لماذا وضعت أميركا «الإخوان المسلمين» على لوائح الإرهاب؟
يأتي قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات “إرهابية” ضمن سياق أوسع يسعى للتخلص من جميع أشكال التطرف السني والشيعي في منطقة الشرق الأوسط، ومنع انتشار السلاح بين هذه القوى. يهدف هذا القرار إلى إنهاء مفهومي “الدويلات” والاقتتال المذهبي، وبالتالي العمل على دعم استقرار الدول في المنطقة، وتوفير الظروف الأمنية الملائمة لبناء شراكات اقتصادية، مما يسهم في فتح باب التنمية المستدامة ويحد من أسباب الحروب.
ويُنظر إلى الجماعة الإسلامية كجزء من هذا التطرف الإسلامي المسلح بوصفها من أقرب حلفاء إيران و”ولاية الفقيه”، الأمر الذي يضعها ضمن دائرة الاستهداف الأميركي.”
تبرير القرار الأميركي
لقد برّرت الإدارة الأميركية قرارها بتصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين ضمن لوائح الإرهاب بمجموعة من الدوافع الأمنية، حيث أكدت أن هذه الفروع تغذي الفكرالمتطرف وتدعم أعمال العنف التي تهدد الاستقرارالإقليمي. كما اتهمت هذه الفروع بتقديم دعم لوجستي أو مادي لحركة حماس أو المشاركة في الهجمات التي تستهدف إسرائيل. واعتبرت واشنطن أن استمرار عمل هذه الفروع يعرقل مساعيها لتعزيز الأمن مع حلفائها في المنطقة. وبذلك، يُفتح الباب أمام فرض عقوبات تشمل تجميد الأصول المالية، منع دخول أفراد مرتبطين بها إلى الولايات المتحدة، وتقييد أي معاملات قد تُفسّر كدعم لها.
إن قرار ترامب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية، الذي وقع في 23 تشرين الأول 2025، يمثل خطوة هامة في سياسة الولايات المتحدة تجاه الجماعة، وهو يعكس تطورًا في استراتيجيات مكافحة ما تعتبره تهديدات إرهابية في المنطقة. وفي هذا السياق، يمكن فهم القرار من عدة زوايا:
1-تصنيف الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية: إذا تم تنفيذ الأمر التنفيذي كما هو مخطط، فهذا يعني أن فروع الإخوان في دول مثل لبنان، مصر، والأردن ستخضع لعقوبات على اعتبار أنها “منظمات إرهابية أجنبية”. هذا التصنيف يترتب عليه تجميد أصول مالية لهذه الفروع في الولايات المتحدة، ومنع دخول أفراد منها، فضلاً عن فرض عقوبات مالية إضافية.
2-التأثير على حركات المقاومة في الشرق الأوسط: يتهم القرار بعض فروع الإخوان بدعم الهجمات ضد إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة، بالإضافة إلى دعم حركات مثل حماس. يعتبر هذا التحرك جزءًا من السياسة الأميركية لتقويض الأنشطة التي تساهم في زعزعة الاستقرار في المنطقة.
3-الدور الاستراتيجي للأمر التنفيذي: من خلال هذا التحرك، تهدف الولايات المتحدة إلى التأثير على سياسات الدول التي تستضيف فروع الإخوان المسلمين أو تدعمها. هذا القرار يُنظر إليه كجزء من الضغط على الأنظمة التي تعتبرها واشنطن متراخية في محاربة الإرهاب.
4-الردود الدولية: يُثير هذا القرار تساؤلات حول تأثيره على العلاقات بين الولايات المتحدة ودول المنطقة، خصوصًا تلك التي تضم فروع الإخوان. قد يؤدي ذلك إلى توترات دبلوماسية، خصوصًا في الدول التي تحتوي على جماعات إسلامية قوية.
5-الهدف طويل الأمد: جزء من الهدف الأميركي هو تقليل نفوذ الإخوان المسلمين في المنطقة والعالم. يُعتبر هذا القرار جزءًا من حرب أوسع ضد الجماعات التي تُعتبر متطرفة، ويُظهر موقف واشنطن من الجماعات التي تهدد مصالحها.
التداعيات على الجماعة الإسلامية في لبنان
قرار ترامب بتصنيف بعض فروع الإخوان المسلمين على لوائح الإرهاب فتح المجال لتفسير أوسع لتوجهات الولايات المتحدة في المنطقة، وخاصة في لبنان. كان لهذا التصنيف تبعات خاصة على الجماعة الإسلامية وجناحها العسكري “قوات الفجر”، ويمكن تلخيص التأثيرات على النحو التالي:
1-تماهي مع المواقف الإقليمية: يتماشى القرار الأميركي مع مواقف دول الاعتدال العربي، التي لطالما كانت جميعها في موقف سلبي تجاه جماعة الإخوان المسلمين، خاصة فيما يتعلق بأنشطتهم السياسية والعسكرية في المنطقة. لأن دول الاعتدال العربي تحالفات مع الحكومات التي تصنف الإخوان كمنظمات متطرفة، مما يعزز موقف ترامب في هذا السياق.
2-دور”قوات الفجر” في لبنان: “قوات الفجر” هي الجناح العسكري للجماعة الإسلامية في لبنان. لقد لعبت دورًا بارزًا في المواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي منذ الثمانينيات، وتجدّد هذا الدور في السنوات الأخيرة مع اندلاع “حرب الإسناد” بعد “عملية طوفان الأقصى” في 2023. شاركت القوات في إطلاق صواريخ ضد المواقع الإسرائيلية بالتنسيق مع “حزب الله”. هذا الدور العسكري يعكس تحولًا في استراتيجية الجماعة الإسلامية في لبنان، حيث أصبحت جزءًا من الصراع الإقليمي.
3-التبعات السياسية والعسكرية على الجماعة الإسلامية في لبنان: تصنيف “قوات الفجر” كمنظمة إرهابية قد يضع الجماعة في مواجهة تحديات كبيرة. فمن جهة، يمكن أن يُؤثر هذا التصنيف على الأنشطة السياسية للجماعة التي لها تمثيل في البرلمان والمجالس البلدية. ومن جهة أخرى، يمكن أن يعقد قدرتها على الحفاظ على دعمها الشعبي في المناطق السنية، ما سيكون له أثر واضح على التداعيات الأمنية والاقتصادية وفقًا لما يلي:
1- التداعيات الأمنية: تصنيف “قوات الفجر” كمنظمة إرهابية يترتب عليه عدة تداعيات أمنية، بما في ذلك:
-تجميد الأصول: قد يؤدي إلى تجميد أصول الجماعة في الولايات المتحدة أو في دول متعاونة مع واشنطن، مما يعقد قدرتها على جمع الأموال أو الحصول على دعم لوجستي.
-استهداف الأفراد: قد تواجه أعضاء الجماعة إجراءات منع دخول الولايات المتحدة، ما يعقّد قدرتهم على التواصل مع حلفاء دوليين.
-تضييق الأنشطة العسكرية: التصنيف كمنظمة إرهابية قد يعقد أي تحركات عسكرية مستقبلية للجماعة.
2-التداعيات السياسية: التهديد لمصداقية الجماعة السياسية حيث تم تصنيف جناحها العسكري كمنظمة إرهابية قد يضعف من موقفها السياسي في لبنان، ويؤثر على قدرتها في التأثير في المؤسسات اللبنانية.
كذلك محاولة لإضعاف العلاقات مع القوى الإقليمية لان التصنيف قد يعمق الهوة بين الجماعة وحلفائها الإقليميين، خاصة إذا رأت هذه الأطراف أن واشنطن تتدخل بشكل مباشر في الشؤون اللبنانية.
3-التحديات الداخلية والخارجية: الخروقات الإسرائيلية: استمرار الانتهاكات الإسرائيلية على الحدود اللبنانية، رغم اتفاقات وقف إطلاق النار، يبرز تحديات أمنية للحكومة اللبنانية.
إذًا، هناك حاجة إلى مقاربة سياسية حيث تدعو هذه التطورات إلى تبني مقاربة شاملة تتجاوز الحلول الأمنية لتأخذ في الاعتبار الشرعية الشعبية، والتي تعد عاملاً مهمًا في التهدئة السياسية.
4- تأثيرات اجتماعية: إن التصنيف الإرهابي قد يؤثر على قدرة الجماعة الإسلامية في لبنان على الاستمرار في عملها الاجتماعي والتعليمي، الذي يشمل العديد من المؤسسات التعليمية والخيرية.
هنا نرى أن تداعيات قرار ترامب على الجماعة الإسلامية في لبنان قد تتجاوز الأبعاد الأمنية لتطال الجوانب السياسية والاجتماعية. تصنيف “قوات الفجر” كمنظمة إرهابية يمثل تحديًا للجماعة في سعيها للمحافظة على استقرارها الداخلي وخططها المستقبلية. في النهاية، يتطلب الأمر معالجة شاملة بين الحلول الأمنية والشرعية الشعبية لتحقيق الاستقرار في لبنان.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|