الصحافة

شنكر: دولة لبنان الفاشلة تحمي الفاسدين والمجرمين

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا يستطيع أي أميركي يتعاطى الشأن العام في بلاده أن يكتب عن لبنان من دون التطرّق أولاً الى "حزب الله" ودوره "السلبي" فيه ومسؤوليته "الكبيرة" عن تردّي أوضاعه وفساد المنظومة السياسية المعقّدة داخله. دافعه الى ذلك أمران، الأول كرهه لـ"الحزب" ورفضه له لسببين اثنين: الأول إيران الإسلامية ودورها الكبير في تأسيسه وتمكينه وتدريبه وتزويده ما يحتاج إليه من أسلحة متنوّعة ومتطوّرة. وهي صنّفت الولايات المتحدة شيطاناً أكبر وقادت ضدّها حرباً شعواء ولكن بالواسطة في كل العالم. أما الأمر الثاني فهو مواجهة "حزب الله" إسرائيل بمقاومة عسكرية أثمرت انتصاراً عليها بعد 18 سنة من انطلاقها بإجبارها على إنهاء احتلالها لمناطق في لبنان منذ 1978، وتحوّله رمزاً لكل أعدائها وإصراره على الاستمرار في مساعدة هؤلاء وفي مقدّمهم الفلسطينيون الذين احتلت أرضهم وهجّرتهم منها وأقامت عليها دولة لها بعدما أقنعت العالم "المتحضّر" بأنها كانت بلا شعب.

لماذا هذه المقدمة؟ لأن الباحث الدائم في "واشنطن إنستيتيوت" ديفيد شنكر الذي عمل مرتين في الإدارة الأميركية الأولى في وزارة الدفاع والثانية في وزارة الخارجية مساعداً لوزيرها لشؤون الشرق الأوسط، ولأنه نشر مقالةً مهمّة ومعبّرة عن أسباب انهيار لبنان ولكن كالعادة انطوت على مبالغة في تصوير "حزب الله" سبباً أولَ لما يعانيه منذ سنوات. وفي ذلك تقليص لدور أطراف لبنانيين آخرين كما لدول عربية وإقليمية في دفع لبنان الى جهنّم حيث "يشوي" الفقر والفساد وانحلال الدولة وغياب المواطنة والقانون والقضاء شعوب لبنان على تناقضها، وأخيراً لأن من المفيد للبنانيين أن يطلعوا على ما كتبه ونشره لعلّهم يقتنعون بمسؤوليتهم عن الذي حلّ بهم وعدم اكتفاء كل فريق منهم برمي المسؤولية على الأفرقاء الآخرين. ماذا قال شنكر في مقالته؟ قال إن المحكمة الخاصة بلبنان ومركزها لاهاي أدانت عضواً في "حزب الله" لإسهامه في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. لكنه لا يزال طليقاً وبحماية "الحزب" وقال إن انفجار مرفأ بيروت قبل نيّف وثلاث سنوات، الأكبر في العالم منذ عقود، يتحمّل مسؤوليته "حزب الله" أيضاً مع آخرين ساعدوه بإهمالهم أو بإرادتهم في التغطية على شحنة نيترات الأمونيوم التي خزّنها في مستودعاته "مجهول". والسبب أنه "يسيطر" على المرفأ ويُشتبه في أنه سهّل نقل بعض الأمونيوم الى سوريا فاستخدامها في تصنيع "براميل متفجرة" ألقتها قواتها العسكرية على "الثوار". والسبب أيضاً قدرته على تعطيل القضاء. علماً بأنه معطّل من دون "جميلته" ومن زمان من جرّاء وقوعه في قبضة الأقوياء في البلاد من لبنانيين وغيرهم أصحاب الأجندات المؤذية لها. بعد ذلك انتقل شنكر الى مآثر الدولة فيه فتحدّث عن "إنجازات" السفير السابق في باريس رامي عدوان الذي رفض لبنان السماح لها بمحاكمته بعد التحقيق معه، وآثر استعادته الى "وزارته" كي يتمتع مثل كل المشكوك في ارتكابهم "مآثر" قاتلة في بلادهم بحمايتها ويتنعّم بكون القضاء في حال موت سريري يشرف عليها قضاة منتمون الى قيادات متناقضة. ثم تناول حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة فقال إنه "محميّ من ملاحقة قضاء الخارج له ولا سيما فرنسا وألمانيا اللتين سطّرتا مذكرات دولية لتوقيفه لاتهامه بالفساد. لكنه بعد انتهاء ولايته الخامسة قبل مدة قصيرة يواجه اتهامات داخلية بتحويل 300 مليون دولار من مصرف لبنان الى حساباته في الخارج. لكنه لا يزال طليقاً، لا لعجز القوى الأمنية عن تبليغه مذكرة إحضار أو عن توقيفه بل لحماية إجماعية له من المنظومة السياسية". بعد ذلك وصل شنكر الى كارلوس غصن المستقر في إحدى الدول الثلاث التي يحمل جنسياتها أي لبنان، والذي فرّ من اليابان بعد إفراج مشروط عنه لاستكمال محاكمته الى لبنان بطريقة "هوليوودية". وهو الآن يتنعّم بسبعين مليون دولار حراً طليقاً لأن قانون بلد ولادته يمنع تسليم مواطنيه الى دول أجنبية لمحاكمتهم ويدّعي أن قضاءه يفعل ذلك. لكنه لم يفعل ذلك حتى الآن.

ما يعيبه شنكر على لبنان هو غياب المحاسبة فيه وبقاء عشرات جرائم القتل وربما مئات بعيدة عن المحاكم والقضاء وأهمّها طبعاً الاغتيالات السياسية القاتلة التي تذهب الشبهة فيها الى جهات عدّة معروفة داخل لبنان وخارجه. ومنها أيضاً قتل أو مقتل عناصر من قوات "اليونيفيل" في الجنوب. ويُنهي بالقول: "إن لم تكن المحاسبة أولوية في عواصم أوروبا التي استمرّت في دعم لبنان مالياً فإنها مصدر قلق مهم في واشنطن. فوزارة الخزانة حدّدت نُخباً لبنانية متورطة في الفساد استناداً الى قانون ماغنيتسكي وغيره. وأيدها الكونغرس لكن بيروت لم تتجاوب وبقي المرتكبون أحراراً. على واشنطن أن لا تسكت وقد فعلت ذلك في اجتماع تموز الماضي للجنة الخماسية في الدوحة الذي خُصِّص للضغط من أجل ملء الشغور الرئاسي في لبنان وتشجيع الإصلاح الاقتصادي، والذي هدّد المشاركون فيه بفرض عقوبات على كل من يعطّل ذلك. ولم يهتم اللبنانيون له ولا لمقرراته، واكتفوا بسلطة تنفيذية ضعيفة تصرّف الأعمال. ربما على اللجنة الخماسية أن تُهدِّد بالسعي الى منع وفد لبنان من الاشتراك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الأسابيع المقبلة عقاباً بسبب فشل حكّامه كلهم وسياسييه وهيئاته في المحاسبة أو ربما عدم رغبتهم فيها. وإن كان تسليم عناصر من "حزب الله" الى القضاء في دول خارجية متعذّراً لأسباب مفهومة فلا أحد يفهم الإحجام عن تسليم آخرين لا تحميهم منظمات حزبية وعسكرية بل شركاء لهم في الفساد داخل بلادهم.

سركيس نعوم - النهار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا