الصحافة

رياض سلامة للسياسيين والمصارف: أنتم أسوأ مني

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في معرض فرصته «الذهبية» لتقديم روايته عن الانهيار النقدي والمصرفي وعن المسؤوليات، رفض رياض سلامة تحميله أي مسؤولية انطلاقاً من أن قراراته بإقراض الدولة أدّت إلى هذا الانهيار. «عليّ مسؤولية. ليكن. لكن لست وحدي». سردية سلامة وإن كان فيها الكثير مما يبدو صحيحاً، إلا أنها أيضاً تُظهر حجم الانخراط بين القوى السياسية والمصارف والحاكمية.

يزعم بأن القانون يفرض عليه إقراض الدولة، وأن المصارف ساعدت الدولة على تبديد أموال المودعين، ولكنه في المقابل يكيل الاتهامات بتدمير «نموذج ناجح».

فلو كان النموذج ناجحاً لما اضطرت الحكومة أن تلجأ إليه أو إلى المصارف للحصول على التمويل بشكل مفرط، ولما كانت قرارات الحاكم اتخذت تطبيقاً حرفياً لمادة في القانون.

المقارنة بين رياض سلامة وإدمون نعيم لا تصحّ قطعاً، ليس لأن الظروف مختلفة كما أورد سلامة في مقابلته المدبّرة على قناة «العربية»، بل لأن رواية النائب السابق للحاكم غسان العياش، والموثّقة بكتابه «وراء أسوار مصرف لبنان» تكذّب كلام سلامة عن نعيم وقراراته تجاه التعامل مع الدولة، وتكشف عن هوسه المجنون بـ«الأنا» التي كانت قبل سنوات في خدمة أركان النظام وتنظر إليهم اليوم بعين «العجز». يدرك سلامة أنهم عاجزون. يدرك ذلك بعد خروجه من السجن بكفالة ضخمة، وإلا لما تجرأ على مقابلة كهذه ليقول لهم: أنتم أسوأ مني.

بمعزل عن كل ما يمكن أن يُقال عن الضعف المهني في مقابلة رياض سلامة على قناة «العربية»، ومحاولات التوجيه السياسي التي حضرت في غالبية الأسئلة، إلا أن حنكة سلامة في التعامل مع الإعلام، والتي اكتسبها على مدار 30 سنة من حكم المصرف المركزي، قادته نحو نمط من الإجابات يقدّم فيه الاتهامات والالتماسات من دون أن يطلقها.

هو المعروف بأنه صاحب «البوكر فايس»، أراد من وجهه أن يكشف عن كل علاماته التي اكتسبها من «ظلم» شركائه في الحكم من الانهيار وصولاً إلى «زجّه» في السجن بتهمة «بايخة» مثل اختلاس 40 مليون دولار. لذا، قالها علناً: «يدققون في 40 مليون دولار لإلهاء الناس عن 47 مليار دولار (...) على المودعين التفتيش في المكان الصحيح».

«تصدق الناس أنّني من سرقت أموال المودعين وحدي، وأنّني من وضعتها في المركزي وأعطيتها للدولة، وهذه ليست من صلاحياتي. بينما الواضح، أنّ المصارف هي التي اكتتبت مع الدولة، وهي حرّة في قرارها، ولا أحد يجبرها»، كانت عبارة لافتة من سلامة. اتبعها بسردية كاملة؛ «لم أكن واحداً منهم»، «لا أحد مهتم من سياسيي المنظومة». قصّتي لا تشبه قصّة إدمون نعيم الذي «رفض تمويل باسبورات»، وأنا ربّ الاستقرار على مدى 27 عاماً وتمكنت من استقطاب تدفقات إلى لبنان بقيمة 450 مليار دولار لتمويل عجز في الموازنات بقيمة 130 مليار دولار وعجز في الميزان التجاري والمالي بأكثر من 300 مليار دولار.

ما يقوله رياض إن هذه كانت خدمات جلّة لنظام الحكم في لبنان. ولكنه أقرّ بأنه لم يكن مجرّد مدير لقناة التمويل، بل كان مؤسّساً لـ«النموذج». ومع ذلك، لم يكن هو من ينفق: «المموّل غير الذي ينفق». فهناك «حكومات ورؤساء جمهوريات وعدد من المجالس النيابية، اتخذوا القرارات وصوتوا على القوانين وصرفوا الأموال».

بمعنى أوضح أن، قراراتهم هذه أدّت إلى تبديد الودائع وإلى الانهيار النقدي والمصرفي الذي يربك الجميع منذ سنوات حتى الآن. فقد كان مطلوباً منهم «الإصلاح» لكنهم لم يستمعوا طوال سنوات، ثم أتاهم دايفيد ساترفيلد وطلبه مباشرة، لكنهم تجاهلوه «ولبنان لا يستطيع أن يعيش من دون دولارات». فعندما يفقد الأميركي اهتمامه بلبنان تبدأ التداعيات. وهكذا كان.

إذاً، كان رياض سلامة أميناً على استمرار عمل النموذج الذي وفّر كل هذه المليارات لهؤلاء الذين تبيّن أنهم «بلا وفا». لكنه رغم ذلك لا يتحمّل المسؤولية، بل هي ملقاة على عاتق الدولة والمصارف (!)، إذ يبدو أنّ هناك حساباً عسيراً بين سلامة والمصارف.

فهو يقول إن الدولة «تستدين من المصارف لا من مصرف لبنان»، ويضيف أيضاً: «المصارف هي التي اكتتبت مع الدولة وهي حرّة في قرارها، ولا أحد يجبرها». حتى في إصدارات اليوروبوندز، أي سندات الخزينة بالعملة الأجنبية، فإن المصارف كانت تكتتب بها مباشرة وتأخذ ما تريد من حصص، وهم من يسوّقون للدين بالدولار ولا علاقة لمصرف لبنان».

ولم يكتف سلامة بهذا الهجوم على المصارف، بل قال أيضاً إنه ردّ للمصارف كل الأموال الفريش التي وردت إلى لبنان في الفترة ما بين عامَي 2017 و2023 «وفوقهم 23 مليار دولار». كان سلامة يتحدّث حصراً عن الفريش، أي الودائع الجديدة التي استقطبتها المصارف ووظّفتها لديه.

يلمح إلى ضرورة فصل «الفريش» عن «غير الفريش» حتى في سنوات ما قبل الانهيار، وأن الحساب مع المصارف والمودعين على هذا الأساس. وقد أوضح ذلك بقوله: «الدولارات المتبقية، والتي تشكل فجوة هي ليست دولارات، بل ليرات حوّلت دفترياً إلى دولارات». «إذاً عليك البحث عن الأموال في القطاع المصرفي وهم يعرفون ماذا فعلوا بالأموال، أو في الدولة».

محمد وهبة -الاخبار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا