وعود تُفَرٍح وواقع يُتَرٍح... هل يلغي لبنان الجديد ما يسمى "عيد المقاومة والتحرير"؟
الحكومة الجديدة... "أول وصولها تحديات على طولها"!
كأنها «الماء والنار» تحت سماء واحدة. هكذا كان لبنان، أمس، وهو «يلتقط أنفاسه» غداة استيلاد حكومة «الإنقاذ والإصلاح» بمواصفاتِ «المرة الأولى» في أكثر من عنصرٍ مكوِّن لها والتي يُراهَن على أن تقلب رأساً على عقب ممارساتٍ وسياساتٍ أوقعتْ البلادَ في حفرة ماليةٍ سحيقة قبل أن تزجّها في فم حربٍ مدمّرة عُلِّقت على هدنةٍ موصولةٍ باتفاقٍ مع إسرائيل وَضَع خريطةَ طريقٍ لاستقرارٍ مستدامٍ على قاعدة التزاماتٍ سرعان ما صارت حمّالة... تفسيرات.
ولم يخرج لبنان، أمس، من تحت تأثير الارتياح الداخلي والخارجي لتأليف الرئيس نواف سلام حكومة تكنو - سياسية (أي من أكفّاء واختصاصيين حظيَ اختيارهم بغطاء قوى سياسية) عَكَسَتْ تحوّلاتٍ عميقةً في الواقع اللبناني ليس أقلّها غيابُ حلفاء «حزب الله» عنها (التيار الوطني الحر والمردة) وتَمَثُّله والرئيس نبيه بري فيها بوزراء مَرّوا بـ «غربال» المعنييْن دستورياً بالتشكيل وصولاً إلى كَسرِ احتكار الثنائي لـ «الكوتا» الشيعية عبر اختيارِ الوزير الخامس فيها من خارج كنفهما (وإن وافَقَ عليه بري)، وإمساكِ رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية جوزف عون بنصْف التشكيلة التي اتسمت أيضاً بحضورٍ كان الأقوى لطرفٍ واحد في ذاته هو «القوات اللبنانية» (أربعة وزراء عُينوا بالاتفاق معها) في موازاة وزيرين بالتوافق مع الحزب التقدمي الاشتراكي وواحدٍ لكل من «الكتائب» والطاشناق.
«استجماع الأوراق»
وفي حين أطلّ لبنان، أمس، مكتملَ العقد على مستوى عجلة الحُكْم من خلال مناسبة عيد شفيع الطائفة المارونية (مار مارون)، حيث شارك الرؤساء عون وبري وسلام والرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي وحشد من الوزراء والسفراء والشخصيات في القداس الذي تَرأسه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، فإنّ اليومَ الذي يصادف عطلةً (للمناسبة نفسها) سيشكّل ما يشبه استراحةَ ما قبل «استجماع الأوراق» تمهيداً للانكباب على عملٍ شاقٍ ينتظر حكومةً يتطلّع إليها الداخل والخارج كي تكون «مظلة الأمان» التي تتيح لـ «بلاد الأرز» هبوطاً آمِناً يجنّبها «منطقة الأعاصير».
وفي هذا الإطار ستواجه الحكومة «أول دخولها» التحديات الآتية:
- صوغُ بيانٍ وزاري ستتشكّل لجنة صوغه في اول جلسة تعقدها الحكومة الجديدة غداً في القصر الجمهوري ويسبقها التقاط الصورة التذكارية، وسط التعاطي مع هذا البيان على أنه بمثابة «المقياس» الذي سيعتمده الخارج لتحديد «الخطوة التالية» بإزاء «بلاد الأرز»، انطلاقاً من رصْد هل سيعبّر فعلياً عن النهج الإصلاحي وروحية بناء الدولة التي طبعت خطاب القسَم للرئيس عون في 9 كانون الثاني كما كلمة سلام يوم تكليفه في 13 منه، وهو ما يفترض إعلاء الالتزامات بالإصلاحات المالية والهيكلية ومحاربة الفساد وبالعمل على أن تحتكر الدولة وحدها حمل السلاح وتبسط سيادتها على كامل أراضيها وتطبّق اتفاق وقف النار والقرار 1701 بمندرجاته كافة أي أن تعالج سلاح «حزب الله» بعيداً من أي استعادةٍ لعبارة «المقاومة» ولو التفافاً بأي صيغة أو صياغة لغوية.
- التحضُّر لتاريخ 18 الجاري، موعد انتهاء الهدنة الممدَّدة بموجب اتفاق وقف النار، وما قد يترتّب على احتفاظ إسرائيل بمواقع إستراتيجية داخل الأراضي اللبنانية (5 تلال إستراتيجية)، إلى جانب التحدّي الذي تشكّله مجمل بنود الاتفاق الذي يشتمل على تفكيك البنية العسكرية
لـ حزب الله «بدءاً من جنوب الليطاني» أي وصولاً إلى كل لبنان، وسط خشية من مزيد من «التجرؤ» الإسرائيلي على إظهار اليد العليا في التطبيق وفق تفسيرها لهذه البنود كما اعتماداً على «حرية التصرف» التي مُنحت لها من واشنطن (في كتاب الضمانات الملحق)، خصوصاً في ضوء الاتكاء على دعم مفتوحٍ لتل أبيب من إدارة الرئيس دونالد ترامب، وما عبّرت عنه المواقف «المنزوعة الدبلوماسية» لمبعوثته إلى لبنان مورغان اورتاغوس في ما خص «حزب الله» وهزيمته من إسرائيل (بارتداداتها السياسية) من تشدّدٍ حيال الحزب ومآل وضعيته البوليتيكو - عسكرية.
«حسيب فجر 1»
ولم يكن عابراً، أن تنشر اورتاغوس، أمس، أي غداة انتهاء لقاءاتها في لبنان، وعبر حسابها على منصة «إكس» صورة لها مع ضابط في الجيش اللبناني وهي تحمل صاروخاً، وذلك خلال الزيارة التي قامت بها للجنوب يوم الجمعة.
وفيما أرفقت اورتاغوس الصورة بتعليق: «كل هذا في يوم عمل»، تقاطعت التقديرات عند أن الصورة تم اتخاذها في مخزن غير منظّم، في الوقت الذي نشطت التحريات عن نوع الصاروخ الذي رُجح أنه من مضبوطات عسكرية لحزب الله باتت في حوزة الجيش اللبناني.
وإذ أشار الخبير العسكري رياض قهوجي إلى أن الصورة تُظْهِر «صاروخ كاتيوشا عيار 107 ملم وهي إشارة إلى عمليات إزالة ترسانة «حزب الله» من الأسلحة حسب اتفاق وقف النار تحت إشراف اللجنة التي يترأسها جنرال أميركي» معتبراً أنها «رسالة إضافية للتغيير بلبنان وبداية عهد جديد»، أورد موقع Collective awareness to uxo، المختص بالأسلحة والمتفجرات أن الصاروخ الذي تحمله أورتاغوس إيراني الصنع يدعى «حسيب فجر 1».
كما استحضرت تقارير أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سبق له أن نشر صوراً لهذه الصواريخ خلال ولايته الأولى، حين استهدفت جماعات إيرانية في العراق السفارة الأميركية في بغداد، وقال إن هذه الصواريخ تم استخدامها.
الحدود السورية - اللبنانية
- التوتر الكبير على الحدود السورية - اللبنانية على تخوم محافظة الهرمل وسط خشية من احتمال انفلاش المواجهات التي تدور منذ أيام بين الإدارة الجديدة في سوريا (هيئة تحرير الشام) وبين مسلحين من عشائر لبنانية (موالية لـ«حزب الله») في رقعة جغرافية متداخلة ومدّججة بأبعاد أمنية، تتصل بعمليات تهريب ممنوعات وأسلحة، وأخرى إستراتيجية انطلاقاً من جغرافيا منطقة القصير وريفها كممرّ رئيسي للمقاتلين والمخزون العسكري لحزب الله من إيران، ما يعني أن إمساك «سوريا الجديدة» بها سيكرّس كسْر حلقة رئيسية في «قوس النفوذ»الإيراني الموصول حتى لبنان.
ومنذ بدء المواجهات يوم الخميس الماضي، والتي بدأت تحظى باهتمام دولي، تحدّث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن أن الحملة الأمنية من الإدارة السورية الجديدة تهدف إلى «طرد المسلحين والمهربين ومطلوبين من تجار المخدرات وشخصيات مقربة من حزب الله اللبناني»، في موازاة تقارير ذكّرت بـ«بروفايل» المناطق الحدودية مع لبنان في ريف حمص وما تضمه من قرى ذات غالبية شيعية يقطن بعضها لبنانيون وتحوّلت «محطة لوجستية مهمة لحزب الله على صعيد نقل المقاتلين أو إقامة مخازن للأسلحة».
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|