محليات

الأمن الغذائي في لبنان مهدّد... وزيرة الشؤون: نعمل على توسيع دائرة المستفيدين من برامج الدعم

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يواجه لبنان اليوم تحديات غير مسبوقة تهدد استقراره الأمني والغذائي في آنٍ واحد. فبعد الانهيار الاقتصادي الذي بدأت ملامحه في 2019، أصبح لبنان على شفير أزمة إنسانية مع تدهور القدرة الشرائية لمعظم الأسر اللبنانية.

في الأرقام، أفاد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في لبنان بين عامي 2024 و2025، بأنَّ 17 في المئة من الأسر اللبنانية غير قادرة على تأمين نظام غذائي كافٍ، في حين أن هناك 39 في المئة من اللاجئين السوريين يواجهون الأمر نفسه، وكذلك 36 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين.

في المقابل، أوضحت بيانات برنامج الأغذية العالمي أنَّ عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في لبنان بلغ 1.65 مليون شخص (حوالى 30% من السكان)، منهم 201000 شخص في المرحلة الرابعة، أي حالة الطوارئ.

"لا تستطيع تحمّل الأعباء بمفردها"
وفي حديث خاص إلى "النهار"، تؤكد وزيرة الشؤون الاجتماعية اللبنانية حنين السيّد أن "لا شك أن وزارة الشؤون الاجتماعية تلعب دوراً محورياً في مواجهة هذا التحدي، لكنها لا تستطيع تحمّل الأعباء بمفردها. مع ذلك، تعمل الوزارة على توسيع دائرة المستفيدين من برامج الدعم الغذائي والنقدي، لا سيّما في المناطق الريفية والأكثر هشاشة، وتُعطي الأولوية للأسر التي تعاني من فقر مدقع أو تفتقر إلى مصادر دخل ثابت".

وقالت: "في هذا السياق، يُعتبر برنامج "أمان" أحد الركائز الأساسية في شبكة الحماية الاجتماعية التي تعتمد عليها الدولة. البرنامج يُقدّم تحويلات نقدية شهرية لحوالي 800 ألف شخص من العائلات الأكثر فقراً، بقيمة حوالي 125 دولاراً شهرياً للعائلة. ويهدف إلى تأمين الحاجات الأساسية الغذائية والصحية والتعليمية للمستفيدين، مع إعطاء الأولوية للعائلات التي تضم أطفالاً، أشخاصاً من ذوي الإعاقة أو مسنّين".

وأشارت السيّد إلى أن "الوزارة تُركّز على دمج الأمن الغذائي ضمن برامج الحماية الاجتماعية، وتوسيع نطاق الدعم عبر التعاون مع شركاء دوليين، مثل برنامج الأغذية العالمي، من أجل تعزيز قدرة النظام الوطني على الاستجابة بشكل أسرع وأكثر شمولاً".

"استراتيجية وطنية متعددة"
وعن السياسات التي يمكن اعتمادها للحد من انعدام الأمن الغذائي، لفتت وزيرة الشؤون إلى أن "الوزارة تدعو إلى وضع استراتيجية وطنية متعددة الأبعاد للأمن الغذائي، تتضمن:
- تشجيع الزراعة المحلية وتربية المواشي، لا سيّما في القرى التي تملك موارد غير مستثمرة.
- تحسين سلاسل التخزين والتوزيع للمواد الغذائية الأساسية.
- دعم برامج التغذية المدرسية، والمخصصات الغذائية للأطفال والأمهات، إذ تشير الدراسات إلى أن أكثر من 50% من الأطفال بين 0 و5 سنوات يعيشون تحت خطر الفقر الغذائي.
- إطلاق حملات توعية مجتمعية للحد من هدر الغذاء.
- ربط برامج الدعم النقدي مثل "أمان" بمبادرات التمكين الغذائي، بما يعزّز الاستقلالية ويقلل من الاعتماد الكلي على المساعدات".

"التواصل مع الوزارات ضرورة لا بد منها"
وحول أهمية التعاون مع الوزارات والمنظمات الدولية، شددت السيّد على أن "معالجة هذا الملف تتجاوز صلاحيات وزارة الشؤون الاجتماعية، لذلك فإن التنسيق مع وزارات الزراعة، الصحة، الاقتصاد، والتربية هو ضرورة لا بد منها لوضع برامج فعّالة ومتكاملة".

وأضافت: "أما على الصعيد الدولي، فإن التعاون مع المنظمات الأممية مثل برنامج الأغذية العالمي (WFP)، واليونيسف، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، يوفّر الموارد والخبرة التقنية الضرورية لتعزيز استجابتنا الوطنية".

وختمت السيّد حديثها لـ"النهار" بالقول: "تواصل الوزارة حشد الدعم من الشركاء الدوليين لتمويل برامج الأمن الغذائي، لا سيّما التحويلات النقدية الطارئة، والتغذية المجتمعية، وتعزيز القدرة المؤسساتية، للانتقال من الاستجابة الطارئة إلى نظام حماية اجتماعية مستدام وشامل، يكون برنامج "أمان" جزءاً أساسياً منه".

يعاني الشخص من انعدام الأمن الغذائي عندما لا يمكنه الحصول بانتظام على ما يكفي من الغذاء المأمون والمغذّي من أجل النموّ والتطور الطبيعي والعيش حياة نشطة وصحية. وقد يكون ذلك بسبب عدم توفر الغذاء و/أو نقص الموارد للحصول على الغذاء.

"الدولة غائبة عن أداء واجباتها"
وحول الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، يؤكد الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان في حديث خاص لـ"النهار" أن "الجواب ليس واحداً، بل هو شبكة من الأزمات المتراكمة، بدءاً من الانهيار الاقتصادي الذي أطاح بالقدرة الشرائية للأسر، مروراً بتدهور قيمة العملة الوطنية، وغياب السياسات الاجتماعية، وصولاً إلى ضعف الحماية الغذائية والصحية للفئات الأكثر هشاشة. فالرواتب لم تعد تكفي لشراء الحد الأدنى من الغذاء، والدعم الاجتماعي يكاد يكون معدوماً، بينما ترتفع أسعار السلع الأساسية بلا ضوابط، وسط توسع السوق السوداء والانفلات الجمركي، ما جعل الطبقات الفقيرة والمتوسطة تدفع ثمناً لا طاقة لها به".

وعن دور الدولة، يشير أبو سليمان إلى أنها "غائبة عن أداء واجباتها في حماية الأمن الغذائي، وإن لم تكن غائبة فعلياً، فهي عاجزة. ولكن هذا لا يُعفيها من المسؤولية".

وبحسب الخبير الاقتصادي، فإن "الحل لا يكون ببيانات إنشائية أو معونات ظرفية، بل برؤية وطنية واضحة"، متابعاً: "أولاً، على الحكومة إعلان حالة طوارئ غذائية ووضع خطة عاجلة لحماية الفئات المهددة. يجب دعم الإنتاج الزراعي المحلي بشكل مباشر، وإعفاء المزارعين من الضرائب، وتوفير البذور والأسمدة والطاقة بأسعار مدعومة. كما يجب إعادة تفعيل برامج الحماية الاجتماعية، وربطها بمؤشرات الفقر الفعلية، وليس فقط ببيانات مهترئة".

ويشدد لـ"النهار" على أن "كل ذلك يجب أن يترافق مع سياسة استيراد واضحة تضع الأمن الغذائي فوق المصالح السياسية والتجارية".

"القادم أصعب"
وفيما يتخوف البعض من تصاعد الأزمة، يقول أبو سليمان: "نعم، وللأسف، كل المؤشرات تنذر بأن القادم أصعب، ما لم تحدث قفزة نوعية في الإدارة والسياسات"، لافتاً إلى أن "ازدياد معدلات البطالة، وتقلص الدعم الأممي، إضافة إلى استمرار النزوح الداخلي من القرى نحو المدن، وتراجع تحويلات المغتربين في بعض المناطق، عوامل كلها تضغط على السلم الغذائي. وإذا أضفنا إلى ذلك تبعات التوترات الأمنية، وتضييق الخناق المالي على لبنان، يصبح الحديث عن ارتفاع إضافي في نسب الجوع واقعاً لا مجازاً".

ويختم حديثه بالإشارة إلى أن "انعدام الأمن الغذائي ليس مجرد نقص في الطعام، بل هو انحدار في الشعور بالكرامة، وتهديد مباشر للتماسك الاجتماعي، وقد يكون الشرارة التي تُشعل اضطرابات أوسع. من هنا، تقع على الدولة مسؤولية التحرك، لا فقط درءاً للمجاعة، بل حفاظاً على ما تبقى من الاستقرار".

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا