الصحافة

عروض التطبيع مع لبنان: المنشأ إسرائيليّ...لا أميركي

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

الجدل الذي رافق المزاعم الإعلامية حول الطلب من لبنان التفاوض مع إسرائيل، حَسَمه الجانب الأميركي بالنفي، وأعاد النقاش الى مربعه الأول، الذي بدأ الأسبوع الماضي بطلب إسرائيلي، وسرعان ما واجهته السلطات اللبنانية بالتأكيد أنها غير معنية، وأن الأمر غير مطروح، ولم يفاتحها فيه أحد.

أثارت تلك المزاعم الإعلامية، القلق، منذ مطلع الأسبوع، وسلك النقاش خطَّين متوازيَين: الدولة تتقصّى الخبر، من مصادره الأميركية، بينما يبني اللبنانيون سرديات وتصورات عن مستقبل لبنان والوقائع الحالية، وهو نقاش لبناني بات متوقعاً أن ينجرف في اتجاه تبادل الاتهامات السياسية.

فمن ناحية، يُستهدف العهد بغرض فرملة انطلاقته، وهو ما ذهب إليه بعض جمهور "حزب الله" متهماً العهد بـ"الاذعان" لمطالب أميركية تنتهي بالتطبيع بالقوة.. ويُستهدف من الجمهور المقابل، "حزب الله" نفسه، بوصف معركته الأخيرة في الجنوب لإسناد غزة، أدت الى واقع جديد، لا يمكن للبنان تجاوزه، وسيكون الحزب وحلفاؤه مرغمين على القبول به، لقاء "إعادة الإعمار" والانسحاب الاسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة.

مفاعيل النفي الأميركي
لكن الخطابين، انتهت مفاعيلهما بمجرد صدور النفي الأميركي الصادر عن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وقال فيه إن التقرير الذي يزعم أن ويتكوف التقى بمسؤول لبناني لم يُذكر اسمه في الدوحة، "هو تقرير كاذب ومضلل"، مشدداً على أن "الترويج للشائعات والأخبار الزائفة لا يؤدي إلا إلى نشر الفوضى وتقويض مصداقية وسائل الإعلام".

ويقود تداول المزاعم، ثم النفي، الى حقيقة بأن التصريح إذا كان صادراً عن تل أبيب، لن يكون ذا قيمة سياسية، ويعبّر عن أمنيات ورفع لسقف الشروط، بما يتخطى أي مفاعيل سياسية تترتب عليه. وبإمكان السلطات اللبنانية أن تؤكد أن الأمر "غير مطروح بالنسبة إليها"، حسبما بات مؤكداً في الأوساط السياسية اللبنانية التي كررت هذا الموقف، نافية أن تكون قد تلقت رسمياً أي طلب مشابه، أو أن يكون أحداً قد فاتحها فيه (بمعزل ما إذا كان قد طُرح على مستويات جانبية وغير رسمية)، وبالتالي فإنها ستتعاطى مع الأمر وفق قاعدة أنها "غير معنية"، وهو ما حدث.

أما إذا كان صادراً عن مسؤول أميركي، فإن تصريحاً مشابهاً ستكون له مفاعيل سياسية. أولاً، كون الولايات المتحدة هي الضامن لأي اتفاق غير مباشر بين لبنان وإسرائيل، كما تمتلك القدرة على فرض أي قرار على الجانب اللبناني، أو الجانب الاسرائيلي، خصوصاً في عهد الرئيس دونالد ترامب، بما يتخطى أي دولة أخرى، وهو أمر بات محسوماً بالنسبة لمسؤولين أوروبيين كانوا أبلغوا السلطات اللبنانية بأن الطرف الوحيد القادر على الضغط على تل أبيب لتنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار والانسحاب من الأراضي اللبنانية، هو واشنطن.

كذلك، ثمة تجربة سابقة قبل أربعين عاماً، حين سهّلت الولايات المتحدة (أو فرضت) اتفاقية سياسية بين الطرفين، عُرفت بـ"اتفاق 17 أيار"، وتم توقيعها في العام 1983، قبل أن تسقط بعد أشهر قليلة على إقرارها، بقوة السلاح وفي الشارع، في ما عُرف لاحقاً بـ"انتفاضة 6 شباط"، وأدخلت البلاد في فوضى، وأدت الى انقسام الجيش اللبناني، وغذت الانقسامات المذهبية في البلاد، ومددت أمد القتال حتى اتفاق الطائف في العام 1989.

واشنطن تتبرّأ
الآن، يفضي النفي الأميركي الرسمي، من ناحية إعلامية وسياسية، إلى أن الولايات المتحدة ليست بصدد تكرار تجربة الثمانينيات، بكل ما يعنيه الموقف من مخاطر وتداعيات على الاستقرار، وهي غير معنية بأي طرح إسرائيلي لاتفاقية سياسية تتخطى الجانب الأمني، وتبين أنها طروحات "إسرائيلية المنشأ"، لا تُلزم واشنطن بأي شيء حيالها.

ومع أن هذا النفي يبرّئ اللاعبين السياسيين في الداخل اللبناني من أي تأويل يضعهم تحت المسؤولية، لكن لا يبدو كافياً لتبديد الهواجس اللبنانية من تداعيات اي خطوة مشابهة. فالانقسام اللبناني، في هذا الوقت، يبقى تحت سقف السجالات وتبادل الاتهامات و"التنمّر" أيضاً، في واحدة من أدبيات العلاقة الملتبسة بين الجمهور المنقسم سياسياً وطائفياً..

في المقابل، لن تكون هناك ضمانة ليبقى تحت هذا السقف في حال طرح مشروع سياسي شبيه باتفاقية 17 أيار، في ظل "مقتلة" اسرائيلية لم تتم لملمة تداعياتها بعد، ولا جثث ضحاياها من تحت الأنقاض، ولا ركام منازل أولئك الضحايا الذين لا يبدو أن هناك أي أفق لاعادة إعمار منازلهم في المستقبل القريب.

تكاد منشورات مواقع التواصل الاجتماعي تلخص هذه المخاوف. ففي حين يرى البعض أنها "مشروع تفجيري بالبلد"، ينظر آخرون إليه على أنه "نتيجة طبيعية لاستقواء الحزب ومغامراته".

نور الهاشم - المدن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا