دار الفتوى مع "الطائف" لا ميقاتي
تتطلع دار الفتوى الى الاستحقاقات الدستورية بقلق في ضوء المستجدات التي تشهدها أكثر من ساحة عربية وأبرزها العراق، وتسعى الى تطويق ذيول ما يحصل هناك وتبريد الاجواء الداخلية منعا لأي احداث دموية تعيدنا الى فتنة "سنية شيعية".
يعمل المفتي عبد اللطيف دريان على أكثر من خط ولا يحصر لقاءاته بطرف على حساب الآخر، بل يريد من الدار أن تبقى جامعة بعيدا عن الاصطفافات الحزبية للقوى السياسية اللبنانية، ويُدرك في الوقت نفسه أن خروج الرئيس سعد الحريري من الساحة وتعليقه العمل السياسي زاد الامور تعقيدا وحمَّل الدار اثقالا اضافية أبرزها وحدة الطائفة وقوتها على الساحة الداخلية والتمسك باتفاق الطائف والدفاع عنه رغم كل الملاحظات عليه من قبل أكثر من فريق.
امام هذه الصعوبات والضغوطات التي يعيشها لبنان، يواصل المفتي البحث عن مخرج للأزمة بالتواصل مع الطوائف الأخرى، فبكركي غير بعيدة عن هواجسه كما المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ومشيخة العقل.. يتفق مع هذه المرجعيات على مبدأ التوافق الوطني وتحصين الساحة الداخلية على مستوى الطوائف، الا أن هذا السعي يقف عند حدود القوى الحزبية التي تملك الأرض ولديها القدرة على تحريك الشارع متى أرادت. وخلافاً للواقع الشيعي الذي يملك قدرة الامساك بشارعه، فإن الواقع السني اليوم مغاير والخشية كبيرة من قبل المفتي وغيره من سياسيي الطائفة بأن يتحول هذا الشارع الى قنبلة موقوتة تنفجر في أي لحظة وبتوقيت اطراف خارجية.
من هنا يلعب المفتي دور "الاطفأجي" ويلتقي المعنيين داخل الطائفة لحثهم على توحيد الموقف واحتواء قدر الامكان وجع الناس، ويشدد امامهم على ضرورة الحفاظ على الطائف قبل الحديث عن حكومة الرئيس ميقاتي وصلاحياتها في مرحلة تصريف الاعمال، فهو المدرك أن الامور لا تتوقف عند التفاصيل الصغيرة طالما أن الطبخة التي يعمل عليها البعض برأيه تكمن بتفجير الطائف من الداخل والمجيء بنظام جديد على حساب "السنية السياسية" وبالتالي فإن اي حديث عن دور الرئيس المكلف في المرحلة المقبلة هو تفصيل ان لم يكن هناك من اجماع داخل الطائفة على حماية الرئاسة الثالثة في بعدها الوطني.
يتواصل دريان مع المملكة العربية السعودية من أجل تطوير الدعم المادي للقرى والبلدات في طرابلس عكار والبقاع نظرا للظروف الاليمة التي يمر بها ابناء الطائفة هناك والذين يفضلون الهجرة بمراكب الموت الى اوروبا على البقاء في لبنان من دون منزل أو راتب يعيلهم مع عائلاتهم، وقد تحول هَمُّ القيادة السنية اليوم نحو الامور الحياتية والمعيشية، فزمن رفيق الحريري كمشروع سني وطني انتهى منذ استشهاد صاحبه في شباط الـ 2005 وانتقل هذا المشروع الى طائفة أُخرى تملك كل الامكانات لتحصينه في مرحلة قد تمتد لعشرين سنة أو أكثر، وما على دار الفتوى وصاحبه سوى إدارة المرحلة بتلبية حاجات الطائفة على المستوى الاقتصادي والمالي والانخراط بالمشروع البديل، فالامور كما هي عليه اليوم تُنذر بفوضى كبيرة أو انتفاضة قادمة تنطلق من الارياف حيث يموت ابن عكار وطرابلس من الفقر والجوع ويتطلع الى البحر كمنفذ وحيد للهروب من واقعه. وما عمل عليه رفيق الحريري على مدى سنوات لاسيما في القطاع العام والمؤسسات المالية والمصرفية ينهار اليوم امام أعين القادة السنة الجدد غير القادرين على الامساك باللعبة السياسية، في صورة تشبه المارونية السياسية عندما سلمت أمرها لاتفاق الطائف وارتضت بالادوار التي أُعطيت لها على مدى ثلاثين عاما.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|