كلام قاسم: في انتظار مرور العاصفة
أطلق الأمين العام لـ "حزب الله" نعيم قاسم في خطابه الغيابي خلال تشييع سلفه الراحل حسن نصراللّه سلسلة مواقف كان جزء منها يتعلّق بموقف حزبه من الدولة والدستور ونهائية الكيان اللبناني فأعطى من اللسان حلاوةً في ما يتعلّق بالوحدة الوطنية والسلم الأهلي وبناء الدولة والالتزام باتفاق الطائف، ما دفع البعض للتسرّع باعتبار هذا الكلام تحوّلاً جدياً من "الحزب" نحو التحوّل إلى العمل السياسي كما يجري الترويج له من خلال بعض المنصّات الإعلامية والشخصيات السياسية، لكنّ هذا التصوّر البدائي يحتاج إلى نقاش جادّ وعميق حول حقيقة "الحزب" وطبيعة تعامله مع الأزمات.
قال قاسم: "سنشارك في بناء الدولة القوية والعادلة، ونُساهم في نهضتها على قاعدة المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وتحت سقف اتفاق الطائف، ضمن ركائز أساسية:
أولاً: إخراج المحتل وإعادة الأسرى (تاركاً المجال للعمل الدبلوماسي).
ثانياً: إعادة الإعمار والترميم والبنى التحتية كالتزام أساسي لهذه الدولة ونحن معها.
ثالثاً: إقرار خطة الإنقاذ والنهضة الاقتصادية والمالية والإدارية والقضائية والاجتماعية بأسرع وقت.
رابعاً: نحن حريصون على مشاركة الجميع في بناء الدولة، وحريصون على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وأقول لكم: بالنسبة إلينا، لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه ونحن من أبنائه".
وفي السطور الآتية سنفنّد أهم نواقض خطاب قاسم، ولا بُدّ هنا من التذكير بأنّ "حزب اللّه" سبق أن أطلق خطابات ناعمة أعلن فيها التزامه باتفاق الطائف وخاصة على لسان أمينه العام الراحل حسن نصراللّه، لكنّها بقيت شعارات بلا تطبيق، فـ"الطائف" ينصّ على نزع سلاح الميليشيات، ولا يمكن أخذه على القطعة، أمّا العزل السياسي الماكر، فـ "الحزب" سيّده، ويذكر اللبنانيون كيف كانت لقاءات نصرالله مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري تجري سراً وعلانية وسادها الوِدُّ المعلن، لكنّ "الحزب" فجّر موكب الحريري بأكثر من طنين من المتفجرات وأكمل دورة القتل بحق شهداء 14 آذار، وكان يلجأ إلى "التقية السياسية" في كلّ مرّة يقع فيها تحت خطّ الأزمات الكبرى، كما حصل بعد اغتيال الحريري وبعد حرب تموز 2006 عندما وصف الشريك في "الثنائي" الرئيس نبيه بري حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بحكومة المقاومة الوطنية، وكان "الحزب" يلحّ في طلب وقف إطلاق النار ثم انقلب عليها في 7 أيار 2008.
ولطالما راوغ "الحزب" بشأن سلاحه فاستغفل قيادات البلد واستنزف الوقت والاستحقاقات تحت عنوان "الحوار" وكلّما وصل الاستحقاق إلى السلاح يطير الحوار فيلحس "الحزب" توقيعه كما حصل بعد "إعلان بعبدا" الصادر عن هيئة الحوار بتاريخ 11/06/2012.
هنا تبرز الأسئلة الفاصلة:
كيف يمكن للبنانيين أن يقبلوا تكرار غدر "حزب اللّه" بهم وأن يتقبّلوا "التقية" منه عند كلّ منعطف. وكيف يريد قاسم من اللبنانيين أن يقتنعوا أنّه مع خطة إنقاذ القضاء ولا يزال تهديد وفيق صفا للقاضي طارق البيطار بـ"قبعه" يتردّد في أرجاء قصر عدل بيروت. كيف يمكن فصل العلاقة العسكرية والأمنية والسياسية والولائية المطلقة بين "حزب اللّه" وإيران، بعد أن جدّد نعيم قاسم البيعة للمرشد خامنئي، خاصة أنّ رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف بقي مصراً بعد لقائه رئيس الجمهورية جوزاف عون على الثلاثية الخشبية عندما قال: "سنقف إلى جانب أي قرار يصدر عن الحكومة اللبنانية والشعب والمقاومة"، متجاهلاً أنّ الرئيس عون أعطاهم محاضرة في رفض الأعمال الميليشيوية داخل الدول انطلاقاً من الدستور الإيراني وأعلن تعب لبنان من الحروب.
باختصار:
كلام نعيم قاسم لا يساوي شيئاً إذا لم يأت ضمن برنامج عمل الحكومة المرتبط بتطبيق اتفاق الطائف القاضي بحلّ الميليشيات واستتباعاً القرارات الدولية: 1701 و1559 وفق جدول زمني محدّد يلغي التلاعب السمج بين جنوب وشمال نهر الليطاني، وإنهاء كلّ أشكال الخروج على القانون بحلّ الجناح العسكري والأمني نهائياً وإغلاق "القرض الحسن" وإنهاء سيطرته على الجزر الأمنية جنوباً وبقاعاً وضاحية... ولا يضحكنّ عليكم بالعودة إلى موّال الاستراتيجية الدفاعية، فما ذلك إلّا تقية حتى تمرّ العاصفة ويعود للتحكّم في رقاب اللبنانيين... فلا تسكروا بزبيبة نعيم قاسم.
أحمد الأيوبي-نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|