نوّاف سلام سيؤلّف… بالدّعم السّعوديّ
لا داعي للتنقيب كثيراً في مضامين لقاءات وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع المسؤولين اللبنانيين، لاستخراج بواطن أسرارها ورسائلها المشفّرة، فالمعنى في بيت الزيارة بحدّ ذاتها. هي زيارة دعم ومؤازرة تضع خطّاً فاصلاً بين ما قبلها وما بعدها. إنّه الإعلان الرسمي للدور السياسي للمملكة إلى بيروت، بعدما دشّن الاستحقاق الرئاسي ثمّ الحكومي أولى الخطوات الفعليّة – التنفيذية.
بهذا المعنى، تصبح تفاصيل مداولات وزير الخارجية السعودي مع المسؤولين اللبنانيين مكمّلة لمشهدية الجولة التي قام بها في بيروت، والتي تختصر سلّم أولويّات المملكة السعودية في الملفّ اللبناني، الذي عاد ليتصدّر موقعاً مهمّاً في جدول أعمال القيادة السعودية، لا سيما في ضوء المتغيّرات الإقليمية، وتحديداً المتّصلة بسقوط نظام الأسد وجلوس أحمد الشرع على كرسي القيادة في دمشق.
في الواقع، لم تخرج لقاءات بن فرحان مع كلّ من رئيس الجمهورية جوزف عون، رئيس مجلس النواب نبيه برّي، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ورئيس الحكومة المكلّف نوّاف سلام، عن سياق الخطوط العامّة التي وضعتها المملكة للبنان، لإعادة بناء ثقة المجتمع الدولي والعربي به. وهي خطوط عريضة، يفترض بالعهد الجديد، رئاسة وحكومة، أن يعمل على تكريسها وترجمتها عبر خطوات تنفيذية.
اهتمامات الدبلوماسية السعودية
وفق المواكبين للزيارة، فإنّ أهمّ ما ركّز عليه رئيس الدبلوماسية السعودية، يُختصر بالآتي:
– الإسراع بتأليف الحكومة لعدم استنزاف الزخم الدولي الذي رافق قيام العهد الجديد، والاستثمار في هذا الزخم بشكل إيجابي يسمح بدعم لبنان في أكثر من مجال.
– العمل على تطبيق القرارات الدولية، وتحديداً القرار 1701 واتّفاق وقف إطلاق النار الملحق به، لبسط سلطة الدولة على كلّ الأراضي اللبنانية.
– الانطلاق في الورشة الإصلاحية المؤجّلة منذ سنوات من خلال تأهيل مؤسّسات الدولة وإقرار القوانين الإصلاحية وتفعيل قاعدة المحاسبة.
في النصّ الرسمي لمواقف بن فرحان أكّد أنّ “المملكة تنظر بتفاؤل إلى مستقبل لبنان، وتعتبر أنّ تطبيق الإصلاحات سيعزّز ثقة العالم به”، وشدّد على أهمّية الالتزام باتّفاق وقف إطلاق النار وتطبيق القرار الأممي رقم 1701.
خطوة أولى في طريق طويلة
يؤكّد المواكبون أنّ الحركة السعودية السياسية في بيروت ليست إلّا خطوة أولى في طريق طويلة سيبقى فيها لبنان تحت الاختبار الفعليّ على المستويين الأمنيّ والإصلاحي، قبل أن تنتقل إلى المربّع الثاني، وهو مربّع الدعم. ثمّة الكثير من الخطوات المطلوبة من لبنان قبل أن ينال “صكّ الثقة” الدولية والعربية بسلوكه، وهو ما يسمح له بأن يستعيد عافيته الاقتصادية من خلال الاستثمارات الأجنبية التي تعيده إلى قلب العالم المنتِج.
لذا الالتزام بالشروط الواردة أعلاه هو ممرّ إلزامي لا يمكن الهروب منه، مهما حاولت الطبقة السياسية التذاكي و”اللفّ والدوران”، بدليل أنّ المجتمع الدولي يُحجم منذ أكثر من خمس سنوات (منذ وقوع الأزمة الاقتصادية في 2019)، عن مساعدة لبنان ما دامت طبقته الحاكمة تتصدّى للإصلاحات البنيوية وتتحايل عليها.
أمّا غير ذلك فلا يرى المتابعون أنّ نقاشات وزير الخارجية السعودي مع اللبنانيين تطرّقت إلى التفاصيل الحكومية، وتحديداً ما يرتبط بمشاورات التأليف التي يتولّاها الرئيس سلام بالتنسيق والتفاهم مع الرئيس عون، في ضوء ما يُحكى عن إرباك يصيب رئيس الحكومة المكلّف بسبب تمسّك الثنائي الشيعي بحقيبة المال وبتسمية الوزير الذي سيتولّاها، الأمر الذي فتح شهيّة القوى السياسية الأخرى انطلاقاً من المطالبة بالمساواة في التعامل.
بورصة التأليف
في هذا السياق، تفيد بورصة التأليف بما يلي:
– لا ارتباط عضويّاً بين زيارة بن فرحان والملفّ الحكومي إلّا من باب تسريع التأليف، إذ رفعت الزيارة من وتيرة المشاورات وتكثيف العمل لإخراج الحكومة من عنق التعقيدات خلال الأيّام القليلة المقبلة، خصوصاً أنّ هناك حرصاً عربياً عبّر عنه وزير الخارجية السعودي ونظيره الكويتي عبدالله علي اليحيا، على الإسراع في التأليف والمضيّ في الإصلاحات المطلوبة لكي يلاقي لبنان يداً ممدودة من الدول العربية.
– لا ضغوط دولية “ملموسة” لكسر رغبة الثنائي الشيعي في تسمية وزير المال، إذ يؤكّد المتابعون أنّ الاجتماع الأخير لسفراء الخماسية لم يتطرّق إلى التفاصيل الحكومية من باب فرض أيّ أجندة أو أيّ معايير إلزامية للتأليف.
– على الرغم من الامتعاض الذي يبديه سلام من إصرار الثنائي على تسمية وزير المال، وتفضيله تجاوز هذه القاعدة لتسمية وزير يتمتّع بهامش كبير من الاستقلالية ولتكريس هذه القاعدة على بقيّة القوى السياسية، وذلك تحت وطأة الضغوط التي يمارسها المحيطون برئيس الحكومة المكلف بحجة الخشية من خيبة أمل الشارع اللبناني المتأمل بالتغيير… إلّا أنّ المعنيّين يجزمون أنّ حقيبة المال حُسمت، والأرجح لمصلحة ياسين جابر، مهما حاول الرئيس سلام إشاعة جوّ من الغموض البناء.
– لا تزال العقدة الأصعب على الضفّة المسيحية التي تعاني من تخمة مطالب بين ثلاث كتل مضاربة: رئاسة الجمهورية، “القوات” و”التيار الوطني الحرّ”.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|