عربي ودولي

لماذا يتلاعب ترامب بالرسوم الجمركية؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في الفترة الأخيرة، شهدت الأسواق المالية العالمية تقلباً حاداً إثر قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتعلقة بالتعريفات الجمركية، والتي شهدت تقلبات لافتة كان لها أثر مباشر على الأسواق المالية. ففي خطوة أربكت المستثمرين، أعلن ترامب تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً، ما دفع الأسواق للارتفاع سريعاً. إلا أن هذا الارتياح لم يدم طويلاً، إذ أعاد فرض الرسوم بعد ساعات فقط، ما زاد من حالة عدم اليقين في أوساط المتعاملين.

هذا التذبذب في القرارات، والذي نتج عنه   تقلبات حادة وسريعة باللونين الأحمر والأخضر على شاشات التداول،  لا يمكن فصله عن المؤشرات الأعمق التي تهزّ السوق الأميركية، وعلى رأسها ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل إلى مستويات تقترب من 5%، وهو أمر غير مسبوق خلال العقود الثلاثة الماضية. هذه القفزة شكلت جرس إنذار، إذ أن نسبة كبيرة من المدخرات الأميركية، سواء للأفراد أو المؤسسات، تستند إلى السندات الحكومية باعتبارها ملاذاً آمناً ومضموناً.

السندات: مقياس صحة الاقتصاد

من المعروف أن قطاع السندات هو الأكثر تعبيراً عن اتجاهات الاقتصاد، نظراً لأنه يمثل ميدان استثمار المؤسسات الكبرى والصناديق السيادية. وعندما ترتفع عوائد السندات بهذا الشكل المفاجئ، فإن ذلك يعني ارتفاع كلفة خدمة الدين العام، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على ميزانية الدولة، ويهدد الاستقرار المالي.

الأخطر من ذلك، أن هذا الارتفاع يؤدي إلى زعزعة ثقة المستثمرين ويزيد من مخاوف التخلف عن السداد، ما يذكّرنا بسيناريو الأزمة المالية العالمية في عام 2008. وبالفعل، بدأنا نرصد بوادر اضطراب في الأسواق، ما ينذر بتفاقم الوضع إذا لم يتم اتخاذ إجراءات تصحيحية.

الولايات المتحدة تفقد بريق "الملاذ الآمن"

خلال العقود الماضية، لطالما كانت الولايات المتحدة تُعتبر ملاذاً آمناً لرؤوس الأموال، بفضل استقرارها السياسي والاقتصادي، وثقة العالم في أدواتها المالية. لكن اليوم، ومع تراجع أداء السندات الحكومية وارتفاع العوائد إلى مستويات مقلقة، بدأت هذه الصورة تهتز، وبدأت أميركا تفقد تدريجياً هذا الامتياز.

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، إذ إن ما نشهده من تذبذب في القرارات الاقتصادية، خاصة تلك المتعلقة بالسياسة الجمركية، يضيف حالة من الغموض تجعل المستثمرين أكثر تحفظاً، وتدفع رؤوس الأموال إلى البحث عن أسواق بديلة أكثر استقراراً.

الرسوم الجمركية: أداة تفاوض أم استراتيجية اقتصادية؟

من الواضح أن الرئيس ترامب لم يستخدم الرسوم الجمركية كخيار اقتصادي طويل الأمد، بل كأداة تفاوضية للضغط على الشركاء التجاريين بهدف تحسين شروط الاتفاقات. إلا أن هذا النهج قصير النظر قد يحمل تكلفة باهظة على الاقتصاد الأميركي، ويقود إلى عزلة تجارية وتراجع في مكانة الولايات المتحدة في النظام العالمي.

في الواقع، هذه السياسات تقود إلى عكس ما وعدت به من انتعاش اقتصادي، حيث خلقت حالة من التقوقع والانكماش، وأدت إلى ضعف في أداء السندات وتراجع في قيمة الدولار. وهذا يتطلب مراجعة جذرية للنهج المتبع، واستعادة التوازن بين التفاوض التجاري وحماية استقرار الأسواق المالية.

الحاجة إلى إعادة ضبط البوصلة الاقتصادية

اليوم، تقف الولايات المتحدة أمام منعطف حاسم. فبينما تتزايد المخاوف من تكرار أزمات مالية سابقة، لا بد من إعادة النظر في السياسات الاقتصادية المعتمدة، خاصة تلك التي تُتخذ بدوافع سياسية قصيرة الأجل. إن الحفاظ على الثقة في الأسواق، واستقرار السندات، وضمان جاذبية الدولار، يتطلب قيادة اقتصادية رشيدة، توازن بين متطلبات التنافسية العالمية والحفاظ على دعائم الاقتصاد المحلي.

جو يرق-النهار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا