هكذا أُحبطت عملية اغتيال أشكينازي بخرق كبير للحزب
أشارت "الراي الكويتية" الى ان حرب الأدمغة أو حرب الاستخبارات المستعرة بين جهاز «الموساد» الإسرائيلي و«جهاز مكافحة الإرهاب والتجسس» التابع لـ «حزب الله» اللبناني، لم ولن تتوقف يوماً مهما تغيّرت الأحوال السياسية في منطقة الشرق الأوسط وابتعدت احتمالاتُ الحرب أو قَرُبت أو ازداد عدد المتعاونين والعملاء أو نقص.
فإسرائيل تحتاج إلى تحديث «بنك أهدافها» ومعرفة عدوّها وتطوراته العسكرية، وهي تحاول جاهدةً إفشال مخططات «حزب الله» أو ضرْب بنيته العسكرية وقادته الكبار.
ويحتاج الحزب إلى بناء علاقاتٍ مع عملاء إسرائيليين أو إيجاد شبكةٍ من الحلفاء يستطيعون إلحاق الأذى بإسرائيل أو معرفة تحركات قادتها في إطار التخطيط لقتْلهم أو تحليل الاجتماعات التي تُعقد بحسب كثافتها وتجديد المعلومات كلما حصل أي تغيير بالهيكلية أو الأهداف.
فما أبرز المعلومات المتاحة في هذا الصراع بين جهازيْن سرييْن لا يكشفان عن نشاطهما إلا إذا لزم الأمر ذلك؟
مهمة العملاء والجواسيس جمْع المعلومات السرية في عقر دار العدو من خلال كل الوسائل الممكنة، وهي متعددة اليوم في عالم الإنترنت والتواصل الاجتماعي و«النوافذ» الإلكترونية المتاحة لجميع البشر.
ولم تكن يوماً المعلومات الإلكترونية أو وسائل التواصل الاجتماعي كأداةٍ تجسسية مثاليةً وبديلاً عن العنصر البشري الذي يستطيع الولوجَ حيث لا توجد إشاراتٌ يلتقطها العدو عند اتخاذ احتياطات تَمنع وجود الهواتف النقالة أو الإنترنت في أمكنة حساسة.
وأصبح الهاتف النقال، الجاسوس الأهمّ والخفي الذي يكشف ليس فقط تحركات صاحبه، بل تستطيع أجهزةٌ متطورة أن تحدد مكانَ حامله بدقةٍ متناهية وتستطيع تشغيل الهاتف حتى ولو كان مطفأ إلا إذا وُضع ضمن غلاف عازل يَمْنع التقاطَ أي إرسال أو مُنع وجوده بتاتاً داخل الأمكنة العسكرية الحساسة.
وقد ساهم الهاتف النقال في عمليات تجسس واغتيال وعمليات حربية أدت إلى قتل العشرات من الجنود وتدمير العشرات من المواقع السرية في أوقات الحرب.
وكانت وزارة الدفاع الإسرائيلية أمرتْ جميع ضبّاطها بعدم استخدام الهاتف المحمول بسبب قدرة «حزب الله» على خرْقه والاستماع إلى الاتصالات ومعرفة أمكنة وجودهم.
وكذلك فعل «حزب الله» بمنعه الهواتف داخل مراكزه الحساسة التي تَعَرَّضَتْ للتدمير في حرب تموزعام 2006 والتي أعطت درساً مهماً للطرفين حول مدى خطورة الهاتف النقال.
وعندما امتنع الحزب عن استخدام الهاتف داخل مراكزه، ابتكرتْ الاستخبارات الإسرائيلية طرقاً أخرى تستطيع من خلالها التجسس على منظومة الاتصالات الداخلية للحزب، المؤلّفة من ألياف ضوئية.
ويروي أحد العارفين بـ «أسرار» هذه الحرب، أن «الموساد» كان يتصل بمسؤول قسم العمليات الخارجية في «حزب الله» محمد شوربة - الذي استطاع الحزب كشْفَ علاقته التجسسية - على خطه الداخلي لأنه لم يكن يحمل هاتفاً خليوياً.
ويُعتبر شوربة أحد أهمّ العملاء الذين عملوا مع «الموساد»، والذي ساهم بخسارة كبيرة للجهاز الخارجي التابع لـ «حزب الله» وبتوقيف نحو 17 شخصاً في دولٍ عدة، منها أذربيجان والبيرو والهند وتركيا وتايلند وقبرص ومدن أخرى، خصوصاً في الأراضي الفلسطينية.
وتُقَدَّر الخسائر التي مُني بها الحزب، بمئات الملايين من الدولارات جراء المعلومات التي كشف عنها شوربة.
وأحد هذه المعلومات، يقول المصدر، انه سلّم أحد فلسطينيي الـ48 الحاملين الجنسية الإسرائيلية والذي كان جاهزاً لتنفيذ خطة مُحْكَمَة لقتْل رئيس الأركان الإسرائيلي غابي أشكينازي، رداً على اغتيال القائد العسكري للحزب عماد مغنية في سوريا عام 2008.
وكان أشكينازي يتردّد إلى صالةٍ رياضية وَضَعَها الحزب، من خلال عملائه تحت المراقبة لقتْل أعلى ضابط رتبةً في الجيش الإسرائيلي.
ويقول بعض العارفين في أمور الجاسوسية - من دون التأكد من هذه المعلومة بسبب تضارب التحليلات - إن إسرائيل لم تكن لتُقْدِم على قتل مغنية لو لم تكن على علم بكل تحركات «حزب الله» في الخارج، بعدما كَشَفَها لهم شوربة.
إلا أن معلوماتٍ مؤكدةً تقول إن «حزب الله» درّب المئات من الفلسطينيين، خصوصاً أولئك الحاملين الجنسية الإسرائيلية من فلسطينيي الـ 48 والأجيال المتعاقبة، على القتال والعمليات الخاصة وزرْع العبوات.
وهذه هي الطريقة التي يردّ عليها الحزب ضدّ أي عملية إسرائيلية تعرقل تحركاته أو أي ضربة تُوجَّه لإيران في سورية أو داخل إيران نفسها.
ويؤكد بعض المصادر، أن التعاون الإيراني - التركي الوثيق على مستوى الأمن والاستخبارات، أدى إلى الإمساك بالخيوط التي أدت إلى توقيف شوربة، الذي كان التقى بضباط استخبارات إسرائيليين في تركيا، كونها إحدى الدول التي كان يُسمح له بالسفر إليها بسبب طبيعة عمله.
إذ لا يُسمح لأحد من أفراد الحزب بالسفر إلى الخارج من دون موافقة أجهزته الأمنية المعنية بمكافحة التجسّس ضمن المنظمة.
واستطاع الحزب إلقاء القبض عليه وقطْع التواصل بينه وبين ضابط «الموساد» لمدة شهر بتدبيرٍ داخلي ما أتاح لأمن الحزب منْع أي تدابير إسرائيلية مضادّة خلال فترة الاستجواب وتقليل الأضرار بعد معرفة كل التفاصيل التي سلّمها شوربة لإسرائيل.
وتعتمد الاستخبارات الإسرائيلية، وسائل التواصل الاجتماعي للإيقاع بأي شخص تريد استهدافه من بين الذين يبحثون عن عمل أو تسلية أو يقدّمون أنفسهم لخدمة أجهزة الاستخبارات.
ويَستخدم «الموساد»، كما الاستخبارات العالمية، المال أو الجنس أو الانتقام لتجنيد العملاء، تماماً كما يفعل «حزب الله» الذي استطاع اصطياد العقيد الحنان تننباوم عام 2000 لمبادلته بعشرات الأسرى.
كذلك اتُهم الوزير الإسرائيلي السابق غونين سيغيف عام 2016 بالتجسس لمصلحة إيران وحُكم عليه بالسجن 11 عاماً.
وفي يناير من العام الماضي، أعلنت تل أبيب أنها أوقفت إسرائيليين وخلية تجنّد المواطنين للتجسس لمصلحة إيران و«حزب الله».
ويُدرَّب العميل على أجهزة اتصالٍ بأبواب إلكترونية خفية يستطيع الولوج إليها للهرب من المراقبة الإلكترونية للقوات غير الصديقة لإسرائيل.
ولدى تل أبيب القدرة - التي تشارك فيها دول صديقة لها - على التجسس على كل الاتصالات عبر تطبيق «واتساب» ومن ضمنها الاتصالات الصوتية وليس فقط الرسائل التي تستطيع جميع أجهزة العالم مراقبتها.
إلا أن إسرائيل ليست الوحيدة التي تملك تكنولوجيا اختراق الأجهزة الإلكترونية وسحْب المعلومات منها أو تحديد أمكنة الهدف، بل ان «حزب الله» امتلك معدات متطورة منذ العام 2004 وطوّرها من خلال تعاون وثيق مع إيران ودول أخرى تعارض سياسة الهيمنة الأميركية على العالم.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|