الأمنيون لميقاتي: نقوم بواجبنا قوموا بواجبكم
بَدَت اجتماعات السراي الماليّة والمصرفية و"النفطية" والأمنيّة برئاسة نجيب ميقاتي في الأيام الماضية أقرب إلى ترتيب مراسم دفن آخر مراحل "إدارة" الأزمة وتدشين مرحلة خروج "مشروع الانهيار" عن سيطرة الجميع.
لم يخرج اجتماع مجلس الأمن المركزي أمس الذي عُقد في السراي برئاسة نجيب ميقاتي، وبحضور وزير الداخلية بسام المولوي والقادة الأمنيّين، عن إطار معادلة "إشكيلي لأبكيلك". سجّل الاجتماع غياب المدير العام للأمن العامّ اللواء عباس إبراهيم الذي زار سوريا في اليومين الماضيين وتوجّه أمس من دمشق إلى بيروت فميونيح للمشاركة في مؤتمر الأمن والسلام.
أعلن الرئيس ميقاتي خلال الاجتماع توجّسه من احتمال حصول خضّة في الشارع وتحرّكات يصعب ضبطها، متسائلاً إذا كانت منظّمة ومرتبطة فقط بالمودعين، فأكّد رؤساء الأجهزة الأمنيّة أنّهم في وضعية الاستنفار في ظلّ أوضاع كارثية يعاني منها العسكر.
من جهته، كشف وزير الداخلية أنّه تمّ تسجيل 59 تحرّكاً منذ بداية الشهر، كان آخرها التحرّك في منطقة بدارو الذي قامت به مجموعة قليلة العدد قدّرتها الأجهزة الأمنية بـ 15 شخصاً تنقّلوا من فرع إلى آخر، مؤكّداً أنّ "ما حصل في شارع عزمي في طرابس واستهدف بنك عودة كان محصوراً وانتهى".
ميقاتي وآخر الكلام
أنهى ميقاتي كلامه بتوجيه الشكر إلى الأجهزة الأمنيّة "على جهودها، وطلب منها الاستمرار في مهامّها وتكثيف الجهد الاستعلامي"، واعداً بـ"القيام بكلّ الجهد المطلوب لتأمين المناخ السياسي لحلول تحتاج إلى تضافر جهود كلّ القوى السياسية الأخرى".
وفق المعطيات، تقاطعت مداخلات كلّ القادة الأمنيين عند فكرة أساسيّة: "ما يحدث في الشارع ليس أمنيّاً ويحتاج إلى حلّ سياسي جذري، ومن جهتها تقوم الأجهزة الأمنيّة بواجباتها أصلاً، فيما انتخاب رئيس جمهورية وضبط السوق السوداء وإعادة فتح المصارف وحلّ الأزمة المالية عملٌ سياسيّ محض وليس أمنيّاً لأنّ الأجهزة الأمنية تحمي المناخ السياسي ولا "تَصنَعه"، والدليل توقيف كبار الصرّافين غير الشرعيين وإحالتهم إلى القضاء فيما بقي الدولار مُصورِخاً".
طلب مخيف على الدولار
تحدّث أمنيّون عن "طلب مخيف على الدولار بعد إقفال المصارف وحصر "صَيرفة" بموظّفي القطاع العام، والطلب هو لزوم الاستيراد بشكل أساس بعد وقف مصرف لبنان ضخّ الدولارات في السوق. وجرى التطرّق إلى سوبرماركت كبيرة ومعروفة تحتاج يومياً إلى أكثر من 700 ألف دولار، فضلاً عن التوجّه إلى دولرة الاقتصاد باستثناء الخبز والخضراوات".
إلى ذلك أكّد بعض رؤساء الأجهزة أنّ التحرّكات المحدودة والعنيفة التي استهدفت بعض المصارف لم تكن منظّمة، وسجّلوا بعض الاختلافات عن المرّات السابقة، إذ أصبحت بدارو للمرّة الأولى من ضمن الأمكنة المستهدفة بالتحرّكات. وكان الأهمّ تأكيد أمنيّين أنّ الوضع سيتفاقم أكثر في حال بقاء المصارف مقفلة فيما ترتفع الدعوات من قبل جهات نقابية إلى النزول للشارع. هذا ولم يجرِ التطرّق إلى كلام السيّد حسن نصرالله الأخير الذي هدّد الأميركيين بـ"الفوضى مقابل الفوضى".
قال مصدر أمني لـ"أساس": "تأخّر فعلاً وصول القوى الأمنية والعسكرية إلى الأماكن التي شهدت حرق وتكسير مصارف، بما في ذلك واجهة منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في سنّ الفيل، لأنّ التحرّكات اتّسمت بطابع المفاجأة من حيث حدوثها في منطقة مثل بدارو خارجة عن التوقّعات الأمنية ويقلّ احتمال تعرّضها لحوادث مماثلة".
هكذا يبدو البطء الرسمي الشديد في لجم تداعيات الكارثة أقرب إلى التواطؤ منه إلى العجز عن إيجاد الحلول، فكيف إذا كان على شاكلة البيان الصادر عن الاجتماع المالي يوم الخميس بحضور حاكم مصرف لبنان الذي أشار إلى "بحث الحلول المطلوبة من أجل معالجة الأوضاع النقدية والاتفاق على إبقاء الاجتماعات مفتوحة".
أتى الردّ المباشر على هذا الاجتماع أمس من جانب عن رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل الذي أشار إلى عقد رئيس حكومة تصريف الأعمال "اجتماعات فولكلورية بحضور حاكم مصرف لبنان المتّهم الأول بالتسبّب بالفوضى المالية والنقدية، وتفرّجه على إضراب المصارف كأنّه غير معنيّ".
تورّط حزب الله
يتجلّى التواطؤ الأكبر، برأي متابعين، في "استراتيجية" المرجعيات الحزبية الكبرى، وعلى رأسها حزب الله، التي لا تزال قابضة على "كبسة زر" شوارعها عبر منع النزول إلى الأرض والتمرّد على حالة الانهيار التي لامست حدّ الفوضى، وكأنّ ما يحصل هو مجرّد أزمة اقتصادية ماليّة عابرة، فيما التساؤلات باتت مشروعة عن مدى استفادة هذه المرجعيات و"السيستم" المرتبط بها، من صرّاف الشنطة إلى كبار الرؤوس، من هبوط العملة الوطنية وتحليق الدولار وتمدّد شبح الفوضى.
حتى الآن لا تزال التحرّكات في الشارع وأمام المصارف محصورة بمبادرات فردية. وفي هذا السياق، قال رئيس جمعية المودعين حسن مغنية لـ "أساس": "لا خطّة معدّة سلفاً لتحرّكات هي بالأساس عفويّة ومفاجِئة يتحرّك فيها المودعون من تلقاء أنفسهم".
وعن النتائج التي تحقّقت من خلال تحرّكات الأيام الماضية قال مغنية: "ما حدث أخيراً قد لا يكون أفاد قضيّتنا بالضرورة. لكن بعد الذي حصل قامت القيامة على المودعين فيما مصرف لبنان والمصارف ارتكبوا منذ ثلاث سنوات جريمة متمادية بحقّ المودع. لذلك أضعف الإيمان القيام بتحرّكات مماثلة".
في السياق نفسه يتخوّف معنيون من انفلات الأمور بشكل كامل في حال الادّعاء قضائياً على حاكم مصرف لبنان، خصوصاً بعد تسلّم رئيسة نادي القضاة سابقاً وقاضية التحقيق الأول بالإنابة في البقاع أماني سلامة ملفّ التحقيق مع "الحاكم" وتعيين الأخيرة 16 آذار موعداً لاستجوابه مع أعضاء في مجلس البنك المركزي، وذلك إثر وضع المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش يده على الملف.
رأى هذا الفريق أنّ الادّعاء على سلامة ومثوله أمام القضاء في الجرائم المنسوبة إليه لم يعد بالإمكان تجاهله، خصوصاً أنّه يتزامن مع الملفّ القضائي المفتوح بحقّ سلامة في أكثر من دولة أوروبية. ويترافق هذا المسار مع الادّعاء الذي وجّهته المدّعية العامّة في جبل لبنان القاضية غادة عون ضدّ عدّة مصارف في ظلّ غموض كامل حيال نتائجه.
ملاك عقيل - أساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|