برفقة زوجها الدكتور فادي الهاشم.. هكذا احتفلت نانسي عجرم بأحد الشعانين (صور)
نصف قرن على الحرب اللّبنانيّة… “دائمة بإذن الله”؟
نصف قرن مضى على اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية. خمسون سنةً بالتمام والكمال كانت كلّ سنة فيها تنذر بعودة المعارك، حتّى ليمكننا القول إنّ الخمسين سنةً هذه كانت 15 سنةً منها عبارةً عن معارك تتخلّلها فترات استراحة، وتشكّل فترة الحرب الأهلية، بينما يمكن إطلاق عبارة اللاحرب على السنوات الـ35 الأخرى أو الأخيرة، أو اللامعارك، لا عبارة السلم الأهليّ، والفرق شاسع بين اللاحرب والسلام.
اليوم، بعد خمسين سنةً على اندلاع الحرب الأهلية في 13 نيسان 1975، إثر حادثة بوسطة عين الرمّانة، لا تزال الخلافات والاختلافات والتباينات والانقسامات بين اللبنانيين على حالها، حتّى كأنّ الشعب اللبناني برمّته لا يزال في البوسطة عينها.
الخلاف على القضيّة الفلسطينية وكيفيّة التعامل معها لا يزال كما هو: فريق يرى ضرورة إسناد الفلسطينيين ودعمهم، وآخر يقول دفعنا ما فيه الكفاية وأكثر.
يرى فريق ضرورة الإبقاء على السلاح “الموجّه ضدّ إسرائيل”، وآخر يطالب بنزعه وحصره في يد مؤسّسات الدولة العسكرية.
يرى فريق أنّ لبنان في قلب الصراع العربي الإسرائيلي ويسعى إلى جعل لبنان ساحةً لمختلف القضايا العربية، وآخر ينادي بالحياد والنأي عن النفس.
يتجه فريق شرقاً وآخر غرباً.
تتتالى أزمات اقتصادية واجتماعية وتضيّق الخناق على اللبنانيين، وأبرزها شبه الانهيار المالي عام 2019، وتقابلها أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة ومتتالية أيضاً.
خلاف على سوريا اليوم وقبل خمسين سنة.
خلاف على إسرائيل اليوم وقبل نصف قرن.
أمّا الأحوال فهي سيّئة في الحالين، وأبرز سماتها:
1- ضعف الدولة وتلاشي نفوذها وسيطرتها.
2- انتشار السلاح بين اللبنانيين كالنّار في الهشيم.
3- الانتماء الكامل إلى الطائفة لا الوطن.
4- الخطر الإسرائيلي الدائم.
5- تحالفات الطوائف وعلاقاتها الإقليمية والدولية وامتداداتها المتشعّبة.
6- مخاوف الطوائف وهواجسها الوجوديّة لا تزال على حالها.
7- مشاريع التقسيم بأسمائها المختلفة (اللامركزية، الفدرالية، الخصوصيّات… إلخ).
8- المتطرّفون يتكاثرون هنا وهناك.
اتّفاقات قاهرة
إلى ذلك، يبدو وكأنّنا لا نزال نعيش في ظلّ اتّفاق القاهرة، لكن مع بعض التعديلات. فبينما شرعن اتّفاق القاهرة سابقاً السلاح الفلسطيني والعمل الفدائي، يبدو اليوم وكأنّ اتّفاقاً قاهراً جديداً قد وُقّع، لكن لشرعنة الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية. كان الفلسطينيون ومن ناصرهم من اللبنانيين ينفّذون العمليات الفدائية ضدّ إسرائيل بلا حسيب أو رقيب، واليوم ها هي إسرائيل تصفّي خصومها، فرداً فرداً، وتنفّذ عمليّات للقضاء على “الحزب” ومناصريه وحلفائه، وأيضاً بلا حسيب أو رقيب.
فما الذي اختلف بين الأمس واليوم؟ أو لماذا لا تندلع الحرب مجدّداً في ظلّ ما سبق؟
كلّ إجابة عن هذين السؤالين تعيدنا إلى مقولة الصحافي والسياسي الراحل غسّان تويني: حروب الآخرين على أرضنا. فإن نَحَت الإجابة نحو الحديث عن تقلّص الخلافات والاختلافات العربية، تأكّدت المقولة أكثر. وإن يمّمت الإجابة شطر الأوضاع الدولية عبر نفي وجود قرار دولي بإشعال الحرب في لبنان، أضفت على المقولة تأكيداً فوق التأكيدات السابقة.
عليه، نبدو نحن اللبنانيين على أهبة الاستعداد لكلّ شيء: إن نُصبت بيننا طاولة عليها مازات لبنانيّة وعرق بلديّ متلّت باعتباره رمز الصناعة الوطنية، فهي اللاحرب، وإن نُصبت المتاريس فالسلاح حاضر.
وفي الحالين، اللغة السياسية اللبنانية حاضرة وجاهزة بمفرداتها كلّها، من التقسيم والتدويل والحسم والعزل والمجابهة والمواجهة والرفض ومفردات العدّ والأعداد، إلى الوحدة الوطنية واللحمة الوطنية والميثاقية والعيش المشترك ولبنان الرسالة والحضارة والسياحة… إلخ.
ومن “ما بتشبهونا” إلى “ما منشبهكم”.
بعد نصف قرن على اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، نبدو نحن اللبنانيين حاضرين وجاهزين لكلّ الاحتمالات، من احتمال رفع الأيدي عنّا فنقتل بعضنا أو نخنق بعضنا بالتبويس كما كان يردّد الزعيم الوطني الراحل صائب سلام، إلى احتمال إطلاق صافرة البداية فنقتل بعضنا بالسلاح وبالأيدي وحتّى بالأرجل.
منذ قال جبران خليل جبران مقولته الشهيرة “لكم لبنانكم ولي لبناني”، حتّى تلقّفها اللبنانيون، أفراداً وأحزاباً وطوائف. فاتَهم أنّ جبران أطلق عبارته هذه صرخةً في وجه التشوّهات التي لم يجرّها على البلاد إلّا اللبنانيون أفراداً وأحزاباً وطوائف.
لا ثقة… لا دولة
عليه، ما السبيل إلى الخروج من دوّامة الحرب واللاحرب؟ ما الجسر الذي ينقلنا نحن اللبنانيين من شرنقاتنا الطائفية والمذهبية إلى رحاب الدولة؟
المواطنة. وحدها المواطنة تنجّي لبنان واللبنانيين وتخلّصهم من دوّامة العنف. وأوّل لبنة في بناء المواطنة هي الثقة. ثقة اللبنانيين بعضهم ببعض، وثقة الطوائف بعضها ببعض، وثقة الجميع بالدولة. نحن اللبنانيين تنقصنا ثقة بعضنا بالبعض الآخر، بقدر ما تفيض عنّا ثقتنا بأنفسنا، أفراداً وأحزاباً وطوائف أيضاً.
في كلّ مرّة تنتهي الخلافات بيننا على زغل. لا غالب ولا مغلوب منذ عام 1958 إلى يومنا هذا حتّى صرنا كلّنا مغلوبين ويكاد لبنان يتلاشى عن الخريطة.
اليوم وقد عادت الطوائف الأساسية الكبرى من مغامراتها، طائفةً تلو طائفة، واليوم وقد اكتمل نصاب الشهداء، وتتتالت الغلبات، وتداولت الجماعات اللبنانية الأيّام بينها، ما عاد لفرد منّا ولا لجماعة عذر في الابتعاد عن الدستور والقوانين، وعدم الانتظام في عجلة الدولة. جرّبنا كلّنا، وغامرنا جميعنا، حتّى صارت لكلّ جماعة منّا تاريخها بل تواريخها، لكنّ المصير مشترك للجميع، ونتيجة واحدة: لا دولة، لا قانون… وربّما لا وطن.
أيمن جزيني-الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|