الصحافة

هل تكون فوضى تسبق تسوية رئاسية ما؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ما قالته بالأمس مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط باربرا ليف، وإن كان خطيرا جدا، إلا انه ليس كلاما مُنزلاً لا يمكن تفاديه. لكن المسؤولة الاميركية ترى بعين المراقب والمتابع ما يمكن ان تذهب اليه الامور في بلد مفكك الى هذا الحد. وهو الكلام الذي أسرّ لي به وزير سابق قبل أيام ومفاده ان الفرنسيين، وتحديدا السفير الفرنسي المكلف تنسيق الدعم الدولي للبنان بيار دوكان، يستشعرون الخطر المحدق بلبنان أكثر من اللبنانيين أنفسهم، وأن دوكان يرسم صورة متشائمة جدا لمستقبل الاقتصاد اذا لم يتم تدارك الوضع السياسي سريعا وانتخاب رئيس للجمهورية ووضع المؤسسات على المسار الصحيح لإنقاذ البلد اقتصاديا، والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لان الانهيار المالي سيؤثّر حكماً على الاستقرار لاحقاً، وإن كان الأمن لا يزال مضبوطاً الى حد كبير.

ويؤكد خطورة الوضع ما قاله البابا فرنسيس في البحرين عن "البلد الحبيب والمتعَب الذي يمرّ بمحنة"، وقوله "لا أريد أن أقول أنقذوا لبنان، لأننا لسنا منقذين...ولكن أرجوكم: ادعموا لبنان، ساعدوه كي يخرج من هذا الوضع السيىء. دعوا لبنان يستعيد عظمته".

وكانت باربرا ليف قالت "إنّ لبنان سيضطرّ على الأرجح إلى تحمّل المزيد من الألم قبل أن يشكّل البلد المتوسّطي الفقير حكومة جديدة، مع احتمال تفكّك كامل للدّولة".

ولفتت ليف إلى أنّ "هناك اعتقاداً خاطئاً بين أولئك الذين لا يريدون أن يروا الإصلاحات في قطاع البنوك أو الكهرباء أنّنا لسنا بحاجة إلى القرض (صندوق النقد الدولي) البالغ 3 مليارات دولار لأنّ لدينا كل هذا الغاز الطبيعي"، فنبّهت إلى أنّ الحقيقة هي "أنّ التنقيب عن الغاز يستحقّ سنوات من العمل. إنه ليس مالاً في البنك".

إذاً ثمة أكثر من تحذير، وقلق على لبنان، لا يعيه أهل الداخل، بل يبدّون مصالحهم على المصلحة الوطنية، كما منذ زمن، بعدما اعتقد اللبنانيون ان سياسييهم بدّلوا بعض أدائهم منذ انتفاضة 17 تشرين.

التحذيرات الخارجية بالغة الوضوح، وهي تعكس حتما عدم ثقة الخارج بالطبقة السياسية اللبنانية، وإن كان مرغماً على التعامل معها، بعدما فشلت محاولات التغيير، وأعاد اللبنانيون اعطاء الثقة لهؤلاء في صناديق الاقتراع، بما لا يمكن معه اتهامهم بعدم التمثيل وبعدم الشرعية.

الاكيد ايضا ان الاهتمام الدولي، أو لنقل الاميركي، سيتراجع حكماً بعد ضمان الترسيم البحري، وبدء اسرائيل استخراج الغاز، لان لبنان ليس في برنامج الاولويات، وربما لم يكن يوماً كذلك.

والآتي من الايام، إذا طالت الازمة في الشغور الرئاسي، وفي ظل حكومة تصريف اعمال، (ستولد مشكلة اكبر من العجز، إذا ما دعا رئيسها إلى أي اجتماع لمجلس الوزراء) ربما يشهد الفوضى من جديد، والمعارك الصغيرة المتنقلة، على غرار ما شهدته ستوديوات محطة "ام تي في"، في أحداث يرى البعض انها مقدمات لتسوية، أو دفعٌ لها في ظل الانسداد الذي لا يحرّكه إلا اهتزاز أمني يحرك الخوف من انفلات أكبر.

لكنّ هذا الانزلاق الى اللعب بالأمن، وإثارة الفوضى، غير مضمون النتائج، في ظل عدم اهتمام بعض الخارج، وعجز بعضه الآخر، وقد يودي غصباً الى ما هو غير مرغوب فيه، أي اضطرار الخارج الى التدخل عبر مؤتمر جديد لا تهمّ تسميته أكان تأسيسياً، أم سويسرياً، أم فرنسياً، وهو ما سارعت المملكة العربية السعودية عبر سفارتها في بيروت الى إقفال الطريق أمامه.

 "النهار"- غسان حجار

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا