الصحافة

"الحزب" يعيد إنتاج هوية سلاحه: من مجابهة إسرائيل إلى حماية الشيعة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كما هي الحال عند ثبوت رؤية الهلال غروب التاسع والعشرين من الشهر الهجري، فيقال عندها إن "اليوم التالي هو المتمّم لهذا الشهر"، ينطبق هذا التوصيف على العمل الإرهابي الذي أودى بحياة ثلاثة عناصر من "حرس الحدود" السوري، ليصير الجزء المتمّم للمحاولة الانقلابية التي حصلت منذ أيام في الساحل السوري. إلا أن هذا الانقلاب الذي صارت بصمات ملالي إيران واضحة عليه، بالتكافل والتضامن مع أذرعهم الخبيثة في المنطقة، ليس ضد الدولة التي يُعاد تكوينها أو الحكم الناشئ فيها، بل الأخطر أنه ضد داعمي وعرّابي العملية الانتقالية برمتها، أي المجتمعين الدولي والعربي.

لا يمكن لـ "حزب الله" الاختباء خلف التوريات الشكلية، عبر نسب العمل إلى "العشائر" أو قطعان المهرّبين، في لبوس شبيه بذاك الذي اعتاد إسقاطه على عمليات استهداف قوات "اليونيفيل"، أي "الأهالي". ذلك أن الأصل في الحكاية هو من يقف خلف هؤلاء وأولئك، ويوظّف عملياتهما ضمن سياق لا يخدم سوى أهدافه التخريبية. فما من "أهالي" قادرين على قنص عناصر الكتيبة الإيرلندية ضمن آليتهم العسكرية بطريقة قاتلة إلا إن كانوا محترفين، وما من "عشائر" أو مهرّبين لديهم القدرة على تشكيل "غرفة عمليات" عسكرية منظّمة، تتضمن قاعدة بيانات وخططاً لاستهداف "حرس الحدود" السوري إلّا إن كانت ثمّة جهة متمرّسة في مثل هذا النوع من الأعمال تقف خلفهم.

ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن الحدود السورية - الأردنية تقف شاهدة على أعمال مشابهة استنزفت عمّان لسنوات ودفعتها لخوض معارك ضارية في مواجهة تحالف الميليشيات الإيرانية. بيد أن هذه العمليات تراجعت إلى الحدود الدنيا مذ سقوط نظام الأسد، مع أن قطعان المهرّبين لا تزال موجودة، إنما الفيصل كان في تفكّك البنية الميليشياوية وعقلها التنظيمي الذي وصل إلى تهريب "الكبتاغون" بواسطة "الدرون".

علاوة على ذلك، فإن الأمر ليس قاصراً على الأراضي الحدودية المتداخلة في بعلبك، بل يشمل الجانب العكاري أيضاً، حيث قامت وحدة من "حزب الله" باستهداف سوريا منه ليل السبت بقذائف صاروخية، في محاولة لتوريط دمشق في رد يطال هذه البقعة، على أمل سقوط دماء سنّية تستدرج ردود أفعال ضد القرى العلوية والنازحين الجدد، تسهم في تعزيز رواية المظلومية التي يقودها الجهاز الدعائي الواسع التأثير لحزب بنى مجده على الدماء، بقصد صياغة هوية جديدة لسلاحه: حماية الشيعة من مذابح أهل السنة.

هذا العنوان الذي ظهر بوضوح في تصريحات نواب "الحزب"، مثل حسن فضل الله، وعدد من مسؤوليه من رجال الدين، وتدفّق بعدها إلى منصات التواصل عبر جيشه الإلكتروني، يؤكّد تحوّله من قوة إقليمية ترفع لواء مقاومة إسرائيل عبر "وحدة الساحات" إلى ميليشيا غارقة في زواريب الطائفية.

قبلها، وبالتزامن مع المحاولة الانقلابية في سوريا، سعى "الحزب" إلى خلق فقاعة إعلامية حول الجبهة السنّية - العلوية في طرابلس، إلا أن سرعة تصدي "العهد" لها عبر الأجهزة الأمنية كانت حاسمة، حيث منع بعض زمر المرتزقة من التحرك تماماً، ميدانياً كما عبر منصات التواصل. لكن "الحزب" لم يستكِنْ، فحصلت محاولة أخرى مرّت مرور الكرام، وهي عملية توقيف خلية إرهابية تصب الزيت على النار التي يسكبها منظرو الممانعة حول شبكات إرهابية سنّية.

وهنا بالضبط تظهر حرب "الشرعية" التي يقودها "العهد" ضد مراكز قوى "الدويلة" وبنيتها الاحتلالية ضمن مؤسسات الدولة، وهي حرب شديدة التعقيد مع نفوذ متجذر منذ حقبة وصاية نظام الأسدين، حيث يعمل رئيس الجمهورية على تنفيذ ما تحدث عنه في خطاب القسم حول وحدة السلاح والقرار، من خلال نهج يقوم على سياسة الاحتواء وعدم المجابهة المباشرة، في موازاة عملية تغيير واسعة داخل الأجهزة الأمنية تعبّد الطريق أمام إصلاح المعوجّ من عقيدتها، ولا سيما بعدما صار الإرهاب السنّي بضاعة "مزجاة" ليس لها عائد سياسي، وتخفّف تأثير الولاء لـ "الدويلة" على حساب الدولة حتى إذابته. 

سامر زريق - نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا