ماذا لو فاز ترامب؟ أميركا والعالم في العام 2025
كتب David Hale لـThis is Beirut:
مع انطلاق العد العكسي، لا تزال توقعات الانتخابات الأميركية الرئاسية غير حاسمة. وبالانتظار، من المجدي التوقف عند ما قد يعنيه فوز المرشح دونالد ترامب وآثاره على السياسة الأميركية الخارجية. ثم في مرحلة لاحقة، يمكننا تفحص تأثيرات فوز هاريس، حين تصرّح بما يكفي لتقييمه.
وفي سياق التكهن حول الانعكاسات المحتملة لفوز ترامب للمرة الثانية، يجب أخذ ثلاثة عناصر تشكل جوهر الأمن القومي بالنسبة له، بعين الاعتبار: حماية التجارة وضوابط الحدود والرغبة بعدم التعرض الاستغلال أو تحمل كل أعباء العالم.. تلك هي القضايا التي تهيمن على رؤية ترامب العالمية وتلهم أتباعه، وهذا ما قد يشغل فريق ترامب. وهذا لا يعني عدم تخصيص مساحة لمواضيع أخرى بل على العكس تماماً، لكن ترامب سيضغط في هذا السياق بكل قوته. وإن رفع ترامب سقف القيود التجارية والحدودية جزئياً فذلك لأنها مفيدة سياسياً ولأنها هيمنت على تفكيره حول العالم منذ ثمانينيات القرن العشرين. ولا شك بأن ترامب سيلتفت للمشاكل الأمنية التي تفرضها الصين وحرب أوكرانيا وكوريا الشمالية وإيران، ولكنه سيتبع نهجاً تكتيكياً أكثر مرونة.
الصين
لا شك بأن الطموحات الصينية والأميركية تتخذ منحى تصادمياً. ومن المرجح أن يعطي ترامب في حال فوزه الأولوية لاتفاقية تجارية جديدة على الجغرافيا السياسية بينما يعمل على توسيع الإنفاق الدفاعي، الذي يتخلف حالياً عن معدل التضخم. وسيستثمر “شي” بقية ولايته كأمين عام للحزب الشيوعي الصيني وكرئيس للجمهورية (وبعد ذلك إذا سعى إلى ولاية رابعة في 2027/2028) لتوسيع نطاق الصين العالمي واستعادة السيطرة على تايوان. وفي حين تطور إجماع حزبي واسع النطاق في الولايات المتحدة حول الحاجة لمواجهة التهديدات الصينية للمصالح الأميركية، لا يزال الغموض يطغى حول بعض العناصر الرئيسية:
– النقاش الأميركي الضمني حول ما هو الأمثل للولايات المتحدة، فهل “تقلص المخاطر” أو “تفصل” اقتصادها عن الصين. ويخفت النقاش حول هذا الموضوع مع توجه اهتمام الحكومة الأميركية لما هو أكثر أهمية (وهي تعيد سنويا النظر في القطاعات والاستثمارات والسلع والخدمات المحظورة مع الصين). وتدرك الشركات الأميركية جيداً أن ما أفلت من قائمة “المخاطر” التي يجب التخلص منها لهذا العام قد يعود للظهور على القائمة العام المقبل. ويدفع ذلك الرؤساء التنفيذيين لاتباع نهج أكثر تحفظاً في التعامل مع السوق الصينية لتجنب المقامرة في الأنشطة التي قد يحظرها المسؤولون الأميركيون في المستقبل. ولا تظهر بوادر انفصال بين هذين الاقتصادين الضخمين والمتشابكين في الأفق القريب، ولكن القطاع الأميركي الخاص قد ينتهج حذرا على نحو متزايد في التعامل مع الصين.
“التحول”: لقد شكل الاعتراف بأهمية المنافسة بين الولايات المتحدة والصين الأساس لما يُعرف بـ”التحول” في استراتيجية وأصول الأمن القومي الأميركي في منطقة المحيط الهادئ وآسيا. ولكن تكمن المشكلة جزئياً في أن التهديدات الروسية والإيرانية للتحالفات والمصالح الأميركية لا تتوقف بمجرد أن الولايات المتحدة ترغب في التحول بعيداً. جزء آخر من المشكلة هو مفهومي؛ إذا كانت المنافسة مع الصين ذات طابع عالمي، ينبغي على الولايات المتحدة الحفاظ على شبكة العلاقات الأمنية والاقتصادية العالمية التي تمتلكها، وهي تمثل ميزة كبيرة. ويتطلب الحفاظ على هذه العلاقات وجوداً مستمراً. وستحتاج الإدارة القادمة لتحديد نهج يمنح حلفاءنا الإقليميين القدرة والإرادة للدفاع عن أنفسهم بشكل أفضل بينما تستثمر واشنطن بشكل أكبر في شرق آسيا.
تايوان
ينظر إلى تايوان بشكل واضح كشرارة الاشتعال القادمة بين الولايات المتحدة والصين. وباتت الشعارات التي استخدمها الطرفان منذ خمسين عاما حول تايوان بالية، بما في ذلك “الغموض الاستراتيجي” بشأن دفاع الولايات المتحدة عن تايوان. ومع أن الرئيس بايدن أصر مرار على التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن تايوان، سرعان ما كان موظفوه يصححون السجل لاستعادة الغموض بطريقة ما. ومن غير المرجح أن يحصر ترامب نفسه في التزام صارم في هذا الصدد. وفي بعض الأحيان، يساعد الغموض في الدبلوماسية على تجنب الاستفزازات العامة غير الضرورية والمعارك حول الكلمات؛ ولكن في بعض الأحيان، كما تعلم ترومان مع كوريا عام 1950، قد يصبح غموض القوى العظمى قاتلاً بفعل سوء التقدير الخطير. وسيطرح في السنوات الأربع المقبلة السؤال الرئيسي: كيف ستشير واشنطن إلى الصين (بالكلمات والأفعال) حول التكاليف المرتبطة بالعدوان على تايوان؟
أوكرانيا
لا تظهر أي نهاية لحرب الاستنزاف في الأفق، حيث يبدو أن روسيا غير قادرة على الفوز وأوكرانيا قوية بما يكفي لعدم الخسارة. وفي السنوات الأربع المقبلة، ستواجه الولايات المتحدة قرارًا حول محاولة إنهاء هذه الحرب من خلال التصعيد أو التوصل إلى نتيجة تفاوضية بطريقة لا تقوض الأوكرانيين ولا تكافئ العدوان الروسي – ولديها بعض الفرص للاستمرار. وعلى الرغم من صعوبة تحقيق هذا التوازن، نتوقع من ترامب المحاولة.
تقاسم الأعباء
ليست مطالبة ترامب بتقاسم حلفاء الولايات المتحدة وخصوصا أعضاء حلف شمال الأطلسي وكوريا الجنوبية العبء الأكبر في الأمن الجماعي، بجديدة. لكن التجديد تجسد في متابعة ذلك بنبرة إصرار مع الإشارة بشكل واضح إلى العواقب المترتبة إذا لم “يدفعوا”. وقد أفلح الأمر. وتعهد أعضاء حلف شمال الأطلسي أكثر من أي وقت مضى بإنفاق دفاعي لا يقل عن 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي (18 من 32). وسيستمر ترامب بالإصرار على أن تنجح التحالفات في اختبار الأهمية الحالية وتعالج تهديدات القرن الحادي والعشرين في ظل تقاسم العبء الكافي من قبل الجميع. وسيوجه رسالة قوية إلى بعض الزعماء والحلفاء. ولكن التحالفات الأميركية ستصبح أقوى حين تجتاز اختبار حشد الدعم السياسي في الداخل.
كوريا الشمالية
سيسعى ترامب لإعادة إحياء “هجومه الساحر” مع كيم جونج أون. هذا النهج أفضل من العلاقة المجمدة ولكن يجب أن يتبعه دعم مؤسسي من قبل الدبلوماسيين ومسؤولي الدفاع من أجل تحقيق تقدم حقيقي نحو الاستقرار. هذا الإطار المؤسسي مفقود ببساطة في حالة بيونغ يانغ المتطرفة والخاضعة لحكم الرجل الواحد.
إيران
في أي انتقال من إدارة بايدن إلى إدارة ترامب، من المرجح أن يشهد الشرق الأوسط أعظم تحول. وستعود مواجهة القدرات والنوايا والأنشطة العدوانية الإيرانية إلى مركز السياسة الإقليمية الأميركية، كنقطة انطلاق ضرورية لاستعادة الردع وحماية المصالح الأميركية في مناطق محددة، مثل الخليج والبحر الأحمر وبلاد الشام. ومن غير المرجح أن يتخلى ترامب عن حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين، لكنه سيسعى قبل كل شيء لوضع حد لقدرة إيران على تقويض المصالح الأميركية عند كل منعطف، وإضعاف التأثير الأميركي وقدرته على تعزيز السلام. فمن المرجح أن يتجاوز الضغط الأقصى المستويات التي سجلت ما بين عامي 2018-2020، حين تم تطبيقه فعلياً.
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|