تكنولوجيا

هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يفهم الإنسان؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

وضعتُ الذكاء الاصطناعيّ في مواجهة الإنسان، وفي نيّتي أن أهزّ الناس في المجتمعات المعاصرة وأستفزّهم، ولو أنّ الأمانة العلميّة تقتضي بأن أبدأ بتعريف ماهيّة الإنسان، إذ إنّ فهم الإنسان في أنحاء المسكونة كلّها مسألةٌ شائكةٌ معقّدةٌ عسيرة. أذكر الإنسان بالإطلاق، وفي ذهني ترتسم صورة الإنسان اللبنانيّ والإنسان العربيّ الذي أعرفه عن كثب، مدركًا أنّه بلغ مبلغًا قصيًّا في إرباك جميع أصناف الذكاء، الطبيعيّ والاصطناعيّ على حدٍّ سواء. قبل أن أتطرّق إلى هذه المسألة، أذكّر بأنّ العلوم الإنسانيّة الحديثة تضطلع وحدها بفهم حقائق الكائن الإنسانيّ. ولكنّ العارفين سبقوا فنعتوها بالعلوم الرخوة، إذ إنّها تفتقر إلى معايير الدقّة والموضوعيّة والإصابة في تناول موضوعها الغامض، وبناء منهجيّات أدائها، وصوغ أحكام بحثها، وضبط آليّات عملها الاستقصائيّ. 

هذا ما أعلنه الفيلسوف اللاهوتيّ الألمانيّ ڤيلهلم ديلتاي (1833-1911) حين أيقن الفرق الشاسع بين العلوم الوضعيّة التي تشرح الطبيعة وتُفسّرها، والعلوم الإنسانيّة التي تفهم الحياة أو على الأقلّ تجتهد في فهمها. يعرف الجميع ما قاله ناحتُ الاصطلاح الألمانيّ  بشأن انتظام الطبيعة انتظامًا يتيح للعلوم الطبيعيّة أن تحلّل بناها وطرائق انبساطها، واضطراب الحياة اضطرابًا يُعسّر على علوم الروح/الفكر (Geisteswissenschaften) أو علوم الإنسان أن تُخضعها لقانونٍ تفسيريّ أو قالبٍ تحليليّ واحد. لن أبحث في تفاصيل نظريّة ديلتاي الفِساريّة التي تروم أن تضع قواعد التفسير الصحيح بمراعاة امتناعيّة الحياة عن الأخذ العقليّ الحسّاب، بل أكتفي بالتمييز الذي أنشأه بين ثلاث كتَلٍ من الوقائع: الشعور الجوّانيّ أو المعيش الحياتيّ (Erlebnis)، والتعبير المنبثق منه (Ausdruck)، والفهم (Verstehen) الملائم. إذا كانت الحياة المتدفّقة تدفّقًا عفويًّا منعتقًا من قيود الانتظام المنطقيّ تخضع لمثل الارتباط الوثيق هذا بين ما يختبره الإنسان في صمت وجدانه، وما يُفصح عنه في تعابير كيانه، وما يفهمه الآخرون فهمَ الاستناد إلى هذا التعبير، فإنّ موضوعيّة تفسير الحياة الإنسانيّة تقتصر على الارتباط الشكليّ هذا. ذلك بأنّ الاختبار الشعوريّ الجوّانيّ الواحد، كالغضب مثالًا، يمكنه أن ينفجر انفجارًا متنوّع التعابير بحسب أحوال الفرد الخاصّة. فالإنسان الغاضب يستطيع إمّا أن يتصرّف تصرّفًا عنيفًا، وإمّا أن يصدح بالغناء أو حتّى بالصراخ في الغابة، وإمّا أن ينصرف إلى عزلةٍ إحباطيّة، وإمّا أن يأتي بأعمالٍ فنّيّة، وإمّا أن ينتقم من جسده انتقامًا إشباعيًّا مفرطًا في الأكل أو اللهو أو الجنس. أعتقد أنّ العلم لا يستطيع أن يفرض على الباطن الإنسانيّ انتظامًا واحدًا في التعبير عن حالٍ من أحوال النفس، عنيتُ بها الغضب في هذا السياق من التحليل.

أعود إلى الذكاء الاصطناعيّ لأبيّن أنّ الحياة الإنسانيّة ما برحت عصيّةً على الأخذ بسببٍ من العلاقة الملتبسة بين اختبارات الوجدان، والتعابير الإفصاحيّة، واجتهادات الفهم والتفسير. ومن ثمّ، تبدو هذه الحياة مجبولةً على التاريخانيّة، أي على التأثّر بتقلّبات الأحوال وتنازعات الأوضاع، ناهيك بخضوعها الحتميّ لمزاجيّة الوجود الإنسانيّ الفرديّ والجماعيّ. لذلك يصحّ نعت العلوم الإنسانيّة بالعلوم الرخوة، إذ إنّها تُعنى بالحياة والباطن والوجدان والشعور والوعي، وهذه كلّها مجالاتٌ رخوةٌ سائلةٌ متذبذبةٌ لايقينيّةٌ يستحيل البتّ فيها والحسم والبرهنة الفاصلة والإثبات القاطع.

لا ريب في أنّ الذكاء الاصطناعيّ المبنيّ على الخوارزميّات الرياضيّة والمعادلات المنطقيّة يمكنه، في زمنٍ قريب، أن ينوب مناب العلوم الصلبة، على اختلاف تسمياتها وتنوّع مجالاتها (العلوم الطبيعيّة أو الوضعيّة أو البحتة أو الدقيقة). السبب واضحٌ، إذ إنّ هذه العلوم تخضع للمنطق العلميّ عينه. بيد أنّ العلوم الإنسانيّة لا تدخل دخولًا تلقائيًّا في مجال اختصاص الذكاء الاصطناعيّ وفي نطاق صلاحياته. أعرف أنّ العلماء يطمحون إلى إخضاع الحياة برمّتها لقوانين التحليل العلميّ. ولكنّنا ما زلنا بعيدين البعد كلّه من هذا المرمى.

صحيحٌ أنّ هذا الذكاء يمكنه أن يجول بعض الجولات في قطاعات معيّنة من علوم الإنسان، كأن يضبط المعلومات المتوافرة بشأن بعض نظريّات الفلسفة وعلم النفس والأنتروبولوجيا وعلم الاجتماع والألسنيّات وما إلى ذلك. كذلك يستطيع أن يترجم، ويحلّل النصوص، ويؤرّخ، ويدرس الشخصيّات التاريخيّة بحسب المعلومات المخزَّنة الموضَّبة، لا بل أراه قادرًا على مقارنة مذاهب الفلاسفة المعروفين بعضها ببعض، واستعراض أبرز نظريّات علم النفس وسائر العلوم الإنسانيّة. فضلًا عن ذلك، يمكنه أن يأتينا بقصائدَ وأناشيدَ وملاحمَ وابتكارات فنّيّة يصبّها صبًّا يضاهي ما أبدعه الشعراء والأدباء والفنّانون المعروفة أعمالهم. ولكن هل يستطيع الذكاء الاصطناعيّ أن يُعبّر عن تأزّم طارئ في الأحوال النفسيّة التي تنتاب الإنسان المعاصر؟ هل يمكنه أن يرشد الإنسان إلى حلٍّ عقلانيّ-عاطفيّ ناضج ومسلكٍ قويم مُنصف في خلافٍ عيليّ؟ أو توتّرٍ زوجيّ؟ أو صراعٍ مهنيّ؟ أو مشادّةٍ حزبيّة؟ أو معاركةٍ خبيثة بين أصحاب الطموح السياسيّ؟

كثيرٌ من أساتذة الجامعات والباحثين يستنجدون الذكاء الاصطناعيّ في ترجمة روائع الفكر العالميّ. ولكنّهم ينسون أنّه عاجزٌ عن إظهار جمال النصّ بأسلوبيّته الفريدة وعبقريّته الفذّة، إذ يكرّر على وجهٍ واحدٍ قوالب الترجمة وصيَغها من دون مراعاة جدّة العناصر هذه. كان مؤسّس الفِسارة الحديثة الفيلسوف اللاهوتيّ الألمانيّ فريدريش شلايرماخر (1768-1834) قد أشار إلى أنّ اللغة مؤلّفة من بُعدَين: نحويّ موضوعيّ، وعبقريّ ذاتي. إذا اكتفى الكاتب بالبُعد النحويّ، كرّر ما سبق أن صيغ في القوالب الأدبيّة المعروفة وما تتناقله المعاجم اللغويّة. ومن ثمّ، يدرك أهلُ الفطنة أنّ الذكاء الاصطناعيّ لا يُبدع في الترجمة أو في الإنشاء أو في أبحاث العلوم الإنسانيّة، بل يُنجز مهمّة التمهيد البحثيّ، فيجمع المعلومات ويرصفها رصفًا متشابهًا في جميع الأوضاع.

ثنائيّة الكائن الإنسانيّ وحيرته الكيانيّة وغموضيّة بنيانه الباطنيّ حقائقُ بشريّةٌ أنتروبولوجيّةٌ ينفرد بها الوجودُ المبنيُّ على الوعي ووعي الوعي. قد يحلو لبعض الباحثين أن يقيموا الشبه بين الحقائق المربكة هذه ومبدأ اللايقين واللاتعيّن واللاانضباط في الفيزياء الكمّيّة أو الكوانتيّة. إذا كان البتّ العلميّ في قياس المادّة قد أضحى أمرًا مستحيلًا بسببٍ من الترجّح بين الموجيّات والجسيميّات، فإنّ اللابَتيّة أو اللاحَسميّة في الفيزياء تختلف عن الاحتياريّة البشريّة التي تُفرج عن احتمالاتٍ شتّى في الوضعيّة النفسيّة الواحدة. ومن ثمّ، إذا افترضنا أنّ الوعي مقتصرٌ على عمليّات الدماغ العصبيّة أو ما يدعوه علماء الذكاء الاصطناعيّ التفاعلات الكيميائيّة-الكهربائيّة (Ray Kurzweil, The Singularity is Nearer. When we Merge with AI)، فهل الباطن الجوّانيّ الإنسانيّ خاضعٌ لبنيةٍ منطقيّةٍ تضبط انفعالاته وتأجّجاته وتلوّعاته واعتلاجاته؟ هل يحتضن الوعيُ في أطوائه شبكةً منطقيّةً من الاستعدادات الانفعاليّة التي تحتمل الانتظامَ في علاقات بنيويّة منطقيّة مطّردة متّسقة؟ ومن ثمّ، يسأل المرء: هل يستطيع الذكاء الاصطناعيّ أن يحلّل نفسيّة الإنسان؟ أن يتفحّص نيّات الوجدان؟ أن يتعقّب تردّدات العاطفة؟ أن يترصّد توتّرات الإحساس؟ أن يراقب تموّجات المزاج؟ أن يقبض على جميع إمكانات التعبير الحرّ عن الجوّانيّة الفائرة؟ في هذا السياق، لا بدّ من الرجوع إلى الأدبيّات التي ازدهرت في نهايات القرن العشرين، وقد انعقدت على النظر في طاقات الذكاء الإحساسيّ العاطفيّ الجوّانيّ (intelligence émotionnelle) الذي يستشعر بالمسائل مستندًا في المقام الأوّل إلى مدارك البصيرة الجوّانيّة، وقد انفردت بالنظر في الأبعاد المنحجبة المنعتقة من قيود المعادلات الرياضيّة والتناولات الحسابيّة والمعالجات المنطقيّة المحض.

أعود هنا إلى إنساننا اللبنانيّ والعربيّ لأبيّن أنّ الذكاء الاصطناعيّ لا يستطيع أن يحلّل تعقّدات الشخصيّة الساميّة الشرقيّة العربيّة التي لا تطيق احتمال العقلانيّة الغربيّة. ذلك بأنّ الذكاء الاصطناعيّ ابنُ الحضارة والعقلانيّة الغربيّتَين، ابتُكر بالاستناد إلى أصولهما المعرفيّة الإبّيستِمولوجيّة وبحسب معاييرهما البحثيّة، في حين أنّ ذهنيّة الشرق العربيّ لا تخضع لهذه المعايير. لنعترف أوّلًا بأنّ الإنسان العربيّ لم يخترع الذكاء الاصطناعيّ، بل اخترعه الإنسان الغربيّ. إذا كان هذا الذكاء قادرًا على تلمّس بعض الفهم في نفسيّة الإنسان الغربيّ الذي أوجده، وهذا أمرٌ فيه نظر، فإنّه عاجزٌ عن إدراك طبيعة الإنسان العربيّ الذي لم ينبثق الذكاء الاصطناعيّ من بيئته الذاتيّة وثقافته الخاصّة. أسوق مثالًا واحدًا على عجز هذا الذكاء عن فهم تقلّبات وعي الإنسان العربيّ، فأستلّه من حقائق الاجتماع السياسيّ وأسأل: هل يستطيع الذكاء الاصطناعيّ أن يشخّص المرض اللبنانيّ والعربيّ الدِّينيّ الإيديولوجيّ المذهبيّ الطائفيّ العشيريّ القبيليّ، وهذه كلّها نعوت الآفات التي تصيب هذه المجتمعات وتعطّل فيها انبثاق النظام الدِّموقراطيّ؟ أعتقد أنّ جميع المحاولات التي سعت إلى تفسير تهافت الدِّموقراطيا في العالم العربيّ باءت بالإخفاق وعجزت عن تحليل الأسباب القصيّة. أمّا تفسير ازدهار الدِّموقراطيا في العالم الغربيّ، لاسيّما داخل الأسوار (intra muros)، أو حتّى تعليل تقهقرها في بعض المواضع، فالذكاء الاصطناعيّ يستطيع أن يحلّل عواملَه الاقتصاديّة والاجتماعيّة والبنيويّة.

إذا تناولنا بعض الجوانب التفصيليّة، أدركنا أنّ الإنسان العربيّ، إذا ظلمه زعيمُه وقهره وأهانه، لن يحرّك ساكنًا ما دام مقتنعًا بأنّه يعاين فيه رمزًا من رموز هويّته الضائعة، وآيةً سماويّةً على الاقتدار الساحر الذي يَضمن للجماعة أن يُصان مقامُها في وجه الأعداء والقبائل الأُخَر. وعليه، يتحوّل الظلم إلى قدر مكتوب عذب تستطيبه وتسوّغه توهّماتُ العزّة القوميّة. إذا أخذنا الثورات العربيّة المعاصرة، وجدنا أنّها تبايع الإيديولوجيات القوميّة والدِّينيّة، عوضًا عن أن تناصر كرامة الإنسان. لستُ أفهم كيف يستطيع شعبٌ كالشعب اللبنانيّ، على سبيل المثال، أن يثور ثورته الأخيرة، ومن ثوّاره مَن يرتضي بأن يهتف لزعمائه الذين ذبحوه ونهبوه وعاثوا فسادًا في وطنه ومجتمعه وبيئته؟ أخشى أن يكون شعار هؤلاء الناس: جرّدني من كرامتي وانحر حرّيّتي واقتل أولادي ومستقبلي حتّى أزداد هيامًا بك!

كذلك الأمر في متاهات السياسة العربيّة! هل عثرتَ على زعيم عربيّ أو نظام عربيّ يعلن جهارًا إخفاقَه وينتقد عيوبَه ويحلّل أسبابَ عجزه؟ أغلب الأنظمة العربيّة تُعلن أمرًا، وتخفي أمورًا! أمّا السلاطين والولاة فديدنهم أن يصونوا عروشهم من السقوط، وفي اقتناعهم أنّ الغاية تسوّغ جميع الوسائل. مصيبة الاجتماع السياسيّ العربيّ أنّه تناسى أنّ الفعل السياسيّ عملٌ دقيقٌ يجمع الحكمة والفطنة والفهم والتبصّر والصبر والدهاء البنّاء والملاينة التفاوضيّة للحصول على أفضل الحلول الواقعيّة الممكنة. العقل السياسيّ العربيّ جذريٌّ في مطالبه: إمّا الظفر المبين وسحق الأعداء، وإمّا الفناء والهزيمة النكراء! وما مأساة الشعب الفلسطينيّ سوى البرهان على قلّة الإدراك في هذا العقل.

خلاصة القول أنّ الإنسان العربيّ يناقض نفسَه بنفسه، إذ يشكو الظلم، ولكنّه يستعبد نفسه لأشدّ الظالمين، وينشد السعادة ولكنّه يكفر بأسبابها. فكيف يمكن الذكاء الاصطناعيّ أن يشرح لنا ملابسات العقل السياسيّ هذا؟ ما الخوارزميّات أو المعادلات أو المستندات النظريّة والأدلّة العقليّة التي يمكن أن نزوّدها الذكاءَ الاصطناعيّ حتّى يحلّل لنا مثل الشخصيّة المحيّرة المرتبكة الملتبسة المتناقضة هذه؟ أعتقد أنّ هذا الذكاء يعجز عن ضبط تناقضات الإنسان العربيّ وتنظيمها وعقلنتها حاسوبيًّا.

أعود إلى العلوم الإنسانيّة الرخوة لأذكّر بأنّ رخاوتها علّةُ ضعفها، ولكنّها أيضًا سببُ فرادتها. ما دام الذكاء الاصطناعيّ عاجزًا عن فهم أسرار الباطن الإنسانيّ، فإنّ ميدانًا رحبًا من الاختصاص سيظلّ مشرَّعًا أمام أهل الفهم والبصيرة والذكاء الإحساسيّ العاطفيّ المتألّق. لذلك أظنّ أنّ الحاجة الحضاريّة ما برحت ماسّةً إلى علماء النفس والاجتماع والسياسة والتربية، ولاسيّما إلى الفلاسفة الحكماء القادرين على فهم تطوّر الأحوال وتبدّل الأزمنة وتغيّر الأوضاع وتنامي قدرات الذكاء الاصطناعيّ. وحدهم أهل العلوم الإنسانيّة، وقد ازدانوا بثقافةٍ موسوعيّة تحليليّة تركيبيّة جامعة شاملة فطنة، يستطيعون أن يتحوّلوا إلى خبراء الاجتماع الإنسانيّ المتأزّم في منتصف القرن الحادي والعشرين. ذلك بأنّ البشريّة ستحتاج إلى حكمتهم حتّى تبتكر حلولَ الانعتاق من أزمات النظام العالميّ المضطرب، وتنهج سبيل الخلاص الاقتصاديّ والبيئيّ والنفسيّ. اليقين الراسخ أنّ مصير الإنسان المعاصر مرهونٌ بمآلات الانتظام الاقتصاديّ العادل، ومصائر البيئة الأرضيّة المتعافية، وأقدار النفس البشريّة المتحرّرة من أوهام التملّك والهيمنة والاستعلاء.
فهل يستطيع أساتذة العلوم الإنسانيّة في الجامعات العربيّة أن يضطلعوا بمثل المسؤوليّة الجسيمة هذه؟ أشكّ في ذلك، ما دمنا لم ندرك أنّ التربية العلميّة والفكريّة المقبِلة علينا في السنوات القادمة ستقتصر على امتحان قدرة الطالب على الإتيان بإسهامات القيمة المضافة التي تتفوّق تفوّقًا حاسمًا على طاقات الذكاء الاصطناعيّ، بحيث يَعمد إلى استدخالها في نماذجه المنمَّطة واستثمارها في إنجاز مهمّات الوعي الإنسانيّ الحضاريّة المستقبليّة. حاجتنا اليوم إلى علماء الفكر النابغين الذين يستطيعون أن يواكبوا تطوّر الوعي البشريّ، ويتدبّروا تحوّلات التكنولوجيا وأثرها في تغيير بنية الوجود الإنسانيّ برمّته.

مشير باسيل عون-النهار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا