"نكايات لا تنتهي".. هل يؤخر خلاف "التيار" و"القوات" ولادة الحكومة؟!
على الرغم من أنّ "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" تقاطعا على تسمية رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، في الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها الرئيس جوزاف عون في قصر بعبدا، إلا أنّ ذلك لم يمنع خروج خلافاتهما إلى العَلَن مجدّدًا في "كواليس" استشارات التأليف، سواء على شكل تسريبات صحفية تكثّفت في الأيام الماضية، أو حتى بيانات رسمية، لم تخلُ من بعض الرسائل "المشفّرة".
وبمعزل عن صحّة التسريبات التي تمّ تداولها في الأيام الأخيرة من عدمها، فإنّ كثيرين أدرجوها في خانة "النكايات المتبادلة" بين الجانبين، خصوصًا في ضوء "التجاذب" المتكرّر مثلاً حول حقيبة الطاقة، التي يبدو أنّ "القواتيين" يرغبون بـ"انتزاعها" من "التيار"، ولو نفوا أن يكونوا قد طالبوا بها، علمًا أنّ التسريبات تشير إلى مطالبة "القوات" بضعف الحصّة "العونيّة" في الحكومة، على أن تشمل حقيبة سياديّة،
كوزارة الخارجية مثلاً.
ومع أنّ رئيس الجمهورية جوزاف عون، والرئيس المكلف نواف سلام، يحرصان على تأكيد الأجواء "الإيجابية" المحيطة بعملية التأليف بصورة عامة، فإنّ هناك من يخشى أن تؤدي هذه "النكايات المتبادلة" إلى ظهور "عقد" تؤخر الولادة الحكومية، التي ليس خافيًا على أحد أنّ المعنيّين يريدونها قبل نهاية الأسبوع الحالي للكثير من الأسباب والاعتبارات، فهل تصطدم هذه الرغبة بصراع "الثنائي المسيحي"، إن صحّ التعبير؟
بين "التيار" و"القوات"
قد لا يكون الحديث عن "صراع" بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" على خطّ تأليف الحكومة مُستغرَبًا أو مفاجئًا، باعتبار أنّ العلاقة بين الجانبين لطالما كانت "إشكاليّة"، حتى في مراحل "التقاطع" النادرة بينهما، وحتى يوم أبرم الطرفان ما سُمّي بـ"تفاهم معراب"، وقد عُدّ اتفاقًا استثنائيًا وتاريخيًا بين الجانبين، وقيل إنّه طوى صفحة الخلاف بينهما، لكنّه لم يصمد أبعد من انتخابات رئاسية أفضت إلى وصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا.
ولعلّ هذا "الصراع" تصاعد أكثر في مرحلة ما بعد "سقوط" تفاهم معراب، إن جاز التعبير، حيث يحمّل "التيار الوطني الحر" حزب "القوات" مسؤولية جوهرية في إضعاف "عهد" الرئيس ميشال عون، فيما تحمّل "القوات" الأخير، مع "وريثه"، الوزير السابق جبران باسيل، مسؤولية فرط التفاهم، بعد الحصول على ما أرادوه منه، وهو ما شكّل "نكسة" لـ"القوات" أمام جمهورها، وإن حوّلتها بعد ذلك إلى "فرصة" استفادت منها، لرفع حيثيتها التمثيلية.
ولم يتغيّر واقع الأمر كثيرًا في مرحلة "ما بعد العهد"، حيث بدا أنّ "التيار" و"القوات" يقفان على طرفي نقيض، بدليل عدم حصول أيّ حوار جدّي بينهما، حتى حين "تقاطعا" على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، وهو ما استمرّ حتى إنجاز الاستحقاق، على الرغم من بعض الإشارات التي كانت تأتي من هذا الطرف أو ذاك، علمًا أنّ رئيس حزب "القوات" سمير جعجع حاول انتزاع "دعم" من باسيل لترشيحه للرئاسة، وهو ما لم يتمّ في نهاية المطاف.
"النكايات" على خطّ التأليف
ويبدو أنّ هذا الصراع بين "التيار" و"القوات" يجد "خير ترجمة" له في ملف تأليف الحكومة، بحسب ما تشي به التسريبات الصحفية المتبادلة، فعلى الرغم من أنّ "التيار" مثلاً يلتزم الصمت، ربما بانتظار اكتمال المشاورات مع الرئيس المكلف نواف سلام، ثمّة من يؤكد أنّ الاعتبار الأساسيّ الذي ينطلق منه، هو "التوازن" مع "القوات"، ولو أقرّ بحقها بالحصول على حصّة أكبر نسبيًا، بعد تراجع عديد كتلته النيابية، بعد "فصل" عدد من أعضائها من قبل قيادته.
وفيما ترفض "القوات" الدخول علنًا في أيّ سجالٍ صريح حول الموضوع، وتصدر بين الفينة والأخرى بياناتٍ تنفي فيها بعض ما يسرّب في هذا الإطار، ومنها أن يكون هدفها "كسر" باسيل في مكانٍ ما، يؤكد المطّلعون على كواليس عملية التأليف أنّ "النكايات" حاضرة على الخطّ، فـ"القوات" تريد "حصّة الأسد" من الحقائب المسيحية، بما في ذلك وزارة سيادية وأخرى خدماتية، وهي تعتبر ذلك "حقًا مشروعًا" لها، وفق مبدأ "عدالة التمثيل".
وبحسب ما ينقل العارفون، فإنّ "القوات" تنطلق في مطالبها من ضرورة أن تعكس التشكيلة الحكومية المتغيّرات التي طرأت على المعادلات السياسية، خصوصًا بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، إذ لا يمكن برأيها "مكافأة" الطرف الخاسِر رئاسيًا وأيضًا حكوميًا، تحت عنوان "الشراكة"، على حساب الطرف المنتصر، كما أنّه لا بدّ من تطبيق مبدأ "المداورة" في توزيع الحقائب، وعدم السماح بعودة الأطراف نفسها للحقائب نفسها، رغم الفشل المتكرّر.
هي "نكايات لا تتوقف" إذاً بين "التيار" و"القوات"، على خطّ الحكومة اليوم، والرئاسة بالأمس، وغيرهما من الاستحقاقات بينهما، وقد تكون مبرّرة، وربما مشروعة، بالنظر إلى الخلاف "التاريخي" بين الجانبين. إلا أنّ المعنيّين يشدّدون على أنّها تبقى "مضبوطة" في عملية تأليف الحكومة، في ضوء إصرار كلّ من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، على تجاوز كلّ هذه الخلافات، وفقًا لمعايير ثابتة ومبادئ واضحة!
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|