دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
تحرير أسرى بلوائح يوفّرها البابا فرنسيس وباعتراف السفير الروسي أما لبنان...!
مؤسف أن نجد بعض من يصرّون دائماً على الإكثار من الثّرثرة بشأن كلّ ما يتعلّق بالمواقف، أو الزيارات، أو الأنشطة البابوية، وبحسب مُشتهاهم الخاصّ، الذي ينطلق من افتقار الى فهم الدّور الحقيقي لبابا روما.
عدالة
فبابا روما لا يبحث عن توزيع شهادات حُسن السلوك على المسؤولين، والشخصيات، والدول، بما يُحابي وجه أحد، ولا يقوم بدعاية سياسية، ولا يقدّم جوائز ترضية لأحد. ولا هو رجل سياسة، حتى ولو دخل على خطّها في كثير من الأحيان، بل هو رجل الله الذي يحوّل السياسة الى مادّة خلاصيّة، تعمل على إرساء عدالة السيّد المسيح، وسلامه.
هذا فضلاً عن أن الزيارات البابوية لأي بلد، لا تحصل إلا بالمُنطَلَقات التي تحرّك أنفُس "الرّجال البيض" (الباباوات) خلال صلواتهم، وربما انخطافاتهم الروحيّة، وقداديسهم، وليس تبعاً لمشيئة سياسية.
دول منطقتنا
وآخر أبرز المُنطَلَقات الخلاصيّة للأنشطة البابوية، ظهرت في ما قاله "الحبر الأعظم" البابا فرنسيس من قلب الخليج قبل نحو أسبوع، سواء على صعيد ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام، أو ضمان حقوق الإنسان الأساسية لكل المواطنين... وهو كلام خالٍ من أي مُحاباة للوجوه، ومن أي بحث عن مصلحة.
وبمعزل عن شهوات البعض السياسية والإيديولوجيّة في الشرق الأوسط، إلا أن أي زيارة بابوية لبعض دول منطقتنا، سواء في الضفّة العربية أو الفارسية للخليج، أو في سواها، لن تكون في أي يوم من الأيام لأقلّ من الدّعوة المباشرة والصّريحة الى وقف كل ما يدعم الإرهاب، وتمويله، وتمويل الحروب، مع الحثّ على تحويل تلك الأموال لصالح تعليم الشعوب، وطبابتها، وتغذيتها...
فضلاً عن الدّعوة الصّريحة الى احترام الحقّ بالاحتجاج، والتظاهُر، ومعارضة الأنظمة من دون التعرُّض للقتل، لا في الداخل ولا في دول أجنبية، والامتناع عن إجراء محاكمات أو إعدامات في الشوارع، والتوقّف عن خطابات الحقد والعنف والكراهية، وصولاً الى حدّ الحديث عن عَدَم استخدام الأموال أو الأسلحة، أو حتى العقائد الدينية، كأداة للتوسّع السياسي والاستراتيجي، بأدوات عسكرية، أو مالية، أو اقتصادية.
هذه نقاط سيتحدّث عنها البابا في كثير من دول منطقتنا، بأسلوبه، وبكلام لن يعجب أي مسؤول طبعاً، سواء كان من أهل الصواريخ والمسيّرات، أو من أهل السيوف.
دمار معيشي
وبالعودة الى لبنان، نسأل عن الأسباب التي قد تدفع البعض الى انتظار زيارة بابوية، حيث لا رغبة محليّة بإعادة الحياة الى البلد.
فقوّة الله تكتمل برغبة الإنسان الصادقة. وبالتالي، كيف يحمل بابا روما قوّة الله، الى حيث لا أحد يرغب بالاستفادة منها؟ وكيف يحمل بابا روما قوّة الله الى بلد مُتهالِك بمسؤوليه، وحيث لن ينطلق الدمار المعيشي، والإنساني، والحياتي، وانحلال أضعف الفئات الشعبية، إلا بعد إبرام اتّفاق مع "صندوق النّقد الدولي"، وبتباهٍ رسمي تامّ؟
يضيّع وقته
فهل يضيّع البابا فرنسيس وقته بزيارة هذا النوع من المسؤولين؟ وهل يضيّع وقته على من لا نيّة لديهم في العمل على أي حقيقة، أو عدالة، أو إصلاح...، في أي ملف كان، سواء انفجار مرفأ بيروت، أو منهجيّة العمل السياسي والاقتصادي الذي يستسهل الإمعان في التلاعُب بمصير أضعف الناس؟
وهل يضيّع البابا وقته بزيارة بلد، يتفاخر المسؤولون فيه بدعواتهم الى الإسراع في إبرام اتّفاق مع "صندوق النّقد الدولي"، بدلاً من تأمينهم الشروط اللازمة لتجنُّب مثل هذا الاتّفاق، وما يفكّ الحصار عن لبنان بمعزل عن برنامجه الذي لن يحمل إلا المزيد من الفقر، لأفقر فقراء البلد؟
أوكرانيا
لا، ومليار لا. فبابا روما أكبر من ذلك بكثير. وكلّ لبنانيّ مسيحيّ شريف، يكشف للبابا ضرورة عَدَم زيارة مثل هذا النّوع من المسؤولين، في ما لو قرّر ذلك في أي يوم من الأيام مستقبلاً. فمساعي إنهاء الحرب العالمية الدائرة في أوكرانيا حالياً، أكثر سهولة، وبكثير، من حلّ أي ملف عالق في "زاروب" لبناني.
وفي هذا الإطار، أكد السفير الروسي في الفاتيكان، ألكسندر أفدييف، أن إطلاق سراح أو تبادل الأسرى الأوكرانيين من قبل روسيا، يتمّ اعتماداً على اللوائح التي يرسلها البابا فرنسيس الى الروس بانتظام، مشدّداً على التقييم الروسي العالي لعمل البابا، الذي ينفّذ مهمّة إنسانية تسمح بإعادة مئات الأشخاص إلى عائلاتهم.
وكان رئيس الاتّحاد العالمي للمؤمنين القدامى ليونيد سيفاستيانوف، أعلن في تشرين الأول الفائت، استعداد البابا فرنسيس للتوسُّط بين الرئيسَيْن الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ولتنظيم لقاء بينهما، مؤكّداً أن بابا روما يناسب روسيا كمُفاوِض، لافتاً الى أن البابا قد يجلس على طاولة مستديرة بين بوتين وزيلينسكي، ويساعد في البحث عن وقف لإطلاق النار، وفي قضايا أخرى.
قبل أن يستحقّوا
هذا ليس غريباً عن البابا. ولكن العَيْب، كلّ العَيْب، على مسؤولين لبنانيّين، يجعلون من لبنان ملفّاً أشدّ صعوبة من العمل على وقف حرب عالمية.
كما أنه عيب وألف عيب، على كلّ لبناني يُنظِّر في شؤون الأنشطة والمواقف البابوية، ليبحث إما عن تحقيق أهداف سياسية، أو عن تبرير بعض المواقف السياسية، أو عن تلميع صورة فريق سياسي.
يدُ البابا واضحة في تبادُل الأسرى بين أوكرانيا وروسيا، وفي العمل على وقف حمّام الدم. وأما لبنان، فيتوجّب على مسؤوليه، وعلى أولئك الذين يدورون في أفلاكهم أن يتوبوا توبة شديدة، وأن يأكلوا الرّماد، قبل أن يستحقّوا ولو مجرّد الإعلان عن زيارة بابوية للبنان.
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|