هل بدأت السلطات اللبنانية الضغط لعودة النازحين؟
بالخطوات الّتي تنوي الجهات الرسمية المعنية اتّخاذها فإنّ ملف النازحين السوريين وضع على سكة الضغط باتجاه المجتمع الدولي بعدما فاق وجود النازحين في لبنان قدرة البلد المضيف على تحمّل أعبائه. بالشرح الذي قدّمه وزير الخارجية عبد الله بو حبيب للنواب في جلسة الشؤون الخارجية وما كشف عنه النواب فإن لبنان يعتزم اتخاذ إجراءات قانونية بحق المنظمات الدولية والهيئات المعنية بملف النازحين لوقف تفرّدها بالتعاطي دون التنسيق مع الدولة وحثّها على تقديم لوائح بالأرقام الحقيقية للنازحين بينما تتضارب أرقام المؤسسات مع الجهات المعنيّة.
لعلّها من المرّات النادرة التي يتّفق فيها النواب داخل لجنة نيابية على الموقف من قضية ما ويتفقون على خطورة المشكلة وأهمية الإسراع في وضع الحلول اللازمة. فخلال اجتماعها أمس فضحت لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين برئاسة النائب فادي علامة المستور في ملف النازحين السوريين وهالها تعاطي المجتمع الدولي والمنظّمات المعنيّة بشؤونهم ولا سيما تعاطي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون النازحين مع الدولة اللبنانية إزاء ملف النازحين. حضر الجلسة وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب الذي صارح النواب بحقيقة ما يجري وكيف أن المنظّمات الدولية وبدل التنسيق مع الجهات المعنية بملف النازحين في الحكومة تتفرّد بالقرارات بينما ترفض تسليم الداتا المتعلّقة بوضعية النازحين والأرقام الحقيقية للموجودين على الأراضي اللبنانية.
التقى مجلس النواب مع الحكومة على فداحة الأزمة التي تتحوّل الى قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت. باتت الفئات الأكثر ضعفاً في لبنان ونتيجة التدهور الإقتصادي فئات مهمّشة ينافسها النازح السوري على لقمة عيشها وتتقاسم معه الخدمات المحدودة أو ما تبقى منها في لبنان ما يستوجب تحرّكاً رسمياً من الحكومة لتلقّف الأزمة قبل انفجارها على نطاق واسع.
أولى الخطوات محاولة لبنان التفاهم مع مفوضية النازحين على دعم مسار إعادة دمج النازحين في مجتمعاتهم الأصلية وإيجاد آلية تعاون بينها وبين لبنان وسوريا.
خلال نقاشات اللجنة النيابية حضر موضوع عمل المنظمات التي تعنى بالنازحين وانتقد عدد من النواب الجمعيات والمنظمات العاملة على ملف النازحين والتي لا تنسّق مع الدولة وتفتح على حسابها وتصرف لها ميزانيات من خارج الدولة أيضاً. وكيف أنّ منظّمات دولية تبلّغت من قبل الدولة المموّلة حسم مبالغ من ميزانيتها المخصّصة لمساعدة لبنان من أجل دعم النازحين السوريين فيه. وأن منظمات أممية كانت تشتري كوتا من الطحين المدعوم من الدولة بواسطة قرض من البنك الدولي يسدّده المواطن اللبناني لتوزيع الخبز على النازحين السوريين، وعلى مستوى التعليم أقدمت المنظّمات على تقديم دعم لعدد من المدارس الخاصة مقابل استقبال تلامذة من النازحين السوريين في عداد التلامذة اللبنانيين وسدّدت المبلغ المتوجب بالدولار الأميركي بينما المواطن اللبناني بات عاجزاً عن تعليم أولاده في مثل هذه المدارس، وعلى المستوى الإستشفائي يحظى النازح السوري بالأفضلية على المريض اللبناني لأن المنظمات الداعمة ستسدّد الفاتورة المتوجبة بالدولار.
شواهد كثيرة عرضها النواب عن واقع النازحين فشكا أحد الحاضرين أن النازح السوري الذي يتم توقيفه على خلفية جرائم سرقة تسارع المنظّمات الدولية الى إخراجه بعد دفع الكفالة المتوجبة، وهو ما دفع عصابات سرقة السيارات من اللبنانيين الى الإستعانة بسوريين بحجة إمكانية إخراجهم في حال تمّ توقيفهم على خلفية جريمة سرقة.
مصدر رسمي معنيّ بملف النازحين قال إن التعاطي على طريقة دفن الرأس في الرمال والتعامي عن حقيقة الأزمة لم يعد يفيد لبنان لا سيما في ظلّ غياب خارطة طريق. بو حبيب شرح للنواب حقيقة موقف المنظّمات الدولية من لبنان. خلال زيارته الى بروكسل للمشاركة في مؤتمر متعلّق بالنازحين سأل وزير خارجية لبنان الجهات الدولية المعنية عن التصور الذي تقدّمه لحلّ أزمة النازحين وعمّا إذا كانت هذه الجهات تملك تصوّراً واضحاً للأزمة السورية أم أن الملف سيبقى رهينة الانتظار ريثما يتأتّى الحل السياسي وهو بعيد المدى حالياً لانشغال العالم بقضايا أخرى أكثر أهمية من وجهة نظره من شأنها أن ترهق الدول المانحة وتزيد من أعبائها.
تقارير عديدة تحدثت عن آلية صرف المساعدات التي تخصّص للنازحين السوريين المتواجدين على الأراضي اللبنانية وتطرح أسئلة مشروعة حول كيفية صرف مثل هذه المساعدات، وتكشف أن نسبة 30 في المئة من هذه المبالغ يتم اقتطاعها لصالح التكاليف التشغيلية. بعض الجمعيات يهمّه إبقاء وضع النازحين على حاله كي يبقى مستفيداً نتيجة العقود الوهمية التي يتقاضى بدلاً عنها مبالغ طائلة. تقرير منظمة الغذاء العالمي ينتقد غياب الشفافية في مقاربة ملف النازحين، ويتحدث عن أن الأموال المخصّصة للاجئين الأوكرانيين تذهب الى الدولة التي تأويهم لتضخّ في الاقتصاد المحلّي بينما يحوّل النازح السوري أمواله إلى سوريا بغالبيتها.
تقرير ثانٍ يشترط ضرورة عيش النازح السوري بكرامة بعد عودته الى بلاده وكأن منطق العيش بكرامة متوافر في المخيّمات التي تأويه في لبنان.
من وجهة نظر السلطات المعنية في لبنان فقد تحوّل ملف النازحين الى عبء كبير يهدّد بالخروج عن السيطرة في أية لحظة خاصة أن اللبناني فقد قدرته على شراء مستلزماته مقابل النازح الذي تحسّنت أوضاعه لارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية.
في مؤتمر بروكسل طالبت الخارجية اللبنانية من الجهات الدولية بتقديم المساعدة للنازح السوري على أرض بلده خاصة أن لهذه المنظمات مكاتب معتمدة لها في سوريا وضرورة تقاسم الأعباء والبحث عن حلول منطقية حماية لمصلحة لبنان ومصالح المنظمات والدول التي تدعمها.
أخذت الحكومة جرعة دعم إضافية من خلال موقف نواب اللجنة النيابية ما سيمكّنها من البناء عليه لوضع تصوّر شامل لحل أزمة النازحين بالتعاون مع المفوضية والهيئات الدولية والتنسيق مع الدولة المصدر أي سوريا.
وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الذي ثمّن الموقف الذي خرج به النواب وإحاطتهم بصعوبات ملف النازحين وما يعتريه تحدث لـ»نداء الوطن» عن سلسلة خطوات ستقوم بها الحكومة على سبيل معالجة هذا الملف أولاها الطلب من الهيئات المعنية لوائح بأعداد النازحين المتواجدين على الأراضي اللبنانية «ففي الشهر الماضي افيد عن دخول 150 ألف نازح الأراضي اللبنانية بينما غادرها 155 نازحاً.
مؤخراً تبلّغ لبنان من اليونيسف أن الدول المانحة قرّرت اقتطاع ثلث المبلغ المخصّص للبنان (250 مليون دولار) لصالح دعم النازحين السوريين. ترفض المؤسسات منح الحكومة اللوائح بالأعداد الحقيقية بحجة وقف العمل باتفاقية تبادل المعلومات وكي لا يتم إبلاغ النظام السوري بالأسماء وكأنه في غفلة عن الوافدين والخارجين من أراضيه.
يجزم بو حبيب بأنه لن تكون هناك عودة قسرية للنازحين لكن من حق لبنان معرفة الأعداد الحقيقية التي تقول وزارة الداخلية إنها بلغت المليوني نازح بينما تقدم مساعدات لنحو 850 ألف نازح. كاشفاً عن خطوات عدة سيتم العمل عليها وتتضمّن اتخاذ إجراءات قانونية بحق منظّمات وهيئات معنية ترفض التعاون مع الجهات الرسمية المعنية بالملف.
وتنوي الحكومة اللبنانية ان تبعث برسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لشرح حقيقة الوضع المتعلق باستمرار تواجد النازحين في لبنان والطلب من الدول الأوروبية المانحة خارطة طريق لوجود النازحين في لبنان والفترة الزمنية المتبقية لاستضافتهم في الوقت الذي بات لبنان عاجزاً عن سدّ احتياجات شعبه الأساسية.
غادة حلاوي - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|