الحرارة فوق معدّلاتها الموسميّة في لبنان... فهل هذا مؤشر لشتاء خفيف؟
شهد لبنان في الآونة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في درجات الحرارة الموسمية، حيث تجاوزت المعدلات الطبيعية في العديد من المناطق. ويعود هذا الارتفاع إلى مجموعة من العوامل، منها التغير المناخي الذي يعتبر أحد أهم الأسباب التي أدت إلى زيادة حدة الظواهر الجوية المتطرفة، بما في ذلك موجات الحرارة الشديدة.
يعتبر لبنان من الدول الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، حيث من المتوقع أن تشهد البلاد زيادة في درجات الحرارة وانخفاضًا في المتساقطات المطرية في السنوات المقبلة. ومن شأن هذه التغييرات أن تؤثر بشكل كبير في مختلف القطاعات، بما في ذلك الزراعة والمياه والسياحة والصحة.
لبنان في عين العاصفة!
في ما يتعلق بدرجات الحرارة الموسمية، فقد شهد لبنان خلال السنوات الماضية عدة موجات حرارة شديدة، حيث سجلت درجات الحرارة في بعض المناطق أرقامًا قياسية. على سبيل المثال، في عام 2020، وصلت درجة الحرارة في منطقة البقاع إلى 45 درجة مئوية، وهي أعلى درجة حرارة سجلت في لبنان منذ عقود.
وتشير الدراسات العلمية إلى أن موجات الحرارة الشديدة ستصبح أكثر تواترًا وشدّة في المستقبل، مما سيشكل ضغطًا كبيرًا على الموارد المائية والبنية التحتية في لبنان. بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة، فإن لبنان يعاني أيضًا من انخفاض في المتساقطات المطرية. فقد انخفضت كمية الأمطار التي تساقط على لبنان في السنوات العشر الماضية مقارنة بالمعدل الطبيعي. ومن المتوقع أن يستمر هذا الانخفاض في المستقبل، مما سيزيد من خطر حدوث الجفاف.
كيف سيكون فصل الشتاء؟
كشف الخبير البيئي ورئيس حزب "البيئة العالمي" البروفيسور ضومط كامل، أنه لا يمكننا معرفة ما إذا كان فصل الشتاء سيكون قارساً أم لا، فالمسألة ترتبط بحركة الكتل الهوائية على كوكب الأرض. وبات مسار معظم الكتل الهوائية متغيراً في الآونة أخيراً بسبب الحروب القائمة والاحتباس الحراري، ونتيجةً لذلك، قد نشهد تساقط للثلوج في مناطق لم يسبق أن شهدت ثلوجاً والعكس صحيح.
وقال: نحن أمام اضطراب مناخي عالمي، ومسار معظم الكتل الهوائية تغيّر بشكل كبير، مما أدّى إلى خسائر كبيرة على مستوى الزراعة والمحاصيل". على سبيل المثال، زرع المزارعين الذين يعتمدون على الأمطار الموسمية لريّ مزروعاتهم مرتين هذا العام، كالخسّ، السلق والفول، وبالتالي تكبّدوا خسائر فادحة دون الحصول على أي نتيجة من محاصيلهم.
اضاف: وبالإضافة إلى الزراعة، من شأن الآثار السلبية لتغير المناخ أن تؤثر على مختلف القطاعات في لبنان، بما في ذلك:
- المياه: سيؤدي الانخفاض في المتساقطات المطرية إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية، مما سيشكل ضغطًا كبيرًا على الموارد المائية في لبنان.
- الصحة: ستؤثر موجات الحرارة الشديدة في صحة السكان، حيث ستزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفيات المرتبطة بالحرارة.
وعن مواجهة تحديات تغير المناخ، قال كامل : يجب على لبنان اتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من آثار هذه التغييرات والتكيف معها. ومن أهمها:
- تعزيز كفاءة استخدام المياه: يجب على لبنان اتخاذ إجراءات لتقليل استهلاك المياه، مثل استخدام الري الذكي وتحسين إدارة شبكات المياه.
- زيادة حصاد الأمطار: يجب على لبنان تنفيذ مشاريع لحصاد الأمطار، مثل بناء السدود الصغيرة والخزانات لتخزين المياه.
- تطوير الزراعة المقاومة للجفاف: يجب على لبنان دعم المزارعين في تبني ممارسات الزراعة المقاومة للجفاف، مثل استخدام أنواع من المحاصيل تتحمل الجفاف وتحسين أساليب الري.
- توعية المجتمع: يجب على لبنان توعية المجتمع حول مخاطر تغير المناخ وتشجيع الأفراد على اتخاذ إجراءات لتخفيف آثار هذه التغييرات، مثل توفير الطاقة وترشيد استهلاك المياه. ومن خلال اتخاذ هذه الإجراءات، يمكن للبنان الحد من الآثار السلبية لتغير المناخ والتكيف معها بشكل أفضل.
تغير المناخ وآفاقه المستقبلية
شهد عام 2023 العديد من الظواهر الجوية المتطرفة التي نسبت إلى تغير المناخ، بما في ذلك موجات الحرارة الشديدة والعواصف الشديدة والجفاف. وشهد العالم أيضًا ارتفاعًا قياسيًا في درجات الحرارة العالمية، حيث تجاوزت المعدل الطبيعي بأكثر من درجة مئوية واحدة. وتشير التوقعات إلى أن تغير المناخ سيستمر في التفاقم في السنوات المقبلة، مما سيؤدي إلى زيادة تواتر وشدّة الظواهر الجوية المتطرفة. ومن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030، مما سيؤدي إلى زيادة خطر حدوث موجات الحرارة الشديدة، والجفاف، وفيضانات الأنهار.
ومن المتوقع أيضًا أن تتأثر المناطق الساحلية بارتفاع مستوى سطح البحر، مما سيؤدي إلى زيادة خطر حدوث الفيضانات والأمواج العاتية. كما من المتوقع أن تتأثر الغابات بنقص هطول الأمطار، مما سيزيد من خطر حدوث حرائق الغابات.
وإلى جانب هذه الآثار المباشرة، فإن تغير المناخ سيؤدي أيضًا إلى آثار غير مباشرة، مثل انتشار الأمراض المعدية، وانعدام الأمن الغذائي، والهجرة الجماعية.
ولمواجهة هذه التحديات، يجب على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف مع آثار تغير المناخ. ومن أهم هذه الإجراءات:
- الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة: يجب على الدول الاستثمار بشكل أكبر في مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المسبب الرئيسي لتغير المناخ.
- تحسين كفاءة استخدام الطاقة: يجب على الدول والمواطنين اتخاذ إجراءات لتحسين كفاءة استخدام الطاقة، مثل استخدام الأجهزة الموفرة للطاقة وترشيد استهلاك الكهرباء.
- حماية الغابات: يجب على الدول اتخاذ إجراءات لحماية الغابات، التي تعتبر من أهم مخازن الكربون في العالم.
- التكيف مع آثار تغير المناخ: يجب على الدول الاستثمار في مشاريع التكيف مع آثار تغير المناخ، مثل بناء سدود لحماية المناطق الساحلية من ارتفاع مستوى سطح البحر، وتطوير أنظمة إنذار مبكر للفيضانات والجفاف.
شانتال عاصي - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|