محليات

رحلة البحث عن الرفات بدأت...622 معتقلا في السجون السورية شهداء كيف قتلوا؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

13 نيسان 2025. لعلّ مقولة "تنذكر وما تنعاد" لم تعد وافية . فالحرب الأهلية التي اندلعت من شبابيك بوسطة عين الرمانة صارت مجرد ذكرى في متحف على أساس أن الحروب التي اندلعت لاحقا وتحت شعار "خلصت الحرب" تفوقت على تلك الحرب الملعونة التي خطفت حوالى 15 ألف قتيلا بين الأعوام 1975 و1990 مع توقيع اتفاق الطائف .

خلصت الحرب؟ لعله كذلك إلا تلك التي تحمل جرحاً نازفاً إلى ما لا نهاية كل الحروب. ملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية! وكان يمكن أن تنتهي لو لم تغسل الدولة اللبنانية آنذاك يديها من دم الصديق وتعترف بوجود 622 معتقلا في السجون السورية، إلى أن جاء الجواب مع سقوط آخر تمثال للأسد في 8 كانون الأول 2024 وفتح أبواب معتقلات نظام الطاغية.

من خرج منها وُلد من جديد لكن عدد المعتقلين اللبنانيين العائدين إلى الحياة لم يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة. وبقي السؤال الحسرة في قلوب من تبقى من أمهات المعتقلين في السجون السورية "بدنا ولادنا". وعلى مدى أيام وأسابيع استمر رئيس جمعية المعتقلين في السجون السورية علي أبو دهن يناشد ويؤكد بأنه لا يزال هناك معتقلون في السجون السورية لكن ظلت الآذان صماء.

ويعود أبو دهن إلى العام 2018 ويقول" يومها شكّل مجلس الوزراء "الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً" بموجب القانون رقم 105 على 2018. وتشكلت من: القاضيين في منصب الشرف خالد زود وجوزف معماري، والمحاميين وليد أبو دية ودوللي فرح والأستاذ الجامعي زياد عاطف عاشور والطبيب الشرعي عبد الرحمن عبد الحميد أنوس، والناشطين في حقوق الإنسان غسان مخيبر وكارمن أبو جودة واثنين من ذوي المفقودين هما وداد حلواني وجويس نصار وتم تغييب المعنيين فعلاً في ملف المعتقلين في السجون السورية. إلا أن الدولة لم تتعاط يوماً مع هذا الملف بإخلاص وجدية وقد قامت بهذه الخطوة في تلك اللحظة الزمنية للهروب إلى الأمام وإظهار أنها لا تهمل ملف المفقودين ولا المعتقلين بالتحديد أمام المجتمع الدولي.

اللافت بحسب متابعين أنه بعد سقوط نظام بشار الأسد، استمر الإعتراف بهذه الهيئة بلسان وزير العدل السابق هنري خوري الذي أقرّ بحصول اجتماعات لهيئة الطوارئ ، "وهي تقوم بدورها وان شاء الله  تكون النهاية ايجابية لصالح أهالي المفقودين وبظهور المفقودين الذين لا يزالون في سوريا، مضيفاً أن كل السجون في سوريا قد حررت من جميع المساجين، والجميع ينتظر إذا ما كان هناك سجون سرية لا زال سجنائها غير محررين.. ونأمل جميعا ايجاد لبنانيين مفقودين كانوا اعتقلوا او تم ايقافهم من قبل السلطات السورية في حينه ، ونأمل ان تعطي الأمور نتائج ايجابية".

زمن أول تحول واليوم يسعى وزير الخارجية يوسف رجي الذي يرافق رئيس الحكومة نواف سلام في الزيارة المقررة إلى سوريا الأسبوع المقبل فتح ملف المفقودين والمعتقلين في السجون السورية مع الرئيس السوري أحمد الشرع لمعرفة مصيرهم وكيف قتلوا وأين دفنوا بهدف إغلاق الملف. فهل حان الوقت لزف أمهات وزوجات وأولاد المعتقلين في السجون السورية خبر إعلان وفاة أحبائهم الذين ما زال البعض ينتظر عودتهم إلى البيت الذي خرجوا منه ذات يوم ملعون ولم يعودوا؟

مديربرنامج الدعم القانوني في مركز سيدار للدراسات القانونية محمد صبلوح  الذي زار سوريا عقب سقوط النظام السوري وخلع بشار الأسد يروي لـ"المركزية" أنه  قام بهذه الخطوة  "بعد اعتراف أحد المعتقلين السوريين الذين خرجوا من سجن صيدنايا بوجود لبناني من آل كنجو كان معه في نفس الزنزانة وقد توفي إثر إصابته بمرض السل ووضعه في غرفة السل العازلة.

فور وصوله إلى سوريا بدأ البحث عن آلية لتقصي الحقائق "لأن الموضوع شائك والملفات التي تتضمن أسماء كل المعتقلين في سجني صيدنايا وفلسطين احترقت. آنذاك تولت وزارة العدل السورية عملية جمع داتا المعتقلين على أن تكون جاهزة بعد 3 أشهر ".

مصير الداتا بقي مجهولا "لكن الأكيد أن رحلة البحث عن المعتقلين في السجون السورية يجب أن تبدأ من وزارة العدل، يقول صبلوح ويستغرب عدم إشراك أعضاء من الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسرا علما أن أربعة من أعضائها استقالوا بسبب خلافات داخلية. لكن على الأقل كان يمكن إشراكهم أو الحصول على ما يتوافر لديهم من معلومات تم جمعها".

في سوريا فُتحت السجون وخرج منها معتقلون شبه أحياء. لكنهم على الأقل عادوا إلى بيوتهم واحتضنتهم أمهاتهم. ومع الإنتهاء من عملية إخلاء كل السجون أصدرت الإدارة الجديدة في سوريا قرارا قضى بإعلان كل من لم يتم العثور عليه حياً في المعتقلات والسجون شهيداً.

نفهم من ذلك أنه بات على أهالي المعتقلين في السجون السورية التسليم بوفاة فلذات أكبادهم؟ وإذا سلمنا بمرارة هذا الواقع أين رفاتهم؟

بغصة يجيب صبلوح" علينا الإعتراف بأنه لم يعد هناك معتقلون أحياء في السجون السورية . الحقيقة مرة لكن يجب التقصي عن أماكن رفاتهم .فهناك مقابر جماعية سيتم الكشف عنها وإذا كنا نملك داتا بالأسماء يمكننا التعرف إليهم من خلال فحوصات الحمض النووي DNA ومعرفة أين كانوا معتقلين وأسماء الضباط المسؤولين آنذاك عن السجن . وهكذا يمكن الإدعاء عليهم وملاحقتهم ومحاسبتهم أينما وجدوا. الرحلة طويلة وتحتاج إلى المثابرة بعيدا من "الهوبرة"  .

وفي ما خص زيارة سلام إلى سوريا، يشدد صبلوح على ضرورة تشكيل لجنة من مسؤولين لبنانيين وسوريين لوضع خطة للتقصي عن مكان رفات المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية وكشف الحقيقة.آنذاك يمكن أن نقول للأهالي "أقفل الملف وصار بالإمكان إثبات وفاة أولادكم وفق الإجراءات القانونية المعمول بها أمام المحاكم الروحية والشرعية في لبنان".

حتى نهاية شهر كانون الثاني 2024 كان الأمل لدى أهالي المفقودين والمعتقلين في السجون السورية لا يزال ينبض. بعده بات الأمر مستحيلا بوجود أحياء من هنا فإن رحلة البحث اليوم هي عن رفات وليس عن أحياء يختم صبلوح.

المركزية – جوانا فرحات

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا