ماذا يريد جنبلاط؟
يحافظ المكون الدرزي على رأسه في زمن تطيير الرؤوس واعادة خلط أوراق التوازنات الداخلية والاقليمية، وتسعى قياداته على مختلف انتماءاتها الى رسم حدود التعاطي مع المكونات الاخرى في هذا التوقيت الصعب، حيث بات الرهان على محور على حساب الآخر أشبه بالانتحار السياسي فيما المطلوب التريث والبقاء في المنطقة الوسطية البعيدة عن خطوط التماس المرسومة.
يُسجل للنائب السابق وليد جنبلاط القدرة على حفظ رأس شارعه في الاستحقاقات الكبرى المرتبطة بالميدان والعسكر. ورغم جنوحه بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري نحو الاحزاب اليمينية اللبنانية والتي خرجت الى الشارع ضد الوجود السوري وكان رأس حربة المواقف التي اطلقت ضد النظام السوري في حينه، الا أن الرجل عاد وأجرى عملية نقد شاملة لمسيرته في تلك الفترة دفعته قبل أحداث 2011 الى زيارة الرئيس السوري بشار الاسد والدعوة من هناك الى فتح صفحة جديدة كتلك التي فتحها بعد اغتيال والده. جاء الحدث السوري ليُعيد جنبلاط الى موقعه بعد اغتيال الحريري. قصف الرجل محور الممانعة ورفض ما يجري ضد المعارضة السورية وفتح الابواب للاجئين ورفض اعادتهم الى بلادهم في ظل "نظام مجرم يريد تدمير سورية وتجويع شعبها". كان للأزمة السورية وقعها الأقسى على الشارع الدرزي، فظهرت الخلافات بين دروز سورية والدروز المؤيدين لجنبلاط. حاول الرجل اقناع دروز الجنوب السوري بضرورة الخروج ضد النظام والالتحاق بالثورة بوجه الطغيان ولكن النظام السوري عاجله وكانت حساباته أقوى من خطاب جنبلاط فسارع الاسد الى تطويق ذيول ما يحصل في الجنوب مستعينا بإيران وروسيا.
ورغم ذلك لم يقطع جنبلاط خيط التواصل مع الدروز في سورية كما لقاءاته بالوزير السابق طلال ارسلان. وفي عز الخصومة السياسية كان الرجل يسأل باستمرار عن أحوال الدروز هناك وكان على تواصل دائم مع مرجعياتهم الروحية، وصولا الى الطلب من روسيا التدخل لمنع أي حادثة قد تؤدي الى تدهور الوضع هناك عندما يجد أن الامور وصلت الى حائط مسدود.
وخلافا للشارع المسيحي يستغل الشارع الدرزي الازمات ويحولها الى قوة دفع ايجابية لتنظيم الخلافات بين قياداته. حصل ذلك في الحرب على غزة، اذ سرعان ما طوت القوى الدرزية خصومتها الداخلية ووضعتها جانبا وتلاقت عند منتصف الطريق. فالزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط عاد منذ اليوم الاول الى كتاب والده نُصرة لفلسطين، وهاجم القوى التي انتقدت اسناد حزب الله لحماس وسعى الى التواصل مع قيادة الحزب وكان ضيفا دائما في مجالس العزاء لقادة الحزب، ولم يتردد بتوجيه التحية الى المقاومة في فلسطين ولبنان.
حسابات جنبلاط السياسية مبنية اليوم على وقائع جديدة قد تظهر مع انهاء الحرب على غزة وارساء هدنة في الجنوب اللبناني واعادة صياغة مفهوم الدول الحديثة، والتي ستكون مغايرة لتلك التي أرساها اتفاق الطائف. وهنا يدخل الشارع الدرزي مع جنبلاط أو غيره من القوى الحزبية في لعبة توزيع الادوار وفق الثقل الديمغرافي لكل طائفة. ففي اتفاق الطائف بقي مجلس الشيوخ معلقا ولم يتمكن الدروز من الحصول على رئاسته، فهل سيعيد خلط الاوراق في المنطقة ولبنان الحق لدروز لبنان بالمشاركة بمنصب دستوري لبلاد كانوا شركاء مع المسيحيين في صياغة حدود متصرفيتها؟
علاء خوري -ليبانون فايلز
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|