أحمد الحريري من عكار: مسيرتنا مستمرة ومشهدية ١٤ شباط وطنية ل"لبنان أولاً"
"بيجر" حكومي من مورغان لـ"الحزب"!
فُعّلت الاتّصالات حكوميّاً بشكل مكثّف بين ليل الخميس وصباح الجمعة لحصر تداعيات سقوط تأليف الحكومة بفيتو عين التينة، إلى أن أطلّت مورغان أورتاغوس موفدة الرئيس دونالد ترامب، من القصر الجمهوري ظهر أمس، مُعلِنة إعادة عقارب تأليف الحكومة إلى ما تحت الصفر.
بعدما سلّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الأميركي “بيجر” ذهبيّاً، سلّمت الموفدة الأميركية “الحزب”، عبر الرئيس جوزف عون، “بيجر حكوميّاً” أحدَث زلزالاً سياسياً لن تتوقّف تداعياته على شكل الحكومة، ومسارها كأولى حكومات العهد.
تخلّت نائبة مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط عن كلّ قاموس الدبلوماسية الذي طبع مواقف سلفها آموس هوكستين لتُعلن، بعد اجتماع دام أكثر من ساعة مع رئيس الجمهورية، قرار “قطع رأس الحزب” سياسياً، بإعلان رفض مشاركته في الحكومة، بعد هزيمته عسكرياً من قبل إسرائيل… ونحن “ممتنّون لما فعلته”.
تركت المواقف “النوويّة” للموفدة الأميركية ما يُشبِه الصدمة لدى الثنائي الشيعي، بعدما ظَهَر وكأنّها أتت بأمر مهمّة لإعلان الحرب على “الحزب” سياسياً. بدا واضحاً أنّ الرسالة الأميركية استهدفت حصراً “الحزب” ولم تشمل الرئيس نبيه بري وحصّته الوزارية، وهو ما طرح تساؤلات كبرى عن كيفية تعامل عين التينة مع هذه الرسالة، وهل يتموضع برّي حيال الفيتو الأميركي الكبير الموضوع على “الحزب”؟ أم يخوض المواجهة ببندقية واحدة مع حليفه الأوّل؟
وفق المعلومات، ستزور اورتاغوس الرئيس بري اليوم. مع العلم أنّه بعد خروجها من اللقاء مع عون وتوجّهها إلى الجنوب، تكثّفت الاتّصالات مجدداً لإيجاد حلّ لمعضلة الوزير الشيعي الخامس، كما أنّ اللقاء الذي جمع عون مع الرئيس المكلّف تناول في جزء منه تنسيق الموقف في ما يتعلّق بما حملته أورتاغوس من محاذير حكومية. كما رصدت مؤشرات لسعي رئاسي مشترك بين عون وسلام لبتّ التشكيلة الحكومية بأسرع وقت بالرغم من كل المطبّات.
رسائل تحذيريّة
لم يكن تفصيلاً، بالنسبة للثنائي، أن يُعاد تنشيط مناخات القرار الأميركي برفض تمثيل “الحزب” في حكومة نوّاف سلام فوراً بعد نكسة الفشل في إعلان مراسيم الحكومة، وبالتزامن مع وصول أورتاغوس إلى بيروت بعد ظهر يوم الخميس وتسريب معطيات عن “نقلها رسائل تحذيرية من وجود ممثّلين لـ”الحزب” في الحكومة”.
خلال ساعات قليلة تحوّلت التسريبات إلى أمر واقع، حين قالتها الموفدة الرئاسية بالحرف الواحد: “نؤكّد مسألة عدم مشاركة “الحزب” في الحكومة اللبنانية بأيّ شكل من الأشكال، ونزع سلاحه”، من دون أيّ تمييز بين جنوب الليطاني وشماله.
بين سلام ومورغان
هنا ربط كثيرون بين الموقف المتصلّب للرئيس المكلّف بالتمسّك باسم لميا المبيّض، على الرغم من معرفته برفض الرئيس برّي لتوزيرها، وبين “القنبلة” التي وضعتها الموفدة الأميركية بين يدَي رئيس الجمهورية، شريك نوّاف سلام في التوقيع على مراسيم الحكومة. تؤكّد المعلومات أنّ سلام قال لبرّي حرفيّاً: إمّا لميا المبيّض أو لا حكومة، فردّ برّي: “لا حكومة. وحين توافقون على الأسماء التي قدّمناها اتّصلوا بي”، وغادر منفعلاً وغاضباً.
يقول مصدر مطّلع لـ”أساس: “كادت الحكومة أن تولد فعلاً يوم الخميس لولا عقدة الوزير الشيعي الخامس. فقد تقصّدت دوائر القصر الجمهوري تسريب صورة عن الاجتماع الثلاثي، واستدعاء الأمين العامّ لمجلس الوزراء. لكن ماذا لو صدرت مراسيم الحكومة بوجود ممثّلين لـ”الحزب” وبرّي فيها، ثمّ أتت مورغان أورتاغوس وقالت ما قالته من القصر الجمهوري. هل كان هذا الأمر سيدفع رئيس الحكومة إلى إقالة الوزيرين اللذين سمّاهما “الحزب”؟ كيف كان سيتصرّف رئيسا الجمهورية والحكومة حيال هذا الأمر؟
عون: الحكومة في خواتيمها!
ربّما النقطة الأكثر حساسيّة التي استدعت نقاشاً واسعاً في الصالونات السياسية: كيف سيتصرّف رئيس الجمهورية حيال موظّفة أميركية، هي موفدة رئاسية، وضعت خطوطاً حمراً أمام رئيس البلاد تمنع توزير ممثّلين عن حزب كان وافق أصلاً الرئيس المكلّف على التفاوض معه للوصول إلى تسمية وزيرين محسوبين عليه؟ وهل تقبّل إعلان أورتاغوس عن “امتنانها”، بشكل غير مباشر، لقتل إسرائيل آلاف اللبنانيين، في سياق شكرها على هزيمة “الحزب” عسكرياً؟ هذا مع العلم أنّ عدّة أصوات نيابية محيطة بسلام كانت طلبت صراحة عدم تمثيل “الحزب” في الحكومة.
في وقائع النهار الثقيل، أخذ رئيس الجمهورية صورة تذكارية مع الوفد الأميركي الخماسي، ولمصافحة مع حاملة خاتم نجمة داود، مع العلم أنّ الفريق الاستشاري للرئيس عون الذي حضر الاجتماع مع أورتاغوس تألّف من العميد طوني منصور (بصفته الاستشارية، وهو قريب من الأميركيين)، ومدير مكتبه العميد وسيم الحلبي وطوني حداد أحد مستشاريه الذي يحمل الجنسية الاميركية، وكان من عداد المقرّبين من الرئيس السابق ميشال عون، لكن ملف ترسيم الحدود البحرية دفع عون وجبران باسيل إلى التخلّي عن خدماته الاستشارية. ثمّ نشر الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية مواقف لعون تؤكّد أنّ “المشاورات لتشكيل الحكومة تكاد تصل إلى خواتيمها، على أن تتمتّع الحكومة بالانسجام والقدرة على تحقيق تطلّعات اللبنانيين وفق ما ورد في خطاب القسم”، محمّلاً الموفدة الأميركية “تحيّاته إلى الرئيس دونالد ترامب”، من دون أيّ إشارة أو ردّ فعل على كلام أورتاغوس من منبر القصر الجمهوري.
لاحقاً، أصدر مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية بياناً مقتضباً قال فيه: “بعض ما صدر عن نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط من بعبدا يعبّر عن وجهة نظرها، والرئاسة غير معنيّة به”.
نكبة الخميس!
ساء رئيس الجمهورية جوزف عون أن تتعثّر انطلاقة عهده بسابقة غير معهودة في تاريخ تأليف الحكومات، فيما تفيد المعلومات بأنّه طلب السيرة الذاتية للقاضي في ديوان المحاسبة عبد الرضى ناصر لحقيبة شؤون التنمية الإدارية، المحسوب من حصّة الرئيس برّي، ولم يُمانِع توزيره، مع تفضيله لاسم لميا المبيّض. رَفْض الرئيس المكلّف نوّاف سلام فَرمَل الحكومة، إضافة إلى عقد أخرى، تحديداً سنّيّة، كان قرّر سلام تجاوزها، لكنّ الوزير الشيعي الخامس اعترض قرار التشكيل.
لم يكن الفشل في إصدار مراسيم الحكومة بعد وصول الرؤساء الثلاثة والأمين العامّ لمجلس الوزراء، السابقة الوحيدة التي طَبَعت “يوم النكسة” في قصر بعبدا. فخلافاً لكلّ “طقوس” تشكيل الحكومات، تفيد مصادر موثوقة لـ”أساس” بأنّ الرئيس برّي وَصَلَ باكراً يوم الخميس إلى القصر ودخل من الباب الخلفي من دون علم الصحافيين المُعتمدين، ثمّ عقد خلوة امتدّت لأكثر من ساعة مع رئيس الجمهورية تناولت كلّ جوانب الحكومة.
حين وصل الأمر إلى عقدة الوزير الشيعي الخامس، اتّصل مدير مكتب رئيس الجمهورية العميد وسيم الحلبي بالرئيس المكلّف الذي كان موجوداً في هذه الأثناء في دار الإفتاء في زيارة الأولى له لمفتي الجمهورية عبداللطيف دريان، طالباً منه التوجّه إلى القصر، في حين لم يكن هناك موعد محدّد مسبقاً لنوّاف سلام مع رئيس الجمهورية الذي رغب بأن يتحوّل اللقاء الثلاثي إلى اجتماع لبتّ تأليف الحكومة نهائياً وإصدار مراسيمها، بعد الطلب من الأمين العامّ لمجلس الوزراء محمود مكّية “الجهوزية” لاحتمال استدعائه بأيّ لحظة.
لا… لماكرون!
طال اللقاء بداية بين عون وبرّي، ثمّ بين الرؤساء الثلاثة بعد انضمام سلام إلى الاجتماع، الذي قال برّي خلاله صراحة للرئيس المكلّف: “سبق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن طلب منّي لميا المبيّض في الحكومة السابقة ورفضت، فلماذا أقبل الآن”. ثمّ طال وقت الإعلان عن التشكيلة لنحو ساعة بعد وصول القاضي مكيّة، ولم تولد الحكومة.
هذه سابقة أيضاً أسّست، بتأكيد مصادر مطّلعة، لمشهد سياسي – حكومي – رئاسي لن يكون مريحاً لرعاة العهد في الداخل والخارج، وللعهد نفسه، وللثنائي الشيعي، وللرئيس المكلّف الذي لا يزال “تكليفه” رهن كباش أكبر بكثير من لميا المبيّض وعبدالرضى ناصر في “تنافسهما” على المقعد الشيعي الخامس، أو في عقدة تمرّد النواب السنّة على استبعادهم عن الطبخة الحكومية، أو إقصاء جبران باسيل عن الحكومة للمرّة الأولى منذ عام 2008.
“تعليمات” مورغان
مشكلة الحكومة الحقيقية اليوم، بتأكيد مصدر مطّلع، أبعد من حقائب وأسماء، والحصص السنّية والشيعية. يمكن اختصارها بمشهد واضح: انتُخِب رئيس سياديّ للجمهورية في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي، ثمّ كُلّف رئيس حكومة “تغييري” ليشكّل في ظلّ تنكيل إسرائيلي بالقرى الجنوبية تفجيراً واحتلالاً وقصفاً يطال البقاع، وفَرض تمديد اتّفاق وقف إطلاق النار ربّما إلى ما بعد 18 شباط، وفي ظلّ عاصفة ترامبيّة قد “تقبع” الفلسطينيين من جذورهم في غزة.
كلّ ذلك بغطاء أميركي واضح تُوّج بـ”تعليمات” مورغان أورتاغوس لوَليَّيْ التأليف رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، وستصل تأثيراته حتماً إلى تركيبة الحكومة، تحت عنوان: استكمال حرب إسقاط “الحزب” عسكريّاً وسياسيّاً مع حلفائه.
هكذا بدا حديث النائب جبران باسيل عن حكومة بـ”أولاد ستّ” و”أولاد جارية” و”ممارسات غير مألوفة”، وطلبه من الرئيس المكلّف “تصحيح المسار”، قد تجاوزتهما الأحداث بفعل الأمر الأميركي بإقصاء “الحزب” كلّياً. وفي أوّل تعليق على كلام أورتاغوس من جانب قريبين من “الحزب”: “انتظروا 23 شباط. وبعدها نتكلّم”.
ملاك عقيل- أساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|