100 سنة جديدة من الحروب... قد تنطلق بعد انتهاء المعارك في غزة...
يدور مستقبل الشرق الأوسط، والحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة "حماس" منذ نحو ثلاثة أشهر ونصف، وفرص السلام الإقليمي، حول تشكيل دولة فلسطينية، وفرص النجاح بحلّ الدولتَيْن.
ولكن بالنّظر الى بعض المواقف والتصريحات، تتعقّد الخريطة السياسية واحتمالاتها المستقبلية، أكثر فأكثر.
ففي هذا الإطار، يؤكد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أنه لن يسمح بقيام دولة فلسطينية ما دام هو في منصبه، لافتاً الى أن الصراع ليس على قيام دولة فلسطينية، بل القضاء على الدولة اليهودية.
وإذا أخذنا الضغط الأميركي على نتنياهو، نجد أن الحلول قد تكون سهلة، وأن حلّ الدولتَيْن ماضٍ في طريقه بسلاسة. ولكن، بالنظر الى مقولة "ما دمتُ في منصبي" التي تحدث عنها نتنياهو، وواقع الانتخابات في إسرائيل، وتشديد واشنطن على ديموقراطية الدولة الإسرائيلية، نجد أن الأمور تُصبح أكثر تعقيداً.
فماذا عن مرحلة ما بعد خروج نتنياهو من السلطة، وما بعد محاكمته وسجنه ربما مستقبلاً، في ما لو خاضت الانتخابات البرلمانية في إسرائيل شخصيات رافضة لحلّ الدولتَيْن، أو شخصيات رافضة وأخرى تقبل بتأسيس دولة فلسطينية، فيما منح الناخب الإسرائيلي صوته لمن يرفضون تلك الدولة (الفلسطينية)، ولمن سيعرقلون أي مسار مرتبط بها؟
وماذا لو مُنِحَت تلك الشخصيات فرصة تشكيل الحكومات في إسرائيل الى ما بعد عقود، بدعم من الناخب الإسرائيلي المصدوم من هجوم 7 أكتوبر 2023، والرافض لأي مساومة مع الفلسطينيين؟
في تلك الحالة، سيكون الشعب الإسرائيلي قرّر مستقبل إسرائيل السياسي، بالانتخابات التي لن تتمكّن الولايات المتحدة الأميركية نفسها، ولا أي دولة أخرى غيرها تُنادي بالديموقراطية، أن تناقش فيها، نظراً لكون النتائج ستعبّر عن مزاج شعبي وفق مسار ديموقراطي. وهو ما يعني أن فرص حلّ الدولتَيْن ستُصبح أضعف حتى في مرحلة ما بعد نتنياهو، بموازاة ارتفاع حظوظ التمادي بالحروب من جديد.
يحذّر بعض المراقبين من قدرة تأثير الناخب الإسرائيلي على مستقبل الحلّ العام للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. فبعض الإسرائيليين، ومن بينهم أقارب لأسرى في قطاع غزة، يحاولون اعتراض مرور الشاحنات التي تنقل مساعدات إنسانية لغزة، بين الحين والآخر، وهو ما يمكنه أن يشكّل دليلاً بحسب بعض الخبراء، على قدرة المزاج الإسرائيلي الشعبي على التأثير في كل ما يتعلّق بالمباحثات الرسمية الإسرائيلية بشأن الملف الفلسطيني، مستقبلاً.
أوضح سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة أن "أول قضيّة ستتركّز حولها الجهود والمواجهات السياسية بعد انتهاء حرب غزة، هي تلك المتعلّقة بقضيّة الدولة الفلسطينية".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "المتطرّفين اليهود لديهم فكرة تقوم على إمكانية طرد الفلسطينيين تدريجياً، من دون تأسيس دولة ثانية الى جانب إسرائيل. كما كان لدى اليهود فكرة أخرى، تحدّثوا بشأنها مع الأميركيين، وهي إنشاء ما يُشبه "الكانتونات" للفلسطينيين، تُتيح مراقبتهم عن كثب، وتمنعهم من المرور من "كانتون" الى آخر من دون المرور بإسرائيل، والخضوع للرقابة الإسرائيلية. ومن الأفكار القديمة التي تُحيط بالقضية الفلسطينية أيضاً، تأسيس دولة واحدة يتعايش فيها الفلسطينيون والإسرائيليون جنباً الى جنب. وكل تلك الأفكار لا تزال مطروحة على الطاولة، وذلك رغم أن الغرب والعرب يتحدّثون حالياً عن حلّ الدولتَيْن".
ولفت طبارة الى أنه "إذا نجح نتنياهو بتطبيق كل ما يريده هو، فهذا يعني 100 سنة جديدة من الحروب. وهذا من الاحتمالات الممكنة إذا انتهت الحرب الحالية كجولات القتال السابقة. ولكن من المرجّح أن يضغط الغرب كلّه عليه (نتنياهو)، وعلى السلطات الإسرائيلية، لدفعهما الى السّير بحلّ الدولتَيْن".
وأضاف:"هناك مشكلة على هذا الصعيد أيضاً. فالى أين ستصل مفاوضات حلّ الدولتَيْن في النهاية؟ وبتعبير أوضح، ما هو حلّ الدولتَيْن الذي يُحكى عنه؟ هو أشبه بإبرة "مورفين" على الأرجح، في الوقت الحاضر، يقول للفلسطينيين خذوا التهدئة والسلام بعد هذا الكمّ الكبير من الدمار".
وشرح طبارة:"الضغط الكبير لم يبدأ بعد، وسيكون ضغطاً أميركيّاً على إسرائيل، وضغطاً إسرائيلياً على الولايات المتحدة الأميركية. ولكن حتى ولو تحدّث (الرئيس الأميركي جو) بايدن عن حلّ الدولتَيْن في تصريحاته، فهو لا يتحدّث عن دولة فلسطينية مسلّحة، ولا عن دولة فلسطينية لديها أمنها وجيشها الخاص وشرطتها الخاصة، أي انه بدأ يتنازل على صعيد طبيعة الدولة الفلسطينية التي يمكن تأسيسها بموجب حلّ الدولتَيْن. وهناك الكثير من الدول في الأمم المتحدة منزوعة السلاح. وهذا التنازل قد يكون محاولة لخلق دولة مسخ، يقبل بها الإسرائيليون، خصوصاً أنه (بايدن) تحت ضغط انتخابي في السنة الحالية، التي هي سنة الانتخابات الرئاسية الأميركية".
وتابع:"هذه هي النقطة التي سيتركز عليها الصراع بعد حرب غزة. وإذا لم تحسم الحرب الدائرة حالياً أي فرصة للتغيير، فستكون المنطقة أمام 100 سنة جديدة من الحروب".
وختم:"هناك أقلية فكرية وسياسية في إسرائيل تقول إنه لا يمكن لها (إسرائيل) أن تعيش بسلام إلا بموجب حلّ الدولتَيْن. وحتى إن بعضهم يقول إن ذلك يمكنه أن يحصل بشبه دولة واحدة يتعايش فيها الإسرائيليون والفلسطينيون معاً. ولكن هذا يعني أنه لن تكون هناك دولة يهودية، وهو ما يرفضه اليمين المتطرّف في إسرائيل. فالأفكار كثيرة ومتضاربة، ولا يمكن البتّ بشيء منها خلال الحرب، وبالتالي سيبدأ السجال الأكبر بعد انتهاء المعارك".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|