تقرير لـ"New York Times": إيران أقرب من أي وقت مضى من تصنيع قنبلة نووية
ذكرت صحيفة "The New York Times" الأميركية أن "حالة عدم اليقين التي رافقت وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، بعد أسابيع فقط من تبادل غير مسبوق للهجمات العسكرية مع إسرائيل، أعادت إلى الأذهان سؤالاً مخيفاً:هل عام 2024 هو العام الذي تقرر فيه إيران أخيراً أنها لم تعد قادرة على المجازفة بأمنها والسباق لبناء قنبلة نووية؟ حتى الآن، لم تتخذ إيران قط قرارًا ببناء سلاح نووي، على الرغم من أنها تمتلك على الأقل معظم الموارد والقدرات التي تحتاجها للقيام بذلك، لكن وفاة رئيسي خلقت فرصة للمتشددين في البلاد الذين لديهم حساسية أقل بكثير تجاه فكرة التحول إلى الأسلحة النووية مما كان عليه النظام منذ عقود".
وبحسب الصحيفة، "حتى قبل وفاة رئيسي، كانت هناك مؤشرات على أن موقف إيران ربما بدأ يتغير. وكان تبادل الأعمال العدائية الأخير مع إسرائيل، الدولة التي تمتلك ترسانة نووية غير معلنة ولكن معترف بها على نطاق واسع، قد أثار تغييراً في اللهجة في طهران.وقال كمال خرازي، أحد كبار مستشاري المرشد الأعلى الإيراني، في 9 أيار: "ليس لدينا قرار ببناء قنبلة نووية، لكن إذا تعرض وجود إيران للتهديد، فلن يكون هناك خيار سوى تغيير عقيدتنا العسكرية". وفي نيسان، حذر أحد كبار المشرعين الإيرانيين والقائد العسكري السابق من أن إيران يمكنها تخصيب اليورانيوم إلى نسبة نقاء 90% المطلوبة لصنع قنبلة نووية في "نصف يوم، أو دعنا نقول، أسبوع واحد". ونقل عن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي قوله إن النظام "سوف يرد على التهديدات على نفس المستوى"، مما يعني ضمناً أن الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية من شأنها أن تؤدي إلى إعادة التفكير في الموقف النووي الإيراني".
وتابعت الصحيفة، "لقد كانت علاقة إيران بالتكنولوجيا النووية دائما غامضة، بل ومتناقضة. وخلال نظام الشاه محمد رضا بهلوي الموالي للغرب في الستينيات والسبعينيات، والجمهورية الإسلامية المناهضة للولايات المتحدة التي تولت السلطة منذ عام 1979، أبقت إيران القوى الخارجية في حالة من التخمين والقلق بشأن نواياها النووية، لكنها لم تتخذ قط القرار بتجاوز عتبة التسلح بشكل كامل.وفي الواقع، هناك عدة أسباب مهمة وراء ذلك، بدءاً من التحفظات الدينية بشأن أخلاقيات الأسلحة النووية إلى عضوية إيران في المعاهدة العالمية لمنع انتشار الأسلحة النووية. لكن السبب الأكبر كان استراتيجيا".
وأضافت الصحيفة، "تاريخياً، خلص قادة إيران مراراً وتكراراً إلى أنهم سيستفيدون من "اللعب وفقاً لقواعد" النظام الدولي لمنع الانتشار النووي أكثر مما قد يحصلون عليه من السباق نحو الحصول على القنبلة النووية. وللقيام بذلك، يتعين عليهم أولاً الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، الأمر الذي من شأنه أن يشير على الفور إلى نواياهم للعالم ويمكن أن يستدعي التدخل العسكري الأميركي. وفي الوقت نفسه، كانت الحكومة الثورية مترددة في الرضوخ للمطالب الغربية وتفكيك برنامجها بالكامل، لأن ذلك من شأنه أن يظهر نوعاً مختلفاً من الضعف. ولا شك أن قادة إيران يدركون تمام الإدراك نموذج معمر القذافي في ليبيا، الذي وافق في عام 2003 على التخلي عن برنامج بلاده النووي، ثم أطيح به بعد ثماني سنوات في أعقاب التدخل العسكري من قِبَل تحالف بقيادة حلف شمال الأطلسي".
وبحسب الصحيفة، "لقد نجحت هذه الوسيلة الإستراتيجية بالنسبة للجمهورية الإسلامية، أقله حتى الآن. لقد أدى عقدان من السياسة النووية الأميركية المختلة تجاه إيران إلى خلق ديناميكية خطيرة، حيث تقوم طهران بتخصيب كمية كبيرة من اليورانيوم، إما كموقف دفاعي أو كتكتيك تفاوضي، وتشق طريقها تدريجيًا نحو القدرة على صنع سلاح قد لا تريده حقًا. وعندما نشأ النزاع النووي بين الولايات المتحدة وإيران لأول مرة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لم يكن لدى إيران سوى 164 جهاز طرد مركزي قديم وكانت شهيتها الحقيقية قليلة لبرنامج الأسلحة. إلا أن إصرار إدارة جورج بوش الابن غير الواقعي على موافقة إيران على "عدم التخصيب" أدى إلى تحويل الأمر إلى مسألة كرامة وطنية. وخلال السنوات التي أمضتها إدارة باراك أوباما في التفاوض مع إيران، استمر النظام في تخصيب اليورانيوم وزيادة مخزونه، جزئياً كتحوط ضد التنازلات المستقبلية. وبطبيعة الحال، فإن انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي في عام 2018 والحملة اللاحقة لأقصى قدر من الضغط زاد من تحدي إيران".
وتابعت الصحيفة، "اليوم تمتلك إيران الآلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة ومخزوناً كبيراً من اليورانيوم المخصب. وإذا كنا قد وصلنا بالفعل إلى هذا الحد، كما تقول الحجة، فلماذا لا نتجه نحو تصنيع القنبلة فحسب؟ في عهد آية الله خامنئي، ظلت إيران مصرة على أنه من الأفضل أن تظهر للعالم استعدادها للبقاء ضمن معاهدة حظر الانتشار النووي. ولكن في السنوات الأخيرة، مع تراكم العقوبات الغربية وخنق الاقتصاد الإيراني، أشار المتشددون في بعض الأحيان إلى أن البلاد لم تكسب أي شيء من هذا الموقف، وربما تكون في حال أفضل باتباع "نموذج كوريا الشمالية". حتى الآن، تم تهميش هذه الأصوات بسرعة، حيث من الواضح أن المرشد الأعلى لا يشاركه هذا الشعور".
وبحسب الصحيفة، "لقد أدى موت رئيسي إلى تغيير المشهد بسرعة وبشكل كبير. إن النظام الذي بدأ بالفعل في الانجراف نحو النزعة العسكرية وهيمنة الحرس الثوري الإسلامي، يخاطر الآن بالانتقال بقوة أكبر إلى هذا المعسكر. ويرى البعض في الحرس الثوري الإيراني أن الفتوى عفا عليها الزمن. وبغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي يجب الآن إجراؤها بحلول أوائل شهر تموز، فإن معركة الخلافة النهائية ستكون على دور المرشد الأعلى، ومن المرجح أن يلعب الحرس الثوري الإيراني دورًا حاسمًا في العملية الانتقالية. وكان يُنظر إلى الرئيس الراحل على أنه المرشح الأوفر حظا لخلافة آية الله البالغ من العمر 85 عاما. والآن، باستثناء نجل خامنئي، هناك عدد قليل من المتنافسين الأقوياء".
وتابعت الصحيفة، "تاريخياً، شعرت إيران أن استراتيجية التحوط النووي هي أفضل دفاع لها ضد العدوان والغزو الخارجي. وقد تستمر طهران في الاعتقاد بأن السباق على القنبلة النووية لن يؤدي إلا إلى المزيد من العداء، بما في ذلك من جانب الولايات المتحدة.إذاً، ومن وجهة نظر أحد المؤرخين، فإن احتمالية اندفاع إيران نحو تصنيع قنبلة نووية لم تكن أكثر واقعية مما هي عليه اليوم".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|