بالفيديو : بعد تواريه عن الأنظار لأشهر... دكتور فود يطّل على متابعيه من جديد
روسيا في خطر... من الانضمام لـ "الناتو" الى الذّوبان في العالمَيْن الوثني والإسلامي!
بمعزل عن اليوميات الميدانية للحرب الروسيّة على أوكرانيا، وعن نتائجها العسكرية قريبة وبعيدة المدى، تبقى العَيْن على مستقبل الشعب الروسي، وذلك في كلّ مرّة يتحدّث فيها المسؤولون الروس عن الغَوْص في العُمق الآسيوي لروسيا، بموازاة الطلاق بين موسكو والغرب.
فما الذي يجمع الروسي الأرثوذكسي بالعالم الإسلامي، وبمجموعة الدول والقوى الإسلامية التي تشارك روسيا بحربها على أوكرانيا، أو بتلك التي تساعدها على توفير الموارد لتلك الحرب؟ وما الذي يجمع الروسي الأرثوذكسي بالعالم الآسيوي الصيني، أي الوثني، الذي لا تجمعه أي قيمة إيديولوجيّة مشتركة مع المواطن الروسي؟
أسئلة نطرحها بعيداً من الطائفيّة والمذهبيّة، بل لكونها ستطبع روسيا الجديدة، وستتحكّم بها مستقبلاً، في وقت يبدو فيه المسؤول الروسي بحالة من الضّغط الشديد الذي يتحكّم بقراراته، وبسعيه للنّجاة من العقوبات الغربية ولو بأي ثمن.
فالعُمق الأصلي والحقيقي للمواطن الروسي موجود في أوروبا والغرب، وذلك بمعزل عن التباينات التاريخية بين الغرب المسيحي، والشرق المسيحي.
وحتى لو كانت أوروبا علمانية، ورافضة للاعتراف بجذورها المسيحية، ومهما اختلفت الأشكال السياسية للدول الأوروبية، إلا أن الشعوب الأوروبية الغربيّة والشرقيّة تتمتّع بإيمان واحد، مهما رفض المتزمّتون الاعتراف بتلك الحقيقة.
فهل يتمّ الفصل بين الضّغوط التي تسبّبها الحرب الروسيّة على أوكرانيا، وبين وجوب الحفاظ على العُمق الثقافي والفكري والديني... الذي يُمكن للمواطن الروسي أن يجده في أوروبا والغرب؟
وماذا عن تأثير زيادة التباعُد بين موسكو والغرب، بموازاة تقاربها مع الصين وآسيا والعالم الإسلامي، (تأثير ذلك) على مستقبل هوية روسيا؟
يرى مراقبون أنه رغم مساعي روسيا لتعزيز علاقاتها بدول العالم الإسلامي وبآسيا (الصين تحديداً) كأولوية من أولويات سياستها الخارجية مستقبلاً، إلا أن هناك فارقاً في القيم بينها وبين دول وشعوب عمقها الآسيوي، وبينها وبين دول وشعوب العالم الإسلامي.
وأما الاختلاف الجذري في المفاهيم والنّظرة الى القضايا المرتبطة بالعائلة، والزواج، والجنس، القائم بين موسكو والغرب، والذي دخل في الخطابات الاستراتيجية للطرفَيْن، فهو لا يتناقض مع واقع التَّوْق الروسي التاريخي للنّظر الى الغرب.
فرغم أن النّخب الحاكمة في الغرب ترفض الاعتراف بالجذور المسيحية لأوروبا، إلا أن جزءاً مهمّاً من الشعب الغربي لا ينكر أنه إبن الجذور المسيحية التي تحوّلت الى ما يُسمّى "حقوق الإنسان" هناك. وهذه نقطة التقاء بين الشعوب الغربية، والشعب الروسي.
وبالعودة الى حقبة بطرس الأكبر، نجد أنه عمل على تحديث روسيا والمجتمع الروسي بالنّظر نحو الغرب. وهو ما انعكس على الأدب الروسي، وعلى الفنون الروسيّة، وحتى على فنّ كتابة الإيقونات الروسيّة التي صارت خلال حقبة حكمه أكثر تأثُّراً بالغرب، وخرجت من عمقها الموجود أساساً في القسطنطينية وأنطاكيا.
ولكن رغم ذلك، حافظ الغرب على موقفه السلبي من روسيا، ثقافياً وشعبياً، وصولاً الى حدّ الطّمع بالسيطرة عليها وعلى مواردها. واحتفظ (الغرب) بتلك النّظرة حتى في مرحلة ما بعد تفكّك الإتحاد السوفياتي، إذ إن النّخب الغربية، لا سيّما الأميركية، عرقلت كل مساعي وطروحات انضمام روسيا الى حلف "الناتو"، وهي طروحات عُرِضَت خلال حقبة حكم الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين.
في المحصّلة، توجد مشكلة بالفعل، وستكون لها تداعياتها على المواطن الروسي أولاً وأخيراً، الذي يدفع ثمن الضّغوط التي تسبّبها الحرب الروسيّة على أوكرانيا.
فالحرب انفجرت هناك، ولكنّها بدأت أساساً بالتوجُّس الأميركي من مساعي الوحدة بين ضفّتَي القارة الأوروبيّة الغربيّة والشرقية خلال العقود الماضية، أي (الوحدة) بين موارد الطاقة الروسية، والقدرات الصناعية والتكنولوجيّة الموجودة في أوروبا الغربية، والوسطى.
فهل يبدأ الحلّ بنهاية الحرب في أوكرانيا، أم ان نهايتها ستشكّل بداية لحرب جديدة؟ وهل تنتهي الحرب بما يحفظ حقوق الشعب الروسي والشعوب الغربية معاً، بالنّظر الى بعضهما البعض، كأخوة؟
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|