزب الله" بأنه من جذب ميشال عون إلي التفاهم المذكور. وأغلب الظن أن اهتزازاً على إيقاع جلسة حكومية ، لن يُسقط تفاهماً لا تزال مناعته متوفرة بانتظار مآل رئاسة الجمهورية.

 لم يستنفد تفاهم “مار مخايل” مناعته. هذا ما وشى به الرد المقتضب والخفِر من الوحدة الإعلامية لـ”حزب الله” على الكلام العالي النبرة لجبران باسيل، والذي أعقب الجلسة الأخيرة لحكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي.

   بعد كلام باسيل، انتظر خصوم طرفي التفاهم، كما حلفائهما، تصدعه، وذهب بعضهم إلى نعيه، وهو مؤشر على الانسداد  الذي يعيشه هذا التفاهم في السياسة اللبنانية ومفاصلها، ورئاسة الجمهورية انسدادها الراهن.

 رد “حزب الله” خذل على الأرجح هؤلاء الخصوم، كما الحلفاء. 

   وما من شك أن خصوم باسيل المسيحيين كانوا الأكثر غبطة بكلام رئيس التيار الوطني الحر بعد اجتماع الحكومة حينها، وهم راهناً الأكثر خيبة بعد رد “حزب الله”.

  الصمت المدروس، أو رد الفعل المتحفّظ، اللذين مورسا من حزبي “القوات اللبنانية” و”الكتائب” تحديداً، وحتى من البطرك الماروني بشارة الراعي، قبل وبعد الجلسة، والتسليم المفتعل لباسيل بتصدر المشهد الخلافي، يشي بأن هؤلاء أرادوا تكثيف التباين بين الأخير و”حزب الله”، وأن الأثر السلبي لهذا التباين سيرتد عليه. وفي عقل هؤلاء أن الصوت العالي لباسيل لن يُسيَّل استقطاباً مسيحياً لتيار استهلك كل وسائل الاستقطاب في الشارع المسيحي، لكنه سيصيب، أقله،  الرافعة الأساسية للحضور السلطوي العوني، أي تفاهم “مار مخايل”، وأن تصدع الأخير، أو تلاشيه يبقى رهناً بهذا التباين الذي رفعه باسيل إلى حدود غير معهودة.

 

   لم يجار “حزب الله” حليفه في الرد، وبالتالي نوايا خصومه. لكن عدم مجاراة باسيل تدل على خشية مقنعة لدى الحزب من الحلفاء أكثر من الخصوم. فلإن صحَّ أن باسيل لم يذهب في مقارباته مذهب الخصوم وهو يصوِّب على “المقاومة”، فإن مقاربة كهذه من الخصوم كانت لتستدرج في رد الحزب سلالتي التخوين والعمالة، والسلالتين أدرجتا في بيان الوحدة الإعلامية كعتب اقترفه العونيون هذه المرة بحق الحزب. وبدا أن الأخير تحكمه الخشية من ضجيج جبران باسيل أكثر من مُسلمات خصومه. 

   ضجيج جبران باسيل، ورد الحزب، كثَّفا مفاعيل الخيبة عند الخصوم. وباشرا سياقاً جديداً لن يُنعى معه التفاهم على وقع التباين الراهن، بل أسسا غالباً لنعي جلسات قادمة لحكومة نجيب ميقاتي إذا لم تحظَ مستقبلاً بالرضا الباسيلي.

  لكن مضبطة واحدة وفرها “حزب الله ” لخصوم باسيل. وإن أوردها في بيانه  بخفر، ثم أدرجها كالتباس في فهم ما اتُفق عليه بخصوص اي جلسة للحكومة. 

   مسوِّغ الرد بدا هنا تحديداً. لم يحتمل “حزب الله” نقيصة “نكث العهود” التي تحدث عنها باسيل، متناسياً، أي باسيل، أن وعداً من أمين عام الحزب حسن نصرالله لميشال عون كلَّف لبنان فراغاً رئاسياً لعامين ونصف. 

والمقاربة بما تحمله في زمنيها من مساوئ على اللبنانيين، تفضي إلى تشارك قصري أتاحه تباين الطرفين. فها نحن نتشاطر مع “حزب الله” كذب جبران باسيل، وإن مكرهين بوعود الأول.

  عموماً، يمكن للمرء ان يرصد تباينات سابقة بين جبران باسيل و”حزب الله”، وتحديداً في علاقة الأخير مع حلفائه، لا سيما برئيس “حركة أمل” نبيه بري، لكنها المرة الاولى التي يعلو فيها صوت باسيل بهذه الوتيرة.

  يفترض رئيس التيار الوطني الحر ان لا صوت يعلو فوق صوته. والأمر يقدح الذاكرة على نشرة(صحيفة) سياسية مكتوبة كانت تُروِّس صفحتها الأولى بأنها “صوت الذين لا صوت لهم”، وهي غالباً ما كانت “صوت الذين لا صوت يعلو فوق صوتهم”، وآخرهم “حزب الله”.

  راهناً، جبران باسيل يقدم نفسه قرين حالتي الصوت واللاصوت، تماماً كالنشرة الآفلة. وهو، وهنا المهم، يقدمها كضحية الحالة الثانية أمام”حزب الله”، وهذه اغلب الظن مشقة الصوت التي تنتاب المأزوم على شكل صراخ، وتفاهم “مار مخايل” في راهنه يقدم لنا النسخة الكربونية عن الصراخ، بعد أن أرهقتنا نسخته الأصلية .

   زمنياً، تلازمت تجربة باسيل السياسية مع تفاهم “مار مخايل”، وهو في رده على الوعد المنكوث، منَّن امين عام “حزب الله” بأنه من جذب ميشال عون إلي التفاهم المذكور. وأغلب الظن أن اهتزازاً على إيقاع جلسة حكومية ، لن يُسقط تفاهماً لا تزال مناعته متوفرة بانتظار مآل رئاسة الجمهورية التي علا صوت جبران باسيل في سياقها.

  في آخر جلسات حكومة نجيب ميقاتي، أتاح جبران باسيل للأخير أن يتسلّل بصوته إلى وجدان اللبنانيين من باب أدوية الأمراض السرطانية والمزمنة، وهم المصابون أصلاً بأمراض “مجازية” واقتصادية يتسبب بها نجيب ميقاتي والتي كان آخرها براءة ذمة مالية لشركة “ليبان بوست”.

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا