الصحافة

قراءة عسكرية لجبهة الجنوب: لبنان تبلّغ موعد "الحرب الإسرائيليّة"؟!!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا أحد يعرف معنى الحرب التي يشهدها جنوب لبنان إلّا من قصده. أصوات مسيّرات وطائرات لا تغادر فضاء القرى والبلدات والدخان ينبعث بعد الغارات من الوديان والتلال على امتداد البلدات والقرى المحاذية للحدود. هناك تتضاعف الهموم خشية عدوان إسرائيلي وشيك، وحزن عميق على الشهداء الذين يسقطون في أرض المعركة. همس كثير ومخاوف من خرق استخباراتي وأمني على أرض وطأتها أقدام الغرباء فاستباحتها، منذ بداية العدوان الإسرائيلي.

لـ»حزب الله» روايته الأمنية والعسكرية لسير المعركة ولسقوط شهدائه. وباستثناء استهداف المسؤول الفلسطيني صالح العاروري في عمق الضاحية الجنوبية، فإنّ كل شهدائه سقطوا في أرض المعركة «إما لدى عودتهم من تنفيذ عملية عسكرية أو في طريقهم لتنفيذها». عدم التزام العاروري الإجراءات الأمنية التي أحيط بها كانت سبباً في استهدافه. سبق وتلقى نصائح بعدم التواجد في المكان حيث استهدف، وبإلغاء اجتماع كان مقرراً في اليوم ذاته، وأكثر من ذلك فقد استخدم الحضور هواتفهم الخليوية ما سهّل عملية تتبعهم.

أمّا في ما يتعلق بدقة الأهداف جنوباً وسقوط عدد كبير من العناصر في صفوف «الحزب»، فقد اختلف الوضع اليوم عما كان عليه يوم بدأت الحرب. يعترف «حزب الله» أنّه صار أكثر انكشافاً في السنوات الأخيرة، بعد مشاركته في الحرب في سوريا التي كانت مفتوحة على كل أنواع المخابرات، وتشابك عمليات التجسس، ما سهّل عملية جمع المعلومات، فضلاً عن تساهل البعض في التعامل انطلاقاً من وجود قواعد اشتباك، وظنّه أنّ اسرائيل لن تردّ على أي استهداف يطالها.

بدّل «حزب الله» استراتيجية تعامله العسكري، حتى سكان المناطق الحدودية يتخذون اجراءات احترازية، تفادياً لأساليب اسرائيل وتطورها الاستخباراتي والتكنولوجي بشكل يعيق عمليات استهدافه. لكل حرب ثمن و»الحزب» يدفعه غالياً وسيستمر. ذلك أنّ قراءته لا تشي بنهاية قريبة للحرب الدائرة في الجنوب ربطاً بالحرب على غزة. الحل لم ينضج بعد وخطواته الجديدة لم تتوضح، لكن في قناعته أنّه لولا الحرب الإستباقية التي يخوضها إنطلاقاً من جنوب لبنان لكانت صواريخ اسرائيل وصلت الى بيروت. حسب المعطيات التي توافرت لديه فإنّ رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو كان يعتزم تجاوز حربه على غزة وشن حرب على لبنان لتحقيق مكسب عسكري، لكن حربه في غزة منعته من تحقيق مبتغاه، فضلاً عن الضغوط الدولية.

أدّت الحرب التي يخوضها «حزب الله» غرضها بالحدّ من الحرب جغرافياً، لكنّها لم تجعل لبنان في منأى عن توسعها، لذلك أعلن أقصى درجات الجهوزية والاستعداد لأي عمل عسكري إسرائيلي غير مستبعد، ولو كانت نسب حصوله غير مرتفعة. فمؤشراته تقول إنّ اسرائيل ستمتنع عن خوض الحرب، وإنّ التهديدات بشنها يقع في سياق الضغط عليه لقبول تسوية حيال القرار 1701 وإخراج قوات «الرضوان» الى بعد 7 كيلومترات من الحدود، ونشر الجيش اللبناني أو قوات الطوارئ بعد تعديل صلاحياتها، وتطمين المستوطنين وحضهم على العودة. أما في الواقع العسكري فإنّ اسرائيل ليست جاهزة للحرب. لا تستهين بتهديدات «حزب الله» الذي لم يستخدم كامل قدراته العسكرية والقتالية بعد، ولعلمها أنّ عواقب الحرب ستكون وخيمة عليها، وأنّ الحرب على غزة تختلف عن الحرب على لبنان، حيث الإمتداد والعمق الأوسع لأي جبهة من لبنان الى سوريا فالعراق، ناهيك عن رد فعل الإقليم الرافض توسع الحرب ومثله الأميركي، وإن كان شريكاً في خوضها.

ما تشهده ساحة الجنوب يجعل «حزب الله» أكثر إصراراً على بلوغ تسوية لمصلحته ولمصلحة الفلسطينيين في غزة. هذه المرة تختلف عن سابقاتها. فالحرب هذه المرة لن تكون نزهة للإسرائيلي حسب قوله. قد تجرّ معها دماراً هائلاً، لكنها ستضع مصير إسرائيل على المحك. الثمن الذي يدفعه «حزب الله» يجعله لا يلتفت إلا لساحة معركته بعيداً عن أي ضجيج سياسي.

غادة حلاوي - نداء الوطن

من ناحية أخرى، كتبت الديار 

 

بقوة دفع دولية غير مسبوقة، يتحرك ملف لبنان امنيا وسياسياً، وسط  حركة ديبلوماسية ناشطة تتصدر الاحداث المحلية، التي عادت الكثير من ملفاتها المنسية تطفو على سطح الاحداث، املا في تحقيق توافق داخلي - دولي على حد ادنى يؤمن نواة صالحة لادارة مرحلة الحرب، التي باتت "مكتوبا" ما منه مهروب، اذا صحت النيات والتوقعات.

ففي ظل الحشود العسكرية "الاسرائيلية" المتزايدة على الحدود، وفقا للتقارير الاستخباراتية والاعلامية، ومع استدعاء حزب الله لاحتياطه العسكري وتعزيز قواته في الجنوب، استعدادا لما قد يطرأ من احداث، تسير الجبهة اللبنانية بخطى ثابتة نحو الانفجار، الذي يبقى سؤال توقيته عالقا عند المفاوضات، والجهة التي ستطلق صفارة انطلاقه، خصوصا ان ثمة من يعتقد ان البادئ سيكون الخاسر.

مصادر سياسية متابعة، رأت ان الخشية ليست من الحرب وتداعياتها وحسب، انما مما تخفيه من اجندة واهداف ترمي "اسرائيل" الى تحقيقها من خلال تصعيدها المتدرج لاعتداءاتها، قبل الوصول الى قرار الذهاب نحو التسوية الديبلوماسية وابلاغه الى الموفد الاميركي اموس هوكشتاين الناشط في زيارة مكوكية بين بيروت و"تل ابيب". علما ان امكانية تحريك الملف الرئاسي التي كانت معلقة على عودة الموفدين الفرنسي والقطري الى بيروت قريبا لم تعد هدفا لاهل الداخل والخارج، انما بات الحفاظ على الواقع الامني والسياسي الحالي هو الغاية من الاستنفار الديبلوماسي باتجاه بيروت، مع عودة التحذيرات من قبل بعض الدول الاوروبية لرعاياها بعدم زيارة لبنان، ومطالبة الموجودين فيه بمغادرته عاجلا.

 وتكشف المصادر ان ساعة الصفر لانطلاق العمليات العسكرية على الجبهة اللبنانية، والتي يتوقع ان تكون ساحتها الحامية المنطقة الواقعة حتى نهر الاولي، ستكون مع اعلان فشل جولة المباحثات الجديدة حول انجاز الانتخابات الرئاسية.

وتابعت المصادر بان سفيرا عربيا ابلغ مرجعية رئاسية رفيعة، عن ان المعلومات المتوافرة تؤكد عزم "اسرائيل" تنفيذ "شيء ما" ضد لبنان، وان ذلك سيحصل بغطاء دولي وغربي، قد تكون نتيجته قرار دولي جديد ملزم، لن تعارضه موسكو بالتأكيد وان تحفظت عنه.

واشارت المصادر الى ان الرهان على ان اشتعال جبهة غزة يقي لبنان من عملية عسكرية هو تحليل خاطئ، اذ يبدو ان "تل ابيب" لن تكون وحيدة في حربها ضد لبنان، اذ تكشف معظم التقارير الاستخباراتية عن دور استعلامي اميركي وبريطاني كبير في المواجهات الجارية راهنا على الجبهة الجنوبية.

ورأت المصادر ان الاعلان الايراني عن ان حزب الله مختلف عن الوضع مع حماس، انما يعقد الامور، في ظل الرغبة الاميركية في "حشر" طهران وحارة حريك، اللتين حتى الساعة يرغبان بابقاء لبنان خارج معادلة المواجهة الشاملة، رغم ان واشنطن "تأخذ دول المحور بالمفرق" من اليمن الى العراق، مرورا بغزة بعد تحييد سوريا بقرار روسي.

وفي هذا الاطار، يروي ديبلوماسي عربي في بيروت، ان بلاده تواصلت مع طهران من اجل تخفيف حدة التوتر على الجبهة الاميركية – الايرانية، خصوصا بعد توقف الاتصالات بين الطرفين، والاتهامات العسكرية الاميركية المباشرة للحرس الثوري بالوقوف وراء الهجمات التي تطال القواعد الاميركية من جهة، والسفن العابرة في البحر الاحمر، والرد عليها باتفاق مع روسيا في سوريا، حيث وجهت ضربة هي الاقوى للوجود الايراني فيها.

ميشال نصر -الديار

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا