الصحافة

الحريق السوري… ماذا لو خرج عن السيطرة؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

هل هي الحرب الشاملة على ايران وحلفائها بدءاً من غزة مروراً بلبنان ثم سوريا وصولاً الى اليمن والعراق وانتهاء بالجمهورية الاسلامية الايرانية نفسها؟

سؤال يطرحه المراقبون على نطاق واسع في وقت يلوح في الأفق ما يشبه توزيع أدوار على كل من اسرائيل وتركيا وأميركا يهدف الى ضرب أو تحجيم أو تطويق كل ما يمت الى النفوذ العسكري والعقائدي الايراني بصلة، لا سيما بعدما بلغ هذا النفوذ حداً خطيراً بات يتطلب في رأي صانعي القرار في المنطقة والعالم، عمليات استئصال في مكان أو عمليات تفكيك في مكان آخر.

ويذهب المراقبون في تحليلهم بعيداً الى حد الربط بين ما جرى في غزة ولبنان وما يجري في سوريا، لافتين الى أن الوقت حان لفك حلقة أساسية من حلقات الهلال الفارسي الممتد من طهران الى البحر المتوسط، ألا وهي الحلقة السورية التي تشكل المعبر الأساسي للاستراتيجية العسكرية الايرانية المرابطة على حدود لبنان وغزة مع الدولة العبرية.

ويرى هؤلاء المراقبون أن من غير الممكن ترويض البندقية الأصولية الفلسطينية في غزة وتلك الشيعية في لبنان ما دام الرئيس بشار الأسد على تحالف عضوي مع ايران، وما دامت أراضيه مخزناً ومعبراً للأسلحة الايرانية التي تصل الى جنوب اسرائيل وشمالها، مؤكدين أن ثمة مصلحة غير مقصودة جمعت بين اسرائيل وتركيا، بعلم الأميركيين وقضت بضرورة أن يتولى أحدهما مهمة الانقضاض على النظام الحاكم في دمشق وحليفها الروسي قبل دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى البيت الأبيض في العشرين من الشهر المقبل.

وهنا لا بد من السؤال: لماذا روسيا أيضاً في هذه الحرب التي اندلعت على بعد آلاف الكيلومترات من موسكو؟

والجواب يرتبط في شكل مباشر بثلاثة عوامل أساسية، الأول يكمن في التقدم العسكري الروسي في الأراضي الأوكرانية، والثاني التعاون الدفاعي بين روسيا وكوريا الشمالية، والثالث التعاون العسكري بين روسيا وايران لا سيما في مجال المسيرات والصواريخ البالستية. وثمة عامل رابع يكمن في اكتشاف ترسانات من الأسلحة النوعية الروسية في حوزة “حزب الله” في جنوب لبنان، ما أثار غضباً في اسرائيل التي كانت تعتبر موسكو بعيدة من الصراع الذي تخوضه مع ايران وحلفائها في المنطقة.

والواقع أن صانعي القرار في العالم أرادوا من خلال تركيا التي تملك باعاً طويلاً في سوريا، إفهام الرئيس فلاديمير بوتين أن الاستعانة بمرتزقة من الشيشان وكوريا الشمالية في حربه غير المباشرة مع حلف الأطلسي، تقابلها الاستعانة بمرتزقة من نوع آخر وفي مكان آخر، هم “هيئة تحرير الشام” التي انطلقت فجأة مزودة بالمسيرات وأسلحة نوعية، نحو حلب وادلب جارفة في طريقها رجال روسيا وايران وسوريا دفعة واحدة من دون أن تغفل عن ضرب القوات الكردية التي يمكن أن تدخل المعركة ضد التنظيمات الأصولية الموالية لأنقرة.

وأكثر من ذلك، تثبت الأحداث الدراماتيكية في سوريا أن ما تفعله “هيئة تحرير الشام” لا يستهدف النظام السوري وروسيا وحسب، بل كل القوى الشيعية الموالية لايران، الأمر الذي يفسر حال التأهب في صفوف “الحشد الشعبي” العراقي الذي يبدو مستعداً لدخول الأراضي السورية في رفقة قوات ايرانية لصد الهجوم الأصولي السني ومنعه من الانفلاش نحو العراق ومنه الى ايران نفسها، والأمر الذي دفع الأردن أيضاً الى التحوط من أي تواصل مباشر أو غير مباشر مع قوات “النصرة” سابقاً و”الاخوان المسلمين” في المملكة.

وليست الزيارة السريعة التي قام بها وزير الخارجية الايرانية عباس عراقجي لدمشق ثم لأنقرة الا محاولة لوقف الزحف السني الأصولي نحو قصر المهاجرين في دمشق والحؤول دون سقوطه، ساعياً في نوع خاص الى ايجاد نوع من التطبيع بين الأسد والرئيس رجب طيب اردوغان الذي يحاول تنصيب نفسه زعيماً للسنة في العالمين العربي والاسلامي، والعمل لاخماد الحريق في بدايته قبل أن تتطور الأمور الى حد الدخول في مواجهة مباشرة بين ايران وتركيا أو غير مباشرة عبر المسلحين الأكراد الايرانيين.

ولا يختلف تحرك عراقجي عن قرار موسكو اقالة قائد قواتها في سوريا واستبداله سريعاً في محاولة للسيطرة على الانقلاب المفاجئ قبل أن يجرها الى حرب استنزاف أخرى هي التي تعاني ما تعانيه مع حلف الأطلسي وأميركا في حربها على أوكرانيا.

وبعيداً من كل ما تقدم، لا بد من السؤال: وماذا عن “حزب الله” ولبنان حيال ما يجري لدى الجار السوري؟

الواقع أن “حزب الله” الخارج منهكاً من حربه مع اسرائيل، يدرك أن العودة للقتال في سوريا كما كانت الحال منذ العام ٢٠١٢، ليست بالسهولة التي يعتقدها البعض ولا محببة لدى البيئة الشيعية التي تكبدت ما تكبدته من خسائر بشرية ومادية ومعنوية غير مسبوقة، داعية في كواليسها الى أمرين: الأول تحصين موقعها المحلي في مواجهة أي ارتداد أصولي سني نحوها، والامتناع عما يمكن أن يؤدي بها الى أي صدام داخلي مع أي مكون سني في لبنان وتحديداً من الشمال، لعلمه أن “هيئة تحرير الشام” وحلفاءها لم ينسوا له ما ارتكبه ضد السنة السوريين وقراهم وأرزاقهم خلال الحرب الأهلية السورية. وسط هذا الجو القاتم، يطلق الحوثيون صواريخ في اتجاه إسرائيل والبوارج الأميركية، وتمنع الطائرات الحربية الاسرائيلية طائرة ايرانية من الهبوط في دمشق، في تطورين لافتين، يهدف الأول الى تحويل مسار الحرب من حملة على سوريا الى تفجير الحرب مجدداً على الجبهة الاسرائيلية، ويهدف الثاني الى تكريس التهديد الذي أطلقه رئيس الوزراء الاسرائيلي متوعداً بخنق “حزب الله” وتغيير وجه الشرق الأوسط.

انه المخاض الأخير الذي لا يمكن التكهن بمساره ونتائجه لكنه حتماً مسار يعني اللبنانيين من شيعة ومسيحيبن وسنة معتدلين ويقضي بالاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية حتى قبل الموعد المحدد في التاسع من الشهر المقبل، هذا اذا أراد من يعنيهم الأمر الوصول الى الاستحقاقات الجذرية شعباً موحداً متمسكاً باتفاق وقف اطلاق النار والرعاية الأميركية التي أخرجت لبنان من ولاية الفقيه الى العالمية، ومن الدويلة البائدة الى الدولة العائدة.

أنطوني جعجع-لبنان الكبير

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا