الرئيس عون مؤثّر في تشكيل الحكومة من دون عرض عضلات!
لا يختلف إثنان على أن مهمة تشكيل الحكومة تقع مسؤوليتها على رئيس الحكومة المكلّف أي نواف سلام، فيما يكتفي رئيس الجمهورية جوزاف عون، وفق الدستور اللبناني، بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء على إصدار مرسوم تشكيل الحكومة.
لكن في الواقع، ليست الأمور جامدة إلى هذا الحد، ولو بدت مواقف عون قليلة في ما يخص التشكيلة الحكومية، إلا أنه لا يقف مكتوف اليدين أمام العراقيل التي يواجهها سلام، بل يقوم منذ اليوم الأول في المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة، بدعم سلام في خياراته والنقاش معه عندما يحصل أي تباين، والعلاقة بين الرئيسين جيدة وتكامليّة.
قد يكون أسلوب سلام غير مألوف أو لا يشبه رؤساء الحكومات السابقين، ويشير بعض المعطيات إلى أن عون أبدى مرونة في كثير من الأوقات ولكن كان لديه بعض الملاحظات حول أسماء وحقائب معيّنة من دون إلزام سلام بها، وبقي الأمر في إطار “التشاور”.
يُدرك الرئيس عون أن هناك محاذير دولية حول طريقة مشاركة الثنائي الشيعي في الحكومة وخصوصاً “حزب الله”، إلا أنه يريد مشاركة الجميع لكي تنفّذ قرارات الحكومة من دون عراقيل، وخصوصاً تطبيق القرار 1701 وبنود اتفاق وقف إطلاق النار من جهة والاصلاحات من جهة أخرى، وهذا ما اتفق عليه مع سلام، لكن في المفاوضات مع القوى السياسية اللبنانية ظهر بعض “الإشكالات” ولا سيما مع “القوات اللبنانية”، وتولى نائب رئيس “القوات” جورج عدوان التفاوض مع الرئيسين عون وسلام من أجل تذليل هذه “الإشكالات”، علماً أن ملاحظات “القوات” طالت مبدأ “وحدة المعايير” التي شعرت أنها انتهكت من سلام عندما أسند وزارة المالية الى الثنائي الشيعي، وكان غير متحمّس لإسناد وزارة الخارجية الى “القوات”، وهذا ما فهمه عون جيداً، وحاول إصلاحه بإعتباره المعني الأول بالوزارات التي ستؤول إلى القوى المسيحية. ولا شك في أن التعاون كان نموذجياً بين عون وسلام، عكس ما كان عليه تعاون الرئيس السابق ميشال عون مع رؤساء الحكومات وخصوصاً أن الحاكم بأمره في قصر بعبدا كان آنذاك النائب جبران باسيل.
وضع سلام وعون معياراً أساسياً لهذه الحكومة، وهو تجنّب الثلث المعطّل لأي قوى سياسية وخصوصاً الثنائي الشيعي، وعلى الرغم من موافقة الرئيس نبيه بري مع سلام وعون في البداية على أن إسم الوزير الشيعي الخامس سيتولى تسميته الرجلان، انقلب على الإتفاق في اللحظات الأخيرة التي كانت توشك الحكومة فيها على الولادة، متمسكاً بتسمية الوزير الخامس وهو القاضي عبد الرضا ناصر المقرّب من بري، علماً أن الرئيس عون استقبله الأربعاء الفائت. لكن سلام وعون أرادا توزير لميا مبيض، فيما أكّد الرئيس المكلف أنه هو من يسمّي وحده الوزير الشيعي الخامس بحجة عدم منح “الثنائي” القدرة على تعطيل الحكومة انطلاقاً من الميثاقية اذا قررا الاستقالة لاحقاً.
لا يزال “الثنائي” يتعامل مع الأمور على أنها غير مقفلة، مراهناً على حكمة الرئيس عون، وهو بالفعل يحاول تذليل العقبات وتمّ إقناع سلام بإرسال اسم جديد الى بري وهو ينتظر رده.
في المقابل، يكشف بعض المعطيات أن عون مع الاسراع في تشكيل حكومة لا التسرّع، على الرغم من الضغط الدولي عموماً والأميركي خصوصاً لتشكيلها في أقرب وقت، وربما عقّد موقف نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس الأمر أكثر أمس عندما قالت: “إسرائيل تمكّنت من هزيمة الحزب ونريد التأكّد من أنه لن يشارك في أي حكومة مقبلة”.
حتماً لا شيء إلزامياً في كلام أورتاغوس، وقد صدر بالفعل بيان عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية يؤكّد أن بعض ما صدر عن أورتاغوس يعبّر عن وجهة نظرها والرئاسة غير معنيّة به، إذ يعرف عون، وفق معطيات وردت من أجواء قصر بعبدا، أن الواقع اللبناني يفترض توافقات معيّنة وعدم إقصاء أي فريق سياسي لتسير عجلة الحكم بسلاسة. لكن في النهاية، إذا بقي الثنائي الشيعي على عناده بتسمية الوزير الخامس، فقد يدفع الضغط الدولي سلام إلى تشكيل حكومة أمر واقع، لتنفيذ القرارات الدولية.
أهمية الرئيس عون أنه يقدّم نموذجاً نزيهاً ومترفّعاً في الحكم، بحيث اعتبر أن كل الوزراء المشاركين في الحكومة من حصته، ولو كان بعض الحقائب لا يزال فعلاً تابعاً له مباشرة مثل وزارة الدفاع. لكن لا يزال أداء الرئيس يوحي بالثقة على الرغم من التأخر في تشكيل الحكومة، لينطلق بعدها العهد ويبدأ بتنفيذ التزاماته ولا سيما خطاب القسم الشهير.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|