الصحافة

لعبة المكاسب أخّرتها... "التشريعية" لم تسقط

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

افتتح الأسبوع على سجال جديد، تحت عنوان "تشريع الضرورة"، يتخطّى الفراغ المستحكم في المؤسسات وغياب رئيس الجمهورية.
وعلى الرغم من أن مجلس النواب السابق المؤلف من القوى السياسية ذاتها قد عمد إلى هذه الخطوة في الفراغ الرئاسي السابق، وعقد عدداً من الجلسات في ظلّ الفراغ الرئاسي، وشرّع عدداً من القوانين، فإنّ الأمر يبدو غير سهل حتى هذه اللحظة في المجلس الجديد.

وكما في مختلف القضايا، يتحوّل الدستور ضحية للاجتهادات من هنا وهناك، بين نظريّة تؤكّد إمكانية التشريع في الفراغ ونظريّة أخرى ترفضها.

يستند رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى دراسة أعدّها النائب السابق نقولا فتوش ليعقد جلسة مجلس النواب، في ظل الفراغ الرئاسي، وفيها "أن التشريع يعني تنظيم الحياة العامة ومصالح الأفراد والمجموعات، وهو في ذلك يتكيّف مع مقتضيات هذه الحياة والمصالح ومستلزماتها وتطوّرها، بحيث يوفّر لها الأطر القانونية التي تضمن سلامة ممارسة الحقوق وحمايتها، كما يوفر احترام المصلحة العامة وحمايتها. هكذا يفترض أن يكون التشريع هادفاً إلى حماية المصلحة العامة والحقوق المشروعة للأفراد والمجموعات التي يتكوّن منها الإقليم، الذي تمارس عليه سيادتها؛ وبالتالي لا يجوز أن تتوقف سلطة دستورية عن القيام بمهمتها في حال استقالة سلطة دستوريّة أخرى، لأنّ الدستور ينظّم ذلك، وتشريع الضرورة مخالفة جسيمة لمبدأ فصل السلطات وتعاونها ومخالفة لأحكام الدستور وتعطيل لمجلس النواب".

أمّا المعارضون فيصرّون على أنّ مجلس النواب يتحوّل فقط إلى هيئة ناخبة إلى حين الانتهاء من انتخاب رئيس الجمهورية، وعلى هذا الأساس عمل كلّ فريق على حشد الأغلبية المؤيّدة لرأيه.

اختار مؤيّدو ما يُسمّى بـ"تشريع الضرورة"، أي رئيس مجلس النواب، بندَي "الكابيتال كونترول" والتمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم عنواناً للدعوة، باعتبار أن "الكابيتال كونترول" حاجةٌ ومطلبٌ من صندوق النقد؛ وقد اتفقت عليه الكتل في اللجان المشتركة، واللواء صاحب الأدوار الكبيرة يحظى برضى الجميع، خصوصاً "التيار الوطني الحر"؛ وبهذه الحالة يكون النصاب والميثاقية مؤمَّنَين للسير بالجلسة وإنجاحها.

وبالفعل، انعقدت هيئة المجلس وتم الاتفاق مبدئياً على عقد الجلسة نهار الخميس في الـ16 من شباط، وبدأ التحضير لجدول الأعمال؛ وهنا دخلت لعبة المصالح والمزايدات بين القوى، حتى تخطّت مشاريع القوانين 81 مشروعاً.

في هذا الوقت، صعّد المعارضون تحرّكهم بتوقيع 46 نائباً عريضة ترفض التشريع، بالإضافة إلى تأييد الأمر من بعض النواب المستقلّين. وترافق الأمر مع حملة مسيحيّة على "التيار الوطني الحر"، الذي يرفض انعقاد الحكومة في ظلّ شغور الموقع المسيحيّ الأوّل، ويرضى بانعقاد مجلس النواب والمشاركة في جلسة تشريعيّة ذات بنود فضفاضة، خصوصاً أن "التيار" كان قد رفض المشاركة في جلسة دعي إليها، وكانت مخصّصة للبحث في "العريضة الاتهامية" بحقّ ثلاثة من وزراء الاتصالات السّابقين: نقولا صحناوي، بطرس حرب وجمال الجرّاح. أضف إلى ذلك عدم حصول النائب جبران باسيل على ضمانات تتعلّق بالتمديد للمديرين العامين المدنيين في الإدارات كافة بالتزامن مع التمديد للعسكريين. ومعلوم أنّ خمسة اقتراحات قوانين خاصّة بالتمديد لرؤساء الأجهزة الأمنية والمديرين العامين المدنيين مطروحة على جدول الأعمال، ولم يحسم أيّ اقتراح سيُعتمد، وما إذا كان سيقتصر على المدنيين أم سيشمل العسكريين؛ والمعروف أن المديرين المسيحيين محسوبون على التيار، والتمديد لهم سيمكّن باسيل من الحفاظ على وجوده في الإدارات كافة للسنوات الأربع المقبلة، بغضّ النظر عن هوية رئيس الجمهورية، فضلاً عن أنّ التمديد بصيغته المقترحة من قبل باسيل يشمل المدير العام لجهاز "الأمن العام" اللواء عباس إبراهيم، الذي سبق وقدم استقالته كعسكري، ومُدّدت خدمته بصفته المدنية في عام 2017، وكذلك المدير العام لجهاز "أمن الدولة" اللواء أنطوان صليبا المحسوب على التيار، فيما يستبَعد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ممّا دفع النواب السنّة إلى التهديد بعدم حضور الجلسة وتهديد النصاب.

كلّ ذلك دفع "التيار الوطني الحر" إلى التراجع، وهذا ما أبلغه عضوُ هيئةِ مجلس النواب النائب آلان عون رئيسَ مجلس النواب نبيه برّي بأن "التيار" لن يشارك، وأنّه لا يرى بهذه الجلسة ما هو ضروريّ واستثنائيّ، ففرمل الدعوة إلى جلسة سريعة من دون أن يلغيها.

وفي هذا الإطار، علمت "النهار" أن "حزب الله" متمسّك بمبدأ التمديد للواء إبراهيم، ويدفع بكلّ ثقله في هذا الاتجاه؛ وقد وَعَدَ إبراهيم بهذا الأمر، ولن يتراجع عنه، حتى لو كلّفه هذا الأمر الضغط على برّي لدعوة المجلس للموافقة على بندٍ واحد هو التمديد للواء إبراهيم، من دون غيره، مع علمه بأن إبراهيم بعلاقاته يستطيع أن يجمع نصف المجلس، حتى أشدّ المعارضين لانعقاد الجلسة، وأن قضية الجلسة التشريعية ستُعقد قبل انتهاء مدّة المدير العام للأمن العام، وسيكون نصابها مؤمّناً.

وعلى الرغم من التراجع، تُشير مصادر "التيار الوطني الحر" إلى أن موضوع المشاركة في أيّ جلسة تشريعية ليس مقفلاً، ومن غير المنطقيّ إقفال المؤسسة الدستورية الشرعية الوحيدة، وإن جاء النشاط ضمن إطار ضيّق، ولإقرار بعض القوانين الأساسية، خصوصاً بما يتعلّق بالوضع الاقتصاديّ والماليّ والأمنيّ في البلد.

إلى ذلك، غمزت مصادر سياسيّة من قناة الرئيس نبيه بري وعدم رضاه على التمديد للواء إبراهيم، سائلة عن توسيع جدول الأعمال إلى هذا الحدّ! وأشارت إلى أن من يريد الوصول إلى هدف معيّن يكون الأفضل له الذهاب مباشرة إلى مبتغاه، دون توسيع الدائرة بهذا الشكل، وجعل أمر انعقاد الجلسة مستحيلاً.

في المحصلة، وبالرّغم من السقوط الشكلي للجلسة هذا الأسبوع، أصبح هناك قناعة بأن الجلسة التشريعية ستنعقد، قبل انتهاء الشهر الحالي، وبرضى أو بغطاء من الأغلبية النيابية؛ وما يجري حالياً لا يتعدّى المزيدات ومحاولات الحصول على أكبر قدر من المكاسب، لينتهي الأمر بجلسة مكتملة النصاب ذات قرارات نافذة.

"النهار"- اسكندر خشاشو

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا