لتجاوز أنفاق حزب الله... إسرائيل تستخدم "جيلاً جديداً" من المسيرات
روسيا تجمع وتوسّع "بريكس" والنتيجة... ولا حتى "ليرة ذهب" واحدة للبنان وغزة...
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
في الوقت الذي تُقدَّم فيه مجموعة دول "بريكس" الى العالم على أساس أنها قوة بديلة من الغرب، ومن المنظمات الدولية والصناديق المالية الدولية التي يقودها الغرب في شكل أساسي، وكقوّة عالمية بديلة من "مجموعة السبع"، وبشكل يحضّر مستقبلاً لإنشاء تحالف عسكري مُنافس لحلف "الناتو"، برزت نقطة مهمّة على هامش بيان قمة المجموعة المنعقدة في مدينة قازان الروسية.
روسيا - الصين
ففي ذروة التصارُع الغربي - الشرقي في الشرق الأوسط، المتمثّل بالحروب القائمة بين إيران وتنظيماتها المسلّحة من جهة (ومن خلفهما روسيا والصين)، وبين إسرائيل (ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركية ومنظومة "الناتو")، من جهة أخرى، اكتفى بيان مجموعة "بريكس" أمس بالدعوة الى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة ولبنان، وأدان الاستهداف الإسرائيل للمباني الديبلوماسية الإيرانية في سوريا، مشدّداً على أهمية العناية بالوضع الإنساني في غزة، وعلى أهمية بذل الجهود لحلّ القضية الفلسطينية بشكل عادل.
ومن جهته، اكتفى "الأب الروحي" للمجموعة و"مُلهِم أفكارها"، أي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالحديث اليوم عن أن أزمة الشرق الأوسط باتت الأكثر دموية في التاريخ، وعن أنها تثير القلق، وعن أن العمليات القتالية في غزة انتشرت إلى لبنان وتؤثر على كثير من الدول في المنطقة، مشيراً الى تزايُد أعداد اللاجئين. فيما أكد "صديقه" الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال القمة أيضاً، ضرورة وقف إطلاق النار بغزة في وقت قريب، لتخفيف حدة التوتر في المنطقة.
وأما رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس "الدوما" الروسي ليونيد سلوتسكي، فقد أكد بدوره أن "بريكس" و"بريكس بلاس" تعملان في قازان لوضع حدّ لقتل المدنيين في قطاع غزة ولبنان، ووقف المواجهة العسكرية التي تؤدي إلى نشوب حرب عالمية ثالثة.
ألف دولار؟؟؟
وبهذه الطريقة، أغفلت قمة "بريكس" نقطة مهمّة، وهي إمكانية إعلانها عن تخصيص ولو مبلغ ألف دولار (الرقم الذي نذكره هنا قليل جداً، وهو على سبيل المثال)، بنسبة موزّعة بين لبنان وغزة مثلاً، أي 500 دولار للبنان و500 دولار لغزة، وذلك كطريقة تعبير مبدئية على الأقلّ عن أن ما يتحدّث عنه "صقور بريكس" (روسيا والصين تحديداً) من أنها ملاذ عادل لدول الجنوب وللشعوب الضعيفة، وبديل من الغرب...، هو كلام يمكنه أن يكون صحيحاً، بنسبة مقبولة على الأقلّ.
فالمجموعة التي تتباهى بأنها تتوسّع، وبأن هناك دولاً جديدة تعبّر عن رغبتها بالانضمام إليها، وبأنها تفعّل العمل على تبادل العملات المحلية بين دولها بعيداً من الدولار الأميركي، وبإنهاء سيطرة الغرب الاقتصادية، لم تخصّص ولا حتى مبلغ ألف دولار أميركي موزّعة بين لبنان وغزة في عزّ حاجتهما لكلّ "فلس" من هنا وهناك.
الدولار الأميركي
أشار الباحث في علم الاقتصاد، والأستاذ الجامعي البروفسور جاسم عجاقة، الى أنه "لا يزال أمام دول مجموعة "بريكس" أكثر من طريق طويل. فالقوة الأساسية في العالم اليوم هي لدول "مجموعة السّبع" التي تقرّر السياسات، ومستويات أسعار الصرف، والتي تبتّ بكل الملفات العالمية".
وأوضح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أنه "يمكن تسمية دول "مجموعة بريكس" بـ "القوة المُراهِقَة" اليوم، وهذا ليس تجريحاً بها، بل من باب الأمر الواقع الموجود في العالم، إذ لديها صعوبة كبيرة في تنفيذ العناوين التي تتحدث عنها. فعلى سبيل المثال، إذا أعلنت روسيا أو الصين، وباتّفاق مع باقي دول المجموعة، عن تقديم أموال لدول في الشرق الأوسط، فبأي عملة سيتمّ ذلك حتى يكون فعالاً ومُفيداً بالسرعة اللازمة؟ بالدولار الأميركي من حيث المنطق. وهنا مشكلة، لأن ذلك سيكون تشجيعاً للعملة الأميركية من مجموعة تُنادي بالتحرّر من الدولار. وأما إذا قُدِّمَت المبالغ باليوان أو الروبل، فسيكون هناك حاجة لمن سيحصل عليها لعرضها في السوق من أجل شراء دولارات. وهنا، عودة جديدة الى الدولار الأميركي، أي ان مجموعة "بريكس" ستكون سقطت بفخّ نفسها، على هذا الصعيد".
"مجموعة السبع"
ولفت عجاقة الى أن "مجموعة "بريكس" لا تزال قوة تتعرّف الى بعضها البعض، تحت عنوان هدفه الأساسي مناهضة الهيمنة الأميركية على الاقتصاد العالمي من خلال الدولار. فيما لدى بعضها كالصين والبرازيل تحديداً، رغبة بإيجاد أسواق إضافية لهما أيضاً. وبالتالي، لن يتمّ ترجمة قوة "بريكس" على الأرض فعلياً إلا إذا صار لديها عملة موحدة. وهذه إذا توفّرت، ستحتاج الى عشرات السنوات قبل أن تبدأ بأخذ الوزن الطبيعي لها مقابل الدولار الأميركي".
وأضاف:"لا يزال الدولار الأميركي مسيطراً حتى الساعة على الأسواق بنسبة كبيرة جداً، أي بنسبة 60 في المئة من المعاملات التجارية العالمية التي تتمّ به (الدولار)، فيما 60 في المئة من احتياطيات المصارف المركزية بالدولار أيضاً، و60 في المئة من الاستثمارات بأسواق الأسهم موجودة في بورصة نيويورك. وبالتالي، طرح عملة بديلة من الدولار ليس مسألة جدية بعد، خصوصاً أن الأميركيين يسيطرون على الاقتصاد العالمي سواء بحجم اقتصادهم الذي يشكل بين ربع وثلث الاقتصاد العالمي، أو من ناحية عملتهم".
وختم:"مسألة أخرى، وهي أن عدم تخصيص أموال للبنان أو غزة على طاولة قمة مجموعة "بريكس" ينبع من منطلق آخر أيضاً، وهو أن دول هذه المجموعة لا تزال غير متّفقة بين بعضها تماماً على الصعيد السياسي. فدول مثل البرازيل أو جنوب أفريقيا قد لا ترغب باتّخاذ قرارات، أو بالموافقة على خطوات قد تُثير غضب الولايات المتحدة الأميركية منها، وتجعل واشنطن تأخذ إجراءات بحقّها مثلاً. وبالتالي، لا وسائل اقتصادية جماعية فعلية لدى دول تلك المجموعة تمكّنها من التبرّع بالشكل الذي يمكن أن نتصوّره. فمن يحكم عالم اليوم فعلياً هي دول "مجموعة السبع"، ونقطة على السطر، وهي نقطة كبيرة".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|