دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
كابوس بايدن: نتنياهو في واشنطن
لا يمكن النظر إلى الخطاب المرتقب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي الشهر المقبل إلا على أنّه تدخّل في الانتخابات الرئاسية الأميركية فيما تتراجع النظرة الإيجابية تجاه الولايات المتحدة في العالم العربي ترافقاً مع تراجع تأييد إسرائيل لدى الرأي العامّ الأميركي.
على الرغم من تباين وجهات النظر مع إدارة الرئيس بايدن في إدارة حرب غزة، والانتقادات التي وُجّهت لنتنياهو من قبل أعضاء في الكونغرس معظمهم من صفوف الحزب الديمقراطي، والاحتجاجات الشعبية المناهضة لإسرائيل وتحديداً داخل الجامعات الأميركية، وجّهت قيادات في الحزبين الديمقراطي والجمهوري دعوة لنتنياهو إلى إلقاء خطاب أمام الكونغرس في جلسة مشتركة لمجلسَيْ النواب والشيوخ في 24 الشهر المقبل. وكان قد تأجّل موعد الخطاب على أمل أن تكون حرب غزة قد توقّفت، فيخفّف ذلك من إحراج الإدارة وبعض القيادات الديمقراطية التي كانت قد وجّهت انتقادات لنتنياهو ولوّحت بمقاطعة الجلسة.
تُعتبر دعوة زعيم إلى إلقاء خطاب أمام الكونغرس الأميركي شرفاً كبيراً وتكريماً لهذا الزعيم وللدولة التي يمثّلها.
إلقاء خطاب أمام الكونغرس يمنح نتنياهو فرصة للتحدّث مباشرة إلى أعضاء الكونغرس والجمهور الأميركي، وكذلك الجمهور العالمي من خلال التغطية الإعلامية الواسعة التي يحظى بها الحدث. لكنّ رئيس وزراء إسرائيل ليس كأيّ زعيم آخر، فقد تحوّل دعم نتنياهو ودعم حكومته في حرب غزة إلى نقطة خلافية داخلية بين الجمهوريين والديمقراطيين في سنة الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخاب ثلث أعضاء مجلس الشيوخ. وتحذّر شخصيات يهودية نافذة من جعل إسرائيل موضوعاً خلافياً ديمقراطيّاً جمهوريّاً لأنّ الحزب الديمقراطي يمثّل نصف الناخبين الأميركيين في معظم الأحيان، وهذا يهدّد الإجماع السياسي الذي تمتّعت به إسرائيل لعقود.
الترحيب، التصفيق والوقوف المتوقّع أثناء إلقاء نتنياهو الخطاب سيترك آثاراً أليمة لدى الرأي العام الأميركي والعالمي
لقد أصبح الانطباع السائد بأنّ الحزب الجمهوري هو المؤيّد الأكبر لإسرائيل في عهد نتنياهو على الرغم من أنّ الناخب اليهودي الأميركي ينتخب تاريخياً بنسبة كبيرة إلى جانب الحزب الديمقراطي، وعدد كبير من القيادات الديمقراطية هم يهود، ومنهم زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر الذي وجّه انتقادات قاسية لنتنياهو ودعا إلى انتخابات مبكرة في إسرائيل.
الصدام مع نتنياهو بدأ مع إدارة الرئيس الأسبق أوباما الذي دخل في مواجهة مع نتنياهو الذي قاد حملة كبيرة في واشنطن لإسقاط الاتفاق النووي مع إيران وألقى خطاباً في جلسة مشتركة لمجلسَي النواب والشيوخ في عام 2015، على الرغم من معارضة البيت الأبيض، انتقد فيه الاتفاق النووي. ويُعتبر الحصول على دعم وتأييد اللوبي المؤيّد لإسرائيل في واشنطن أمراً أساسياً في عام الانتخابات لمن يريد رفع حظوظ فوزه نتيجة للدعم المادّي والتبرّعات التي يتلقّاها المرشّحون الملتزمون بدعم إسرائيل في الكونغرس.
نتنياهو يتخطى تشرشل..
العلاقات الأميركية الإسرائيلية مركّبة ومعقّدة ومبنيّة على عدد من مراكز القوى، لكنّ الكونغرس الأميركي بمجلسَيْ النواب والشيوخ يُعتبر أهمّ مراكز النفوذ الإسرائيلي في الولايات المتحدة. يأتي خطاب نتنياهو في ذروة الحملات الانتخابية الرئاسية، فهو يأتي تقريباً بعد أسبوع من المؤتمر الجمهوري الحزبي الذي ينطلق في 15 تموز وسيعلن رسمياً ترشيح ترامب، وقبل المؤتمر الديمقراطي الذي ينطلق في 19 آب.
العلاقات الأميركية الإسرائيلية مركّبة ومعقّدة ومبنيّة على عدد من مراكز القوى
الترحيب، التصفيق والوقوف المتوقّع أثناء إلقاء نتنياهو الخطاب سيترك آثاراً أليمة لدى الرأي العام الأميركي والعالمي الذي وقف ضدّ الارتكابات الإسرائيلية بحقّ المدنيين خلال حملة الانتقام الإسرائيلية ممّا قامت به حماس. على الرغم من دعم إدارة بايدن العسكري والدبلوماسي لحرب غزة إلا أنّ الجمهوريين الذين يسيطرون على مجلس النواب هم الذين دعموا نتنياهو ووقفوا إلى جانبه خلال مراحل الحرب وحتى أثناء المجازر المرتكبة بحقّ المدنيين التي انتقدها العالم ولا سيما إدارة بايدن. الشكر الذي يوجّهه نتنياهو إلى الولايات المتحدة لدعمها اللامحدود يختزن تأييداً ودعماً غير مباشر للجمهوريين في عام الانتخابات، ومن المؤكّد أنّه سيكون لذلك تأثير على النتائج. إدارة بايدن تحاول أن توفّق بين دعمها المطلق لإسرائيل وعدم إغضاب الأصوات العربية الأميركية والجناح التقدّمي في الحزب الديمقراطي المؤثّرين في ولايات على بايدن أن يفوز فيها جميعاً إذا أراد البقاء في البيت الأبيض، وهي ميشيغان، ويسكونسن وبنسلفانيا.
وجود نتنياهو في واشنطن في هذا التوقيت، والترحيب به كمنتصر في الحرب لن يكونا لمصلحة بايدن وحزبه. سيكون ظهور نتنياهو أمام مجلسَي النواب والشيوخ في جلسة مشتركة للمرّة الرابعة متخطّياً بذلك وينستون تشرشل بطل الحرب العالمية الثانية وقاهر هتلر بمنزلة تغطية ومشاركة أميركية لحرب إسرائيل على غزة وما رافقها من انتهاكات لحقوق الإنسان، مع ما لذلك من تأثير سلبي كبير على سمعة ومكانة الولايات المتحدة في العالم. إنّ العزلة والإدانة العالمية غير المسبوقتين لإسرائيل ستلقي بظلالها على الولايات المتحدة التي تدعم إسرائيل بشكل غير مماثل لأيّ دعم لحليف آخر لواشنطن. وهذا سيكون له تأثير على مصالح واشنطن مع العالم.
لقد أصبح الانطباع السائد بأنّ الحزب الجمهوري هو المؤيّد الأكبر لإسرائيل في عهد نتنياهو
الاستطلاعات التي أجراها “البارومتر العربي” في خمس دول عربية أواخر 2023 ومطلع 2024 ونُشرت في مجلة “فورين أفيرز” في عددها الحالي، تُظهر أنّ مكانة الولايات المتحدة الأميركية في أعين المواطنين العرب قد تراجعت إلى حدّ كبير. وتظهر هذه الاستطلاعات أنّ الصين هي التي استفادت من تراجع النظرة الإيجابية تجاه الولايات المتحدة. وهذا في وقت تتزايد فيه وتيرة الحرب التجارية مع الصين.
من المؤكّد أنّ وجود نتنياهو في واشنطن والظهور بمظهر الحليف الأول لواشنطن سيعمّقان من تراجع التأييد للولايات المتحدة في العالم، وتحديداً عند العرب والمسلمين. إلا أنّ المعيار الوحيد إذا كان لهذا التراجع من قدرة على تغيير الواقع هو إذا كانت له كلفة سياسية في الانتخابات المقبلة. وكلّ ما عدا ذلك سيكون مرحلة عابرة كما في السابق، وتبقى العلاقات الأميركية الإسرائيلية أقوى من أيّ اعتبار آخر.
بقلم : موفق حرب
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|