الحاكم ليس "حاكماً بأمره"
غريبٌ أمر بعض اللبنانيين، يتلهّون، أو يُلهونهم بالقشور، ويتركون الجوهر. أسطع دليل على ذلك كيفية التعاطي مع تعيين مجلس الوزراء كريم سعيْد حاكماً لمصرف لبنان.
ما الذي استوقف هذا "البعض" من اللبنانيين، للوهلة الأولى، في هذا التعيين؟ القشور بالتأكيد:
ما هي الأصوات التي نالها؟ مَن هم الوزراء الذين لم يصوِّتوا له؟ على مَن هُم محسوبون؟ ما هي المدة التي شارك فيها في جلسة مجلس الوزراء؟ مَن طرح عليه الأسئلة؟ وما هي نوعية هذه الأسئلة؟
هذه عيِّنة من "القشور" التي تتناثر في الهواء، وتختفي عند تلاوة قرار التعيين، ليأتي من بعدها "الجَدّ"، وعلى هذا "الجد" سيُبنى الكثير من التطورات.
لم يكن تعيين حاكم مصرف لبنان، في السابق، ليستأثر بكل هذا الاهتمام، والسبب في ذلك يعود إلى أن الحكام السابقين لم يكونوا في تماسٍ مع الناس، كما هي الحال اليوم، وهذا ما كان يحصل في عهود بعض الحكَّام ، من ميشال الخوري إلى إدمون نعيم إلى الياس سركيس إلى رياض سلامة وغيرهم، عند تعيين هؤلاء، لم يكن السؤال الأول: ما هو مصير أموال المودعين؟
لأنه لم تكن هناك أزمة ودائع، كما هي الحال اليوم، اليوم هذا هو السؤال الأول، وهو ما يعني الناس.
ولكن من أجل ان تكون الأمور واضحة من اليوم الأول فإن الحاكم ليس "الحاكم بأمره" والقرار الذي يتخذه لا يتخذه منفرداً، فهناك المجلس المركزي لمصرف لبنان، وهناك القوانين المرعية الإجراء، وفي مقدمها قانون النقد والتسليف، وهناك السياسة المالية للحكومة، وهناك مجلس النواب الذي يراقب أعمال الحكومة، وهناك أولاً وأخيراً التفاوض مع الهيئات المالية الدولية ولا سيما منها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
هذه هي الأمور التي يجب النظر إليها، لا إلى القشور التي أصبحت وراءنا والتي لم يعد أحدٌ يفكِّر فيها.
بالمناسبة، مَن يتذكَّر كم نال الحكام السابقون من أصوات حين تمَّ تعيينهم؟ نتحدث عن إدمون نعيم وميشال الخوري ورياض سلامة والياس سركيس، يذكر اللبنانيون منهم وعنهم ماذا فعلوا وليس ما هو عدد الأصوات الوزارية التي نالوها.
التحديات كبيرة أمام الحاكم، وهذا ما يجب النظر إليه ومواكبته، ففي نهاية المطاف، هناك مودعون يريدون ودائعهم، وهناك ودائع يجب أن تعود إلى أصحابها، وعدا ذلك تفاصيل.
واليوم ينتظر اللبنانيون من الحاكم الجديد ماذا سيفعل؟
حمِّلوا الحاكم، لكن مسؤوليتكم أن تتحمَّلوا معه.
جان الفغالي
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|