العمل للهدنة كحدٍّ أساسيّ... وتراجع سرعة تنفيذ الـ1701؟
يضمحلّ ترجيح إمكان بلورة متغيّرات جذريّة على نطاق الجبهة الحدودية اللبنانية الإسرائيلية حالياً في استثناء البحث عن تهدئة للاحتدام الحربيّ، رغم كلّ التعويل الداخليّ والتحفيز الخارجيّ على أهمية تطبيق القرار الدوليّ 1701 والحاجة الأساسية لتنفيذه فيما لا تزال تحول المناوشات القتالية من دون ذلك.
ويمكن الحديث عن تراجع للتوقعات في تطبيق سريع للقرار خصوصاً أن "حزب الله" يرفض بحث بلورته قبل انتهاء حرب غزّة، ولأنّ مشاورات كبير مستشاري الرئاسة الأميركية آموس هوكشتاين في تل أبيب لم تتضمّن ردّاً من الجانب الإسرائيلي على الطلب اللبناني الذي يشترط امتناع الطائرات الإسرائيلية عن الأجواء اللبنانية استناداً إلى المعطيات المتداولة في الإعلام العبريّ. ويعتبر اقتراح الهدنة منطقيّاً في هذه المرحلة من دون سواه. ويقلّل البعض من توقّع تحوّلات سريعة في الأوضاع اللبنانية الجنوبيّة خصوصاً بالنسبة إلى تنفيذ القرار 1701 رغم أهميته، طالما أنّ الانشغالات الإسرائيلية متركّزة الآن على مفاوضات غزّة والخيار الممكن اتخاذه في منطقة رفح والبحث عن سبل إطلاق الرهائن الإسرائيليين. وكانت مباحثات هوكشتاين في تل أبيب شملت طرح انسحاب "حزب الله" من المنطقة الحدودية حتى مسافة محدّدة لا يطالها مدى سلاحه في مقابل انتشار الجيش اللبناني حصراً مع قوّات "اليونيفيل" حدودياً ثم انطلاق مفاوضات ترسيم الحدود البريّة. وينتفي احتمال بلورة هذه النقاط من جانب "حزب الله" قبل انتهاء حرب غزّة. من جهتها، تعوّل رئاسة الحكومة اللبنانية على التوصية الصادرة عن المستشار الأميركي لناحية أهمية العمل على إنجاز الحلّ في غزّة وفي لبنان، فيما الخشية من أن أي هدنة في غزّة لن تمتدّ بالضرورة تلقائياً نحو الجنوب اللبناني.
هل يقلّل ما يحصل من فرص تطبيق الـ1701 كلّياً طالما أن هناك من ينادي لبنانياً بتنفيذ أجزاء منه فحسب؟ انطلاقاً مما تقوله أوساط رئاسة الحكومة اللبنانية عبر "النهار"، ليست هناك من تفاصيل متّفق عليها حول ما يمكن أن يطبّق حتى اللحظة إنما تدعم رئاسة الحكومة ضرورة تنفيذ القرار بكافة بنوده انطلاقاً مما يختصّ في المنطقة الخالية من السلاح والعناصر المسلّحة ما بين جنوب الليطاني والحدود الجنوبية استناداً للتوصيات الصادرة عن الأمم المتحدة التي تتمسّك بها قوى عدّة لبنانية، خلافاً للتوجهات التي يريدها "حزب الله" في اعتباره أنّ القرار 1701 لم يسهم في حماية لبنان أبداً بل معادلة "جيش شعب مقاومة". وتشكّل التهدئة الحدودية الجنوبية بمثابة خطوة أساسيّة تريدها الحكومة اللبنانية على أن تستكمل عبر تعزيز حضور الجيش اللبناني حدوديّاً ومحاولة حلّ الاختلاف في وجهات النظر بين لبنان وإسرائيل حول الخطّ الأزرق خلال الفترة المقبلة. ولا توافق الأوساط الحكومية على ما تطرحه بعض القوى السياسية في لبنان حيال استثناء بعض البنود من التطبيق العمليّ أو حصر التنفيذ في مندرجات محدّدة فقط، ذلك أنّ مضمون القرار لا يحتمل تقسيم فحواه. وإذا كان يحكى عمليّاً عن تهدئة حدودية فإنّها في حال حصلت لن تكون في إطار تنفيذ الـ1701 إنما يراد لها أن تكون محطة تمهيدية قبل الانتقال نحو بلورة القرار شمولاً في وقف الأعمال العسكرية كليّاً وانتشار الجيش اللبناني حصراً في المنطقة الحدودية مع قوات "اليونيفيل" جنوب الليطاني ثم البحث في سبل حلّ النقاط الترسيمية الخلافية حدوديّاً.
إنّ تنفيذ تفاصيل القرار 1701 يشمل إضافةً لإنهاء الأعمال الحربيّة المسلّحة بين لبنان وإسرائيل، بلورة منطقة خالية من أي مسلحين أو معدات حربية في استثناء تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات "اليونيفيل" بين الخط الأزرق ونهر الليطاني. وهناك من يعتبر أن الهدنة الحدودية إذا تحقّقت ستكون بداية للحدّ من الاقتتال كبندٍ أساسيّ في الـ1701 يحصل التحضير له حتى مع عدم دخول مرحلة التطبيق الكليّ. كيف ذلك إذا كان يحدّ من التنفيذ الصريح للقرار الدولي؟
تقلّص مصادر ديبلوماسية لبنانية واكبت اجتماعات المندوب الأميركي من إمكان الإحجام عن بلورة مندرجات الـ1701 في اعتباره قراراً متّخذاً في مجلس الأمن الدولي ولا إمكان للعمل على تقسيم فحواه بل إنما تطبيقه أو عدمه، خصوصاً أن أهمّ بنوده متمحورة حول وقف الأعمال العسكرية وبلورة المنطقة الخالية من السلاح جنوب الليطاني. واتّضح من الاجتماعات الديبلوماسية المتلاحقة وزيارات الموفدين الدوليين المتتالية في غضون الفترة الماضية، وفق معطيات استقتها "النهار"، أن لا طروحات مختلفة أو توجّه دولي نحو تنقيح اتفاق جديد إنما العمل على تطبيق القرار 1701 ذاته منعاً للإبقاء على حال الاحتدام الحربيّ الناشب. لكن، لا إمكان للبدء في تنفيذ القرار قبل أن يتحقّق "وقف الخروقات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية في موازاة المنطقة الفارغة من السلاح جنوب الليطاني". في غضون ذلك، لا تقلّل الأوساط اللبنانية السياسية الرسمية من الصعوبات التي لا تزال تحول من دون تنفيذ المنطقة الخالية. وينتظر لبنان حراك هوكشتاين بعد زيارته تل أبيب ومدى تطبيق الهدنة في غزّة مع العمل لأن تشمل نطاق الجبهة الحدودية الجنوبية اللبنانية. وبعدئذٍ، تدخل المنطقة في مرحلة حثّ للبحث في تطبيق القرار 1701 ثم الوصول للمفاوضات غير المباشرة لحلّ مشكلة النقاط الترسيمية الحدودية البرّية.
مجد بو مجاهد - "النهار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|