"اسم شرف الدين لا يحل عقدة الحكومة... الثنائي الشيعي تحت الاختبار!"
الشّرع ينفّذ وثبة ثلاثيّة إقليميّة… بنجاح
من كان قبل أسابيع يراهن على سقوط سريع ومدوٍّ لنظام بشار الأسد المتشبّث بكرسي الرئاسة بدعم إيراني – روسي؟ من كان يقول إنّ الميليشيات وجيش المستشارين الوافدين من كلّ صوب لحماية نظام الحكم في سوريا منذ عقد، سينفرط عقدهما وتكرّ سبحتهما خلال 10 أيام أمام “هيئة تحرير الشام” التي ما زالت على لوائح الإرهاب، فيدخل الشعب قصره معلناً ولادة مرحلة سياسية جديدة في البلاد؟
من كان يتوقّع أن يفرش السجّاد الأحمر في مطارات دمشق والرياض وأنقرة لأحمد الشرع بصفته الرئيس السوري الجديد، فاستقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وهو أوّل ضيف عربي يزور دمشق لساعات، قبل أن يستقلّ الشرع طائرة سعودية تنقله إلى الرياض على رأس وفد رفيع للقاء وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود، ثمّ يغادر بطائرة تركية تنقله إلى العاصمة أنقرة حيث كان الرئيس رجب طيّب إردوغان بانتظاره؟
الشّرع حدّد أولويّات المرحلة الانتقاليّة
حدّد الشّرع أولويّات المرحلة الانتقالية بالنسبة للسلطة السياسية المؤقّتة التي يقودها في سوريا، وتحدّث فيها عن الجوانب السياسي والدستوري والاجتماعي والإصلاحي التي ينتظرها الشعب السوري يوماً بعد يوم، والتي يتقدّمها توحيد الأراضي السورية تحت سلطة الدولة، وتشكيل حكومة يتمثّل فيها الجميع، وإنشاء هيئة تشريعية مصغّرة ولجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني. هذه الرسائل أرضت الداخل والخارج وأعلنها بعد ساعات على تنصيبه رئيساً للجمهورية وقبل ساعات من استقباله أمير قطر وتوجّهه إلى الرياض وأنقرة.
يستعدّ اليوم للانفتاح على أوروبا، وحديثٌ عن احتمال لقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض خلال زيارته المرتقبة للمملكة بمبادرة سعودية استراتيجيّة البعد. ماذا يريد أكثر من ذلك وهو لم يغادر بعد لوائح الإرهاب التي تتمسّك بها العواصم والمنظّمات الدولية؟
يقول وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إنّ محاولات البحث عن حلول مستوردة لمشاكل محلّية لم تجلب السلام لمنطقتنا. بل على العكس تماماً، ما فعله الخارج دائماً (كان) حمل لنا عدم الاستقرار والحروب من أجل حماية مصالحه عندنا. من المبكر طبعاً الحديث عن تحالف عربي – تركي رباعي أو محور إقليمي يتشكّل يوماً بعد يوم حول سوريا. لكنّ التقاء المصالح على ضرورة إعادة بناء سوريا وحاجة الدول الثلاث إلى أن ترى دمشق لاعباً عربياً إقليمياً يستردّ دوره وثقله، وهو ما يقرّب بينها اليوم ويدفعها لفتح الأبواب على وسعها أمام القيادة السورية الجديدة.
الشّرع يحقّق الوثبة الثّلاثيّة
الوثب الثلاثي أو القفز الثلاثي هو أحدث ألعاب القوى التي أُدخلت في الدورات الأولمبية، ويتمّ فيه أداء ثلاث قفزات متتالية. في نهاية القفزة الأولى يجب على المتسابق أن يلامس الأرض بالقدم نفسها التي بدأ بها السباق. وفي القفزة الثانية يجب أن يلامس الأرض بالقدم الأخرى، وفي نهاية القفزة الثالثة تكون ملامسته للأرض بالقدمين معاً. تشتهر هذه الرياضة بأنّها تتطلّب مهارات عالية في التنسيق والسرعة والقوّة والمرونة. وتتميّز بأنّها تحتاج إلى تنسيق جيّد بين الجري، الوثب، وتبديل القدمين بشكل دقيق.
سياسياً ودبلوماسيّاً هذا ما حقّقه أحمد الشرع خلال شهرين فقط، محطّماً رقماً قياسياً في الوصول إلى السلطة وقلب الموازين في سوريا والتواصل مع العديد من العواصم العربية والإقليمية على خطّ الذهاب والإياب، معلناً برشاقة وعبور سلس ولادة دولة سوريّة جديدة.
التحدّيات التي تعترض طريق الشّرع كثيرة، في الداخل والخارج، بينها إعادة بناء وتشغيل عجلة الاقتصاد وتوفير الأمن وتوحيد سوريا، الأمر الذي سيفرض على الشرع تعزيز حضوره الإقليمي والدولي. وهنا يدخل الثلاثي العربي – التركي على الخطّ لتفعيل الفرص وتسهيل التواصل.
منذ اللحظات الأولى لإعلان سقوط نظام الأسد وبدء مسيرة بناء سوريا الجديدة، كان واضحاً أنّ هناك توافقات تركية – سعودية – قطرية باتّجاه دعم هذه الفرصة التاريخية لسوريا والسوريين من أجل بناء دولتهم الجديدة.
أوّل ارتدادات الانفتاح التركي – السعودي – القطري على دمشق بعد الزيارات السياسية والاقتصادية والأمنيّة المكثّفة داخل هذا المربّع الجغرافي الإقليمي، جاء من أوروبا، حين دعا الاتّحاد الأوروبي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى زيارة بروكسل قريباً. وأعلنت الرئاسة السورية أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتّصل بالشرع مهنّئاً على تولّيه منصب الرئاسة، موجّهاً له دعوة لزيارة باريس في الأسابيع المقبلة، مبدياً دعمه الكامل للمرحلة الانتقالية في سوريا.
قد لا يكون التوافق الثلاثي التركي – السعودي – القطري ساهم في إزاحة نظام الأسد عن الحكم قبل شهرين، لكنّ تطوّرات ما بعد الثامن من كانون الأوّل المنصرم تقول إنّ هذا الدعم الثلاثي المقدّم للشرع هو الذي سيفتح الطريق أمامه لمواصلة مسار المرحلة الانتقالية في سوريا ويسهّل وصوله إلى العواصم الإقليمية والدولية، والحصول على الدعم الدولي لوقف العربدة الإسرائيلية في سوريا ورسائل تل أبيب التحريضية والمطالبة بضرورة تنفيذ اتّفاق “فضّ الاشتباك” الموقّع عام 1974.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|