"إسرائيل الموسَّعة": لبنان وسوريا ضفة شمالية بمسار الضفة الغربية
بوضوح أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الأحد، عن إصراره على استمرار احتلال مواقع في جنوب لبنان. في الخطاب نفسه تحدث نتنياهو عن السيطرة على الجنوب السوري، وجدد كشفه لآلية التفكير الإسرائيلية تجاه العرب ككل، بوصفهم طوائف متفرقة قابلة لأن تكون في صراع دائم. وهو لذلك استحضر في كلمته مسألة "حماية الدروز"، بما لا يخرج عن الإطار الإسرائيلي لجعل المنطقة ككل مشرذمة بين "أقليات"، وخارج أي نطاق يتصل بروابط المواطنة. في كلام نتنياهو أكثر من خطر. الخطر الأول هو الإعلان بشكل صريح عن استمرار احتلال مناطق وأراض في لبنان وسوريا. الخطر الثاني، هو الإشهار الواضح لمنطق "إسرائيل الموسعة". الخطر الثالث، أن ذلك يتكامل مع الإصرار الإسرائيلي على حرب التهجير في غزة والضفة الغربية، وسط تزايد المؤشرات التي تفيد بإقدام تل أبيب على إعلان ضم الضفة بدعم أميركي.
حرب مستمرة
جاء كلام نتنياهو بعد ساعات قليلة على تشييع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بحشد جماهيري ضخم، لم تتمكن إسرائيل من تعطيله أو إضعافه، لكنها سعت إلى التشويش عليه بالغارات المكثفة جنوباً وبقاعاً، أو بالاستعراض الجوي للطائرات الحربية التي نفذت عملية اغتيال نصرالله، مع ما أحدثته من استفزاز ومحاولة لإرهاب بيروت والمناطق المختلفة. ما أرادت إسرائيل قوله أنها ستصر على التمسك بحرية حركتها في لبنان، بمعان مختلفة، أمنياً وعسكرياً، وحتى سياسياً، في ظل تكرار مواقف المسؤولين الإسرائيليين التي يسعون من خلالها إلى وضع الجيش اللبناني في مواجهة الحزب، فقد كرر نتنياهو أكثر من مرّة أن على الجيش اللبناني التحرك لنزع سلاح حزب الله بالكامل، وفي حال لم ينجز المهمة فإن إسرائيل هي التي ستفعل.
يتخذ نتنياهو من ذلك ذريعة يقدّمها للغرب وللأميركيين بالتحديد، بأن تمسك حزب الله بسلاحه وعدم تسليم منطقة جنوب الليطاني، يشكل تهديداً على سكان المستوطنات الشمالية، وبذلك يحاول الحصول على المزيد من الدعم أو التغطية لمواصلة عملياته الحربية في لبنان بشكلها المتقطع، والذي لم يعد مقتصراً على جنوب الليطاني فقط بل يطال شمال الليطاني ومناطق بعيدة جداً عن الحدود، وسط مخاوف من أن تتوسع هذه العمليات لتشمل الكثير من المناطق البقاعية، كما يتوسع استهداف الحدود اللبنانية السورية. ذلك لا ينفصل عن كل المسار الإسرائيلي القائم والمستمر في الجنوب السوري من عمليات استهداف عسكري أو قضم جغرافي. ما تريد قوله إسرائيل من وراء ذلك هو أن لبنان وسوريا بالنسبة إليها، هما "الضفة الشمالية"، وهي ستتعامل مع الدولتين تماماً كما تتعامل مع "الضفة الغربية"، التي تسعى إلى تهجيرها من خلال العمليات العسكرية وعمليات التضييق على المواطنين الفلسطينيين والحصار وتصعيب الحياة اليومية. وهو ما تكرره في لبنان من خلال الضغط لمنع إعادة الإعمار، ومنع السكان من العودة إلى مناطق كثيرة في الجنوب.
مواقع احتلال إضافية
تفيد بعض المعطيات بأن كل الضغوط التي تُمارس على إسرائيل لا تبدو جدية لدفعها إلى الانسحاب من النقاط التي لا تزال تحتلها في جنوب لبنان. وتشير بعض المعلومات إلى أن التفكير الإسرائيلي يتركز على توسيع عدد النقاط التي يسيطر عليها جيش الاحتلال لتشمل أكثر من 5 نقاط، ورفعها إلى 7 أو 8 نقاط، بالإضافة إلى الطرق التي توصل إلى هذه النقاط. بذلك، تضع إسرائيل لبنان تحت نير حرب دائمة ومستمرة، تهدف من خلالها إلى الإطباق الكامل، وإضعاف الجميع، وخصوصاً الطائفة الشيعية، من دون إغفال أي محاولة لخلق صراع بين الطائفة الشيعية والطوائف الأخرى. كما تسعى في سوريا إلى افتعال مشكلة ما بين الدروز والسنة، وما بين السنّة والعلويين أو الأكراد، أو حتى بين السنّة والسنّة.
هذا الإطباق الكامل الذي تسعى تل أبيب إلى تحقيقه، لا يقف عند حدود لبنان وسوريا وفلسطين، بل إن المشروع المعلن، ولا سيما الذي يرتكز على فكرة التهجير ونقل الفلسطينيين إلى دول عربية أخرى، هدفه خلخلة "البيت العربي" كله، إما طائفياً، أو بالوهن الاقتصادي والمالي والاجتماعي، في ظل تعايش المنقسمين بين المحاور مع أوهام اعتبار أن الانتصار الإسرائيلي على إيران سيقوي العرب، أو الانتصار الإسرائيلي على الشيعة من شأنه أن يصب في مصلحة السنّة.
منير الربيع-المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|