عربي ودولي

هل يمكن لإيران أن تنجو بنفسها من الضربة؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كان لافتاً ما أورده موقع أكسيوس الجمعة، من أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن ناقش قبل شهر خطة لضرب منشآت نووية إيرانية قبل ترك منصبه. ولكنّه لم يمنح الضوء الأخضر لشنّ الهجوم. وقد ناقش كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية خيارات عدّة، بما فيها تنفيذ هجوم، إذا ما شرعت إيران في تصنيع سلاح نووي قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ويعتبر كبار مساعدي بايدن أنّ تراجع قوّة طهران، وضعف الدفاعات الجوية بعد الضربة الإسرائيلية، وانحسار دور وكلائها، كلّ ذلك يوفّر فرصة لتنفيذ هجوم بات ضرورياً، خصوصا إذا ما تبيّن ان إيران تعمل على تسريع برنامجها النووي.
واستناداً إلى مقال نُشر في “معهد واشنطن”، يبدو أن هناك نقاشاً واسعاً يدور في طهران، حول الاستراتيجية المقبلة، بعد الضربات القاصمة التي تلقّتها إيران وأذرعها. فالإصلاحيون بقيادة الرئيس مسعود بيزيشكيان يدعون إلى التصالح مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من خلال التوصّل إلى اتفاق نووي جديد، بينما يطالب العديد من المتشددين بأن تسارع إيران إلى امتلاك سلاح نووي، خصوصاً بعدما أسقط سلاح الجو الإسرائيلي أنظمة الدفاع الجوي لديها. وبينما يعطي الإصلاحيون الأولويّة لمعالجة الوضع الاقتصادي الصعب، يركّز المتشدّدون على بقاء النظام. ولكن يبدو أن النظام الإيراني، كما يورد المقال، يتبنّى حاليّاً شعار “الردع النووي”، أي الاقتراب من الترسانة النووية ولكن الامتناع عن تجميعها.
وفي الموازاة، بات من الصعب جداً على طهران إنفاق مليارات الدولارات من جديد لبناء الميليشيات التابعة لها، بدءاً من “حزب الله”، وصولاً إلى الفصائل العراقية والسورية، خصوصاً بعد سقوط نظام الأسد، وتقطّع سبل الإمداد البرّي. وقد وصلت الحرب على المحور الإيراني اليوم إلى اليمن، حيث يتلقّى الحوثيّون ضربات نوعية، تشنّها إسرائيل والولايات المتّحدة في آنٍ واحد، فيما يحاول العراق لملمة الفصائل الموالية لإيران بنفسه، تجنّباً لتعرض البلاد لضربات مؤلمة.
فماذا يتبقّى لطهران بعد كلّ ذلك؟ وهل في استطاعتها أن تنجو من الاستهداف المباشر، وربّما من استهداف النظّام في حدّ ذاته؟
قد تكون الفرصة اليوم متاحة أمام واشنطن، أكثر من أي وقت مضى، من أجل توجيه الضربة القاضية لطهران، سواء بهدف التخلّص من برنامجها النووي نهائياً، أو من أجل إطاحة نظام الوليّ الفقيه. فلم يعد لدى إيران أذرع تساعدها، ولا داعم دولياً لها كروسيا يقف إلى جانبها، فيما ضعُفت قوّتها الدفاعية الجويّة. فأيّ وقت سيكون مناسباً أكثر من هذا الوقت، لوضع حدّ للنفوذ الإيراني؟
ولكن، على رغم ذلك، ثمّة اتجاهات مختلفة في كلّ من واشنطن وتلّ أبيب حول المدى الذي يجب أن تبلغه الضربة ضدّ إيران.
فبعد سقوط نظام بشّار الأسد، واستلام “هيئة تحرير الشام” الحكم في المرحلة الانتقالية التي من المتوقّع أن تطول، ساد الغموض والترقّب الأوساط الإسرائيلية. وعمد الجيش الإسرائيلي إلى اغتنام فرصة الفوضى والفراغ، من أجل التوغّل في الأراضي السورية، بحجّة حماية الحدود من أيّ احتمالات، مع تغيّر الحكم في سوريا وسيطرة فصائل متطرّفة على السلطة لا يُعرف كيف ستكون سياستها. كما عمد الطيران الإسرائيلي إلى تدمير القواعد السورية ومخازن الأسلحة منعاً لأن يستحوذ عليها الحكم الجديد في دمشق.
أمّا بالنسبة إلى إيران، فإنّ إضعافها أو إسقاط نظام الحكم فيها، سينعكسان تغييراً كبيراً في توازنات الشرق الأوسط. فمع إطاحة نظام الأسد، صارت تركيا هي الحاكم الفعلي لسوريا اليوم. وإذا ما تمّت إطاحة النظام الإيراني، فإنّ من سيملأ الفراغ سيكون تركيا بالتأكيد. وبما أنّ لتركيا تاريخاً يعيد إلى الذاكرة هيمنة السلطنة العثمانية على المنطقة، فإنّ كيفية التعامل مع إيران تُدرس من هذه الناحية.
وفيما يعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرورة الوصول إلى رأس المحور، أي إيران، فإنّ ما يعلنه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب حتّى الآن، هو الاكتفاء بإضعاف إيران ومنعها من إنتاج القنبلة النووية، من دون إطاحة النظام. وتدرك إسرائيل جيّداً أنّ تغيير النظام في إيران سيصبّ في مصلحة أنقرة في النهاية. فنظام الجمهورية الإسلامية عمل كنقطة توازن بين القوى السنّية الكبرى في المنطقة، وزواله سيغيّر كثيراً في الموازين. وستشتدّ المنافسة بين تركيا وإسرائيل في المرحلة المقبلة، خصوصاً إذا ما سقط النظام الإيراني. فتركيا العضو في حلف “الناتو”، أقوى من أيران من حيث حجم الاقتصاد، كما من حيث العتاد العسكري والجيش. وسيكون لها تأثير كبير على سنّة لبنان والعراق وعلى “حماس” أيضاً.
ولكن إيران التي كبُرت أكثر من اللازم في السنوات الماضية، تخطّت الدور المرسوم لها، خصوصاً مع تطوير برنامجها النووي، الذي لا يمكن لإسرائيل أن تقبل به. وفي هذا الإطار ما زالت طهران تحاول حتّى اللحظات الأخيرة بذل الجهد لإعادة تعويم نفوذها. وتختلف الآراء داخلها بين من يفضّل أسلوب المهادنة وعقد اتّفاق نووي جديد، وبين من يرى وجوب لعب الورقة الأخيرة عبر انتاج القنبلة النووية ووضع الجميع أمام الأمر الواقع. ولكن يبدو أنّ الاختيار بين هذين الاتجاهين لم يعد متاحاً لدى القيادة في إيران. فقرار القضاء على البرنامج النووي الإيراني قد اتُخذ، ولا رجعة عنه بأي ثمن.

 إيلين زغيب عيسى - Beirut 24
 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا