الصحافة

لبنان على فوهة بركان… ضغوط أميركية وهجمات اسرائيلية

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في المشهد اللبناني المترنح بين الانهيار الاقتصادي والضغوط السياسية والعسكرية، تتصاعد التهديدات الأميركية والاسرائيلية، في مشهد يعيد إلى الأذهان تجارب سابقة كانت مقدمة لانفجارات كبرى. فهل يقف لبنان اليوم أمام سيناريو مشابه؟

تداعيات الضغوط الأميركية: خنق اقتصادي وسياسي

كشفت الرسالة المسرّبة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عن نية واشنطن تقليص المساعدات إلى لبنان تدريجياً، تحت ذرائع عدم تحقيقها للمصالح الأميركية. هذا التوجه ليس جديداً، لكنه يأتي اليوم في سياق أشد خطورة، بحيث يعاني لبنان من أزمة مالية خانقة، ويفتقر إلى دعم خارجي كافٍ يعوّض غياب المساعدات الأميركية.

إن تقليص هذه المساعدات، خصوصاً الانسانية والعسكرية، سيترك تداعيات مباشرة على استقرار الدولة اللبنانية، التي تعتمد بصورة كبيرة على المساعدات الغربية لدعم مؤسساتها الأمنية والخدمات الأساسية. كما أن الضغط الأميركي المتزايد على النظام المصرفي اللبناني، بحجة مكافحة تمويل “حزب الله”، يزيد من تعقيد الأزمة المالية، ما قد يدفع المصارف اللبنانية نحو مزيد من التعثر، وهذا يعني أن اللبنانيين سيدفعون الثمن الأكبر لهذا الحصار غير المعلن.

التصعيد الاسرائيلي: حرب أمنية بديلة؟

بالتوازي مع الضغوط الاقتصادية، تخوض إسرائيل حرباً أمنية مكثفة ضد “حزب الله”، من خلال الاغتيالات الجوية والملاحقات الاستخباراتية. فرضت تل أبيب “منطقة أمنية بالنار” في الجنوب اللبناني، مستغلة الانكفاء العسكري للحزب والضغوط السياسية عليه. هذه الحرب، التي تبدو غير معلنة بصورة مباشرة، تخلق بيئة متفجرة قد تتحول إلى صراع واسع النطاق في أي لحظة.

اللافت أن هذه الاستراتيجية تتزامن مع التغييرات الاقليمية والدولية، بحيث تسعى إسرائيل إلى استغلال المرحلة الراهنة لتوجيه ضربات استباقية تقلّص من نفوذ “حزب الله”، وتضع الدولة اللبنانية أمام مسؤولية احتواء الحزب ومنعه من الرد. ومع ذلك، فإن استمرار هذه العمليات قد يدفع الحزب إلى الخروج من معادلة “ضبط النفس”، ما يعني احتمالات تصعيد خطير.

“حزب الله” بين مأزق الداخل وتحديات الخارج

منذ انتهاء الحرب الأخيرة في تشرين الثاني الماضي، أعاد “حزب الله” تموضعه باتجاه العمل السياسي، وتجميد العمليات العسكرية المباشرة، في ظل ضغوط داخلية وخارجية متزايدة. هذا التوجه يأتي استجابة لمتغيرات عدة، أبرزها:

– ضغوط داخلية، تتعلق بحسابات سياسية داخلية في ظل حكومة جديدة تحاول إعادة هيكلة دور الدولة، وعجز الحزب عن تحمل تبعات أي تصعيد عسكري جديد.

– ضغوط خارجية، تتعلق بالمساعي الأميركية والفرنسية لفرض استقرار طويل الأمد على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، ضمن ترتيبات دولية تُفرض على الدولة اللبنانية.

– الضغوط الاقتصادية، اذ يواجه الحزب تحديات تمويل إعادة الاعمار، والتي وضعها بيد الدولة، لتجنّب تحميله المسؤولية الكاملة أمام بيئته الشعبية.

على الرغم من ذلك، لا يبدو أن الحزب قد حسم خياراته بالكامل، إذ يحافظ على خطاب مزدوج؛ أحدهما موجه إلى الداخل، يؤكد استمرارية المقاومة، والآخر موجه إلى المجتمع الدولي، يؤكد التزامه بوقف إطلاق النار. لكن استمرار الضغوط الأمنية الاسرائيلية قد يدفعه إلى مراجعة هذا التموضع، خصوصاً إذا فشلت الدولة اللبنانية في تحقيق أي اختراق ديبلوماسي ملموس.

وأكد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسين الحاج حسن، خلال اطلاق مائدة الامام زين العابدين في الكرك أن “الولايات المتحدة ليست راعياً فهي شريك كامل، وما يحصل في لبنان عدوان أميركي اسرائيلي يتمثل في استمرار الاعتداءات والاغتيالات وعمليات القتل وتجريف الأراضي وحفر الخنادق وعمليات الخطف والتدمير واحتلال ما تجاوز النقاط الخمس، وما يحصل عدوان اسرائيلي أميركي، والدولة مطالبة بالقيام بدورها والدفاع عن السيادة وعن أرض الوطن، مع الاشارة الى أن الاعتداءات استهدفت مواقع الجيش اللبناني والعسكريين، وبالتالي الدولة معنية بالدفاع عن استقلالها ومؤسساتها وأن تكون حازمة بمطالبة الأميركي شريك الاسرائيلي”.

وتوجه الحاج حسن الى من رعوا القرار 1701 بالقول: “ان اللبنانيين ينتظرون منهم ومن الدولة الدفاع عن السيادة”.

السيناريوهات المحتملة: انفجار أم احتواء؟

وفق المعطيات الحالية، هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية قد تواجه لبنان خلال الأشهر المقبلة:

– التصعيد العسكري، ففي حال استمرت إسرائيل في تنفيذ عمليات الاغتيال والقصف المستهدف، قد يجد “حزب الله” نفسه مضطراً الى الرد، ما قد يؤدي إلى تصعيد واسع، يشمل الجنوب وربما يمتد إلى الداخل الاسرائيلي.

– احتواء الأزمة ديبلوماسياً، بحيث قد تسعى الدولة اللبنانية، بدعم فرنسي – أميركي، إلى تثبيت معادلة استقرار جديدة، تفرض على الطرفين (إسرائيل و”حزب الله”) التهدئة، لكن هذا يتطلب تنازلات متبادلة، قد لا يكون الحزب مستعداً لتقديمها في هذه المرحلة.

– استمرار الوضع الراهن، وهو السيناريو الأكثر ترجيحاً حالياً، بحيث تبقى العمليات الاسرائيلية مستمرة، لكن من دون تصعيد يؤدي إلى حرب شاملة، بينما يواصل “حزب الله” ضبط النفس، ويترك مسؤولية التحرك للدولة اللبنانية.

في ظل هذه المعطيات، يبدو أن لبنان يعيش مرحلة مفصلية جديدة، حيث الضغوط الخارجية تتزايد، والخيارات الداخلية تضيق. والسؤال الكبير الذي يفرض نفسه: هل يستطيع لبنان تجنب الانفجار، أم أن الضغوط المتراكمة ستقوده إلى مواجهة جديدة قد تكون الأكثر خطورة منذ عقود؟

محمد شمس الدين-لبنان الكبير

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا