الصحافة

الحجار يُحرر البيطار... تعاونٌ أو فخٌّ جديد؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يستعجل بعض القضاة البتَّ في الملفات الدسمة التي يمسكون بها، قبل التشكيلات القضائية الشاملة، بينما يعمد بعضهم الآخر إلى تصويب قراراته لتتلاءم ومعايير تثبيته في المراكز التي يشغلونها بالتكليف.

وبعد تمسُّك النائب العام التمييزي بالتكليف القاضي جمال الحجار، بموروثات سلفه القاضي غسان عويدات، كما "القيود" التي مهَّدت لترؤُّسه رأس النيابات العامة منذ 23 شباط 2024، قرَّر أمس، مجاراةً لاندفاعة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى إصلاح القضاء وتحريره من الأجندات السياسيّة، وعشيّة دخول التعيينات القضائية مراحل متقدمة، التملص من أعباء قرارات النائب العام التمييزي السابق غسان عويدات، وإبلاغ النيابات العامة وجوب إعادة التعاون بما تقتضيه الأصول القانونية بين النيابة العامة التمييزية والمحقق العدلي في تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار.

تصويب الحجار لعمل النيابة العامة التمييزية لا يمكن المرور عليه مرور الكرام، تتعدَّى أهميته التعاون القضائي مع المحقق العدلي، لتشكِّل إنصافاً للقاضي البيطار ولما تعرَّض له من تشكيكٍ بمشروعيّة عمله، تحديداً من المشتبه بضلوعهم بشكل مباشر أو غير ذلك، أكان بالتقصير والتغاضي عن القيام بحفظ الأمن والسلامة في المرفأ، أو التستر عن تحويل العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت مستودعاً لأطنانٍ من نيترات الأمونيوم، تردد أن جزءاً كبيراً منها تم إخراجه من المرفأ بطريقة غير قانونية إلى خارج لبنان بالتزامن مع انخراط "حزب الله" بشكل مباشر في قمع الثورة السورية، واعتماد نظام بشار الأسد على البراميل المتفجرة كسلاحٍ لقمع الثوار.

دعاوى كيدية رُفعت على البيطار منذ تعيينه محققاً عدلياً خلفاً للقاضي فادي صوان، حتى وصل الأمر بالمتضررين من إمساك المحقق العدلي بخيوطٍ من شأنها أن تؤدي إلى اكتشاف ما حصل في 4 آب 2020، إلى اعتكاف وزراء "الثنائي الشيعي" عن حضور جلسات مجلس الوزراء منذ تشرين الأول 2021 إلى كانون الثاني 2022، وذلك للضغط على الحكومة من أجل تعيين محقق عدلي جديد مكان البيطار.

ومع تقاعد أحد قضاة محاكم التمييز، عاد وزراء الثنائي إلى الحكومة بعدما تأكدوا أن إمكانية التئام الهيئة العامة لمحاكم التمييز للبتّ في طلبات الردّ والمخاصمة التي رفعت في وجه البيطار غير ممكنة، وعمدوا بعدها إلى تعطيل التشكيلات القضائيّة للغرض نفسه.

افتعال أحداث الطيونة وغزوة عين الرمانة في تشرين الأول 2021، وتهديد رئيس وحدة التنسيق والارتباط في "حزب الله" وفيق صفا المحقق العدلي بـ "قبعه"، وطلبات الردّ والمخاصمة، وضعت عمل المحقق العدلي أمام تحديات كبيرة. رفع يده عن الملف بموجب دعوى ردّ مقدمة من المدّعى عليهما غازي زعيتر وعلي حسن خليل، في 23 كانون الأول 2021. وبعد 13 شهراً من عرقلة التشكيلات القضائية، وعدم بتّ الهيئة العامة لمحاكم التمييز بطلبات الرد والمخاصمة، استأنف البيطار عمله في 23 كانون الثاني 2023، وأخلى سبيل 5 موقوفين من أصل 17، وادّعى على ثمانية أشخاص جدد بينهم المدير العام للأمن العام السابق عبّاس ابراهيم، ومدير جهاز أمن الدولة طوني صليبا، والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات. عندها عمد عويدات إلى الادّعاء على البيطار بجرم انتحال صفة محقق عدلي وأخلى سبيل جميع الموقوفين في الملف.

تجنَّب البيطار متابعة التحقيق في العدلية قبل إحالة مدعي عام التمييز السابق، المدعى عليه غسان عويدات إلى التقاعد، تجنباً لاتخاذ الأخير قراراً بضبط كامل ملف تحقيق المرفأ الذي يضع البيطار يده عليه ويعمل على إنجازه.

استبشر البيطار خيراً مع وصول الحجار إلى التمييزية، إلّا أنّ ذلك لم يؤدّ إلى ردم هوة التعاون بين الطرفين. إصرار البيطار على متابعة عمله، رغم موقف الحجار السلبي، دفعه إلى الاستعانة قبل أسابيع بدائرة المباشرين في بيروت من أجل تبليغ المدعى عليهم.

مَثل جميع المدعى عليهم أمامه خلال الأسابيع الماضية من دون قدرته على إصدار مذكرة توقيف بحقهم، لعدم وجود ضابطة عدلية متعاونة معه لتنفيذ قراراته. أصرّ على متابعة التحقيق وهو في صدد استدعاء دفعة جديدة من المدعى عليهم للمثول أمامه خلال أيام، على أن يستدعي الدفعة الثالثة والأخيرة مطلع شهر أيار المقبل تمهيداً لإنهاء التحقيق وإصدار قراره الاتهامي.

حملات العرقلة لم تثنِ البيطار عن متابعة عمله، حتى أنه رفض التقدُّم بطلبٍ لرفع حظر السفر المفروض عليه منذ 23 كانون الثاني 2023، تجنباً للاعتراف بـ "ارتكابات" عويدات القضائية.

مصادر متابعة، كشفت لـ "نداء الوطن" أنّ تراجع الحجار عن قرار سلفه، ما كان ليكون لولا وجود إرادة وقرار سياسي صارم نابع من رئيسي الجمهورية العماد جوزاف عون والحكومة نواف سلام ووزير العدل عادل نصار، بإعادة تصويب عمل مرفق العدالة وتحريره من الحسابات السياسية والحزبية. وذلك بالتزامن مع تشديد رئيس الجمهورية في كل مناسبة على "دور القضاء في محاربة الفساد، وأهمية وجود قضاء نزيه غير مسيَّس، وقضاة يحكمون بالعدل وفقاً لما تفرضه عليهم ضمائرهم وبناء على الإثباتات التي بحوزتهم".

أمام هذا الواقع، بات من المسلّم إعادة طلب البيطار من النيابة العامة التمييزية تبليغ جميع المتهمين والمخلى سبيلهم ومستردي مذكرات التوقيف خلافاً للقانون، وجوب المثول أمامه، وفي مقدمهم القاضي المتقاعد غسان عويدات، ورئيس الحكومة السابق حسان دياب، والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، والمدير العام للأمن العام السابق عباس إبراهيم، الوزير السابق النائب غازي زعيتر، الوزير السابق النائب علي حسن خليل والوزيرين السابقين يوسف فنيانوس ونهاد المشنوق، النائب العام التمييزي القاضي غسان الخوري، قاضية الأمور المستعجلة كارلا شواح، وقاضي الأمور المستعجلة جاد معلوف وآخرين، بمواعيد مثولهم أمام المحكمة.

فهل سيكتب للبيطار النجاح في مهمته أم أن تعاون الحجار معه، مقدمة لتفجيرٍ جديدٍ للتحقيق؟

طوني كرم-نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا