الفتنة بين المسيحيين والنازحين حاجــة "الحزب" لحرف الأنظار
شكّل سقوط نظام بشار الأسد في دمشق، انقلاباً في المشهد الشرق - أوسطي. إلا أن أطرافاً عدة لم تستفق من صدمة ما حصل وعلى رأسها النظام الإيراني و»حزب الله»، مما يدفعها إلى فعل المستحيل لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء في سوريا الجديدة ولبنان.
فيما تحاول الدولة اللبنانية بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، إثبات وجودها واستعادة هيبتها، ثمة من يحاول عرقلة المسار، لأن الدويلة هي من أكثر المتضررين من عودة الدولة، وبعض الحسابات أكبر من لبنان قد يدفع ثمنها الشعب الذي لا ذنب له فيها.
شكلت جريمة قتل نائب مطران الأرمن الأرثوذكس الأرشمندريت أنانيا كوجانيان، وقبله صاحب محطة في مزرعة يشوع، واطلاق النار على الأب إيلي بشعلاني في المريجات، أحداثاً هزّت الرأي العام، وتشير تحقيقات أولية إلى أن من ارتكبها عمال من الجنسية السورية.
تعيد هذه الجرائم الأنظار إلى الانفلاش السوري في لبنان وضرورة عودة النازحين إلى بلادهم. بعد حرب الجنوب وسقوط نظام بشار، عاد أكثر من نصف مليون نازح سوري إلى سوريا، قسم كبير منهم بدأ في العودة إلى لبنان بعد توقف الحرب، ولم تنجح الدولة اللبنانية في ضبط المعابر غير الشرعية ولا تزال الحدود سائبة.
يحتاج ملف النازحين السوريين إلى تحرك الدولة، وهذا ما فعله الرئيس جوزاف عون، عندما استقبل المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، حيث طلب المساعدة لحل هذا الملف ومساعدة النازحين السوريين في بلادهم وليس في لبنان لانتفاء سبب بقائهم.
أكثر ما يلفت الانتباه، وقوع الجرائم التي يرتكبها سوريون في المدة الأخيرة، داخل مناطق الأشرفية والمتن وكسروان حيث العصب المسيحي، حيث تبرز محاولات لاستغلال الجرائم هذه سياسياً أو محاولة توجيهها لخلق صدام بين المسيحيين والنازحين السوريين، الأمر الذي يثير علامات استفهام عن كيفية تنفيذ هذه الجرائم المختلفة؟ من يحركها؟ ولماذا تتركز في هذه المناطق بالذات وما الهدف منها؟
كان المسيحيون سبّاقون في مواجهة خطر النزوح، خصوصاً بعد اختطاف واغتيال منسق «القوات اللبنانية» في جبيل باسكال سليمان، وقد تضافرت جهود الأحزاب والتيارات والقوى المسيحية، ونجحت في تحقيق خروقات مهمة في بعض المناطق. لكن الوضعية مختلفة تماماً اليوم بطريقة المعالجة، لأن رأس الدولة عاد ويتابع هذا الملف الوطني، ولأن نظام الأسد سقط، وبات هناك نظام في سوريا يحاول تثبيت أقدامه ويعترف بمشكلة النزوح ويدعو السوريين للعودة ولا يقف عائقاً في وجه هذا الملف، وثمة دول أوروبية بدأت في إعادة النازحين، لأن النظام سقط ولم يعد هناك من خطر عليهم.
من يعمل على خلق فتنة مسيحية - سورية، يحاول توجيه رسالة إلى العهد بأنه قادر على خرق كل المناطق وخصوصاً المسيحية التي تعتبر حجر زاوية كل عهد. من جهة ثانية، يريد حرف الأنظار عن تعهدات لبنان بتطبيق القرارات الدولية وسحب السلاح غير الشرعي، وفي حال اندلعت فتنة مسيحية - سورية، تنتقل الفوضى إلى الداخل، ويستفيد «حزب الله» من هذه الحالة لإعادة بناء قدراته الذاتية، وإلهاء الجيش بأحداث الداخل لمنعه من تطبيق القرارات الدولية وسحب السلاح غير الشرعي.
إن «حزب الله» الذي قاتل في سوريا إلى جانب نظام بشار الأسد، والمتهم بجرائم قتل ضد الشعب السوري، يخشى وبيئته الحاضنة ردة فعل أنصار النظام الجديد في سوريا، وبالتالي فإن أي فتنة بين المسيحيين في لبنان والنازحين السوريين، قد تحرف الأنظار عن ارتكابات «الحزب» لينصب التركيز على المسيحيين، وهذا ما يتيقظ له المسيحيون والإدارة الجديدة في سوريا.
إذا كانت خريطة طريق حل ملف النزوح واضحة، تبدأ بتحرّك الدولة وتطبيق القوانين والتفاوض مع النظام الجديد في دمشق والمجتمع الدولي، إلا أن الرئيس عون يقف أمام مفترق مهمّ، فخطاب القسم كان عالي السقف ومطالب بتطبيقه، وقد يكون الأمن الباب لإثبات قوّة العهد، فمن دون تنظيف الأجهزة من الخروقات والضرب بيد من حديد، لن يكون هناك عهد قوي أو رئيس يحكم.
آلان سركيس-نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|