محليات

مشروع خطير يُحاك لمسيحيي بيروت

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ليبانون ديبايت" - المحرر السياسي

 

في خطوة تُعدّ تهوّراً سياسياً غير مسبوق، تتّجه القوى السياسية، وبدعم من بعض الأحزاب المسيحية – لا سيّما القوات اللبنانية – نحو تشريع قانون انتخابي بلدي خاص بمدينة بيروت، يُكرّس نظام اللائحة المقفلة مقابل سلب صلاحيات محافظ بيروت، وهو الموقع الإداري المسيحي الأرفع في العاصمة.

 

ما يجري، وفق توصيف خبراء، ليس إصلاحاً، بل إعادة هندسة للتمثيل البلدي وفق مقاييس الأكثريات الطائفية، حيث يُطرح قانون انتخابي يفتح الباب أمام هيمنة كتلة واحدة على كامل المجلس البلدي، من دون أي ضمانة للمناصفة بين المسلمين والمسيحيين.

 

فالطرح القائم يمنح الفوز للائحة بمجرد تفوّقها بصوت واحد، مانعًا أي خرق انتخابي أو تمثيل للائحة الخاسرة، ما يجعل المسيحيين والدروز في بيروت تحت رحمة تحالفات عددية قد لا تراعي التوازن ولا التعدّدية، بل تصبّ في مصلحة إقصاء المكوّنات الأقل عدداً.

 

والأخطر، أن هذا المشروع يترافق مع مسعى موازٍ لتقليص صلاحيات محافظ بيروت، بحيث تُصبح قرارات المجلس البلدي نافذة تلقائياً إذا لم يُبتّ بها ضمن مهلة محدّدة، ما يُفرغ موقع المحافظ – وهو مسيحي بحكم التوزيع الطائفي – من دوره الرقابي والإداري، ويُحيله إلى مجرد متفرّج لا سلطة له.

 

وسط هذا المشهد، تصمت الأحزاب المسيحية أو تشارك عن جهل أو تواطؤ، وتُسوّق لهذا المشروع الخطير تحت شعار “المناصفة”، بينما في الواقع، ما يُحضّر هو نظام انتخابي يُقصي المسيحيين عن طاولة القرار في عاصمتهم، ويُحوّلهم إلى متسوّلين انتخابياً تُمنّ عليهم القوى الأكبر عدداً.

 

فأين هي الضمانة، مثلاً، لمنع أي تحالف في الدورات المقبلة من تقديم لائحة بالكامل من المسلمين؟ وأين هي المناصفة إن لم تكن مكرّسة في النصوص؟ وهل يرضى المسيحيون بأن يُصبحوا مجرّد “أهل ذمّة انتخابية” في بيروت؟

 

وفي ظلّ ما يُحاك، يُطرح سؤال بديهي: لماذا لم يُقترح، إذا كانت النية إصلاحية، تقسيم بيروت إلى 12 دائرة بلدية، بحيث تنتخب كل دائرة ممثليها بشكل عادل؟ أليس ذلك أكثر إنصافاً من فرض لوائح مقفلة تُقصي التنوّع وتُلغي مبدأ التمثيل الحقيقي؟

 

وتُشير الأصابع بوضوح إلى رئيسَي الحكومة السابقَين، تمام سلام وفؤاد السنيورة، كعرّابي هذه “الخلطة”، التي تُغلّف بالمناصفة شكلاً، بينما جوهرها تفريغ المواقع المسيحية من مضمونها وسحب صلاحياتها.

 

وفي وقت يُعقد فيه اجتماع لهيئة مكتب مجلس النواب اليوم عند الساعة 11 قبل الظهر، تحضيراً لجلسة عامة يومي الخميس والجمعة المقبلين، فإن الخطر داهم، والتعديلات قد تُمرّر تحت غطاء “الضرورة” أو “التوافق”.

 

من هنا، الدعوة موجّهة إلى فخامة رئيس الجمهورية، جوزاف عون، الذي يبدأ عهده وسط تطلّعات اللبنانيين، بأن يتحرّك فوراً لوضع حدّ لهذا الانحدار الخطير في حقوق المسيحيين، وأن يُسجّل أول موقف رئاسي حاسم في الدفاع عن التوازن الوطني والدستوري، من خلال رفض أي مشروع انتخابي لا يضمن المناصفة ولا يحترم التعدّدية.

 

أما الأحزاب المسيحية، فإن سيرها في هذا الطرح، لا سيّما القوات اللبنانية، سيسجَّل في الذاكرة كوصمة تفريط غير مسبوق، ومساهمة مباشرة في تهميش مكوّن أساسي من العاصمة، تحت عناوين براقة تُخفي حقيقة مرّة: سلب الحقوق تحت راية “الإصلاح”.

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا