المفرقعات والأسهم الناريّة: عقوبات وتعاميم واضحة... لكن السوق فالتة
حتى المفرقعات توقع قتلى وجرحى في لبنان. لا تنظيم ولا قانون يطبّق، على الرغم من وجود نصّ تشريعي واضح.
منذ نحو شهر، اصيب الشاب نضال بو مرعي بالمفرقعات النارية، حين كان يجهز لحفلة زفاف. فأدخل المستشفى وفقد بصره. كانت الاضرار على عينيه بالغة الخطورة، ففقد بصره بالكامل.
قصة نضال سرعان ما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما بعدما كتبت الدكتورة حبوبة عون، وهي قريبة نضال، على صفحتها على الفايسبوك: " نضال (25 عاما) خسر عينيه بسبب المفرقعات(..) لا شيء يعوّض عليك مستقبلك(...) انما هل المفرقعات ضرورة، نحرقها في الهواء لتعطينا الوانا زائلة(...) من ينظم استخدامها، والاهم من يعاقب على نتائجها الكارثية؟".
ضحايا كثر، غير نضال، يسقطون، عن غير قصد ربما، انما عن اهمال نتيجة الأسهم النارية وإطلاق المفرقعات عشوائياً، بلا رقيب، والأهم بلا احترام التراخيص والنصوص التشريعية الموجودة، منذ زمن.
نعم، في لبنان المشكلة ليست في انعدام القوانين بل في عدم تطبيقها، فتسود الفوضى كل القطاعات، حتى قطاع الابتهاج والفرح!
أولاً، ثمة إطاران قانونيان، لا إطار واحد، في تنظيم المفرقعات وسبل إطلاقها. قانون العقوبات والقانون الرقم 71 الذي أقره مجلس النواب عام 2016.
ثانياً، كانت وزارة الداخلية، دورياً، تصدر تعاميم وترسلها الى المحافظين في المناطق، الذين يصدرون بدورهم توصيات أو نشرات تذكّر بشروط استخدام الأسهم النارية والمفرقعات. وكان أبرز هذه التعاميم، ما أصدرته وزارة الداخلية عام 2012 ويتعلق بضرورة "التشدد في منع استعمال الألعاب النارية وتنظيم آلية استعمال المفرقعات والتقيّد بشروط استخدامها".
ثالثاً، هناك شركات لإنتاج المفرقعات مرخصة، لكن في المقابل، ثمة شركات تنتج أسهماً نارية بلا ترخيص، وبالتالي، عملها يدخل ضمن إطار اللا-الشرعي.
هكذا، تعمّ الفوضى غالباً بعض المناسبات في المناطق، حين يقرّر أحدهم الابتهاج فرحاً، بلا أي تنظيم أو قانون أو تشدّد.
قانونان وعقوبة حبس
أجمع قانون العقوبات في أكثر من مادة منه، وقانون الـ2016 الذي أقر تحت عنوان: "تجريم إطلاق الرصاص والعيارات النارية في الهواء"، على إلحاق عقوبات بمن يطلق عشوائياً الأسهم النارية، لا الرصاص فقط.
إذن القانون موجود لكن التطبيق غائب. فالقانون ينص على أن "كل من أقدم على إطلاق أسهم نارية في الأماكن الآهلة بصورة يحتمل معها وقوع خطر على الأشخاص أو الأشياء، يعاقب بالسجن حتى ستة أشهر، وبالغرامة من 100 ألف الى مليون ليرة، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتصادر الأسهم المضبوطة". هذا وفق المادة 752 من قانون العقوبات.
أما إذا أدّى "إطلاق المفرقعات الى مرض أو تعطيل شخص عن العمل، عوقب بالسجن من 9 أشهر الى 3 سنوات وبغرامة من عشرة أضعاف الى 15 ضعف الحد الأدنى الرسمي للأجور". هذا وفق قانون "تجريم إطلاق عيارات نارية في الهواء" الصادر عام 2016 ويحمل الرقم 71.
... وأكثر، إذا أدى إطلاق الأسهم النارية، عن غير قصد، الى وفاة شخص، "يعاقب المجرم بالأشغال الشاقة الموقتة لمدة لا تقل عن عشر سنوات ولا تتخطى 15 سنة وبغرامة مالية".
(وفق قانون الـ2016)
أما إذا أدى إطلاق المفرقعات، عن قصد، الى وفاة شخص، فتصل العقوبة الى الأشغال الشاقة المؤبدة (وفق المادتين 547 و548 من قانون العقوبات).
لا تراخيص وتعليمات
المفارقة أنه في لبنان، لا يتجاوز عدد الشركات المرخصة لبيع الألعاب النارية أصابع اليد الواحدة، ما يعني أن السوق فالتة، لأنه في بعض الأحيان ثمة إنتاج لمفرقعات من خارج هذه الشركات. وإن كانت الوزارات المعنيّة، ومنها وزارة الداخلية، تنفي ذلك، فإن ثمة معلومات تتردد عن شركات تعمل بلا ترخيص أي غير شرعية، وثمة عمليات استيراد تجري من عدد من البلدان، منها الصين. فمن يضبط ماذا؟
ومن البديهي القول إن للمفرقعات أخطاراً عدة، مادية وجسدية، على الأشخاص والممتلكات، هذا فضلاً عن موجات الحرائق المرتفعة التي تزداد مع الارتفاع الملحوظ لدرجات الحرارة، فتأتي الأسهم النارية "لتشعل" أكثر. من هنا، يورد المكلف إدارة مدرسة التدريب على الإنقاذ والإطفاء داخل الأماكن المغلقة في مقر العمليات المركزية في الدفاع المدني ميشال صليبا، سلسلة تعليمات وإرشادات، أبرزها: "اختيار المفرقعات الخاصة للزينة، الانتباه الى توجيه الأسهم الى المناطق المعزولة عن الحرائق، وعدم استخدامها في الأماكن المكتظة والأحياء الضيقة السكنية، ينبغي أن يكون إطلاق الإسهم من أصحاب الخبرة في هذا المجال، لأن كل نوع له طريقة في استخدامه، أهمية إبعاد الأطفال عن أماكن إطلاق المفرقعات، وإذا أرادوا المشاركة، ينبغي اختيار الأنواع المناسبة لهم ولعمرهم، وألا يكونوا منفردين بل برفقة أهلهم. والأهم الأهم، احترام القوانين الخاصة وعدم تخطي الوقت المحدّد، بعد نيل موافقة الأجهزة الأمنية بذلك".
والسؤال: أيّ من هذه الإرشادات تحترم؟ فهل تبلغ الأجهزة الأمنية دوماً، ثم ما هو دور البلديات في هذا المجال؟ هل هي على علم دائماً بأماكن إطلاق المفرقعات في نطاق بلداتها؟
إذن، القانون واضح والإرشادات أيضاً. كذلك تصدر التعاميم دورياً من جانب الوزارات المعنية... لكن في المقابل، السوق فالتة وثمة شركات تعمل بلا ترخيص... ففي بلد تم التغاضي فيه عن دخول النيترات الى مرفأ العاصمة، هل يُضبط مئة في المئة إنتاج المفرقعات فيه أو إدخالها إليه...؟! الجواب سوريالي بالطبع!
"النهار"- منال شعيا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|