الصحافة

حين فرك عون أصابع رجلَي باسيل!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تجول بين صفحات كتاب "البرزخ - أيّامٌ لوطنٍ لم يأتِ بعد"، الذي وقّعه النائب علي حسن خليل أمس، فتعود الى أحداثٍ تركت ندوباً في جسد الوطن لم يُشفَ من بعضها بعد. أسرارٌ ومحاضر محور معظمها رجلٌ حاضرٌ في تفاصيل السياسة اللبنانيّة منذ أكثر من أربعين عاماً. رجلٌ يُدعى نبيه بري.

يروي الكتاب كواليس عامَين محوريّين يفصلان بين نهاية حرب تموز في العام ٢٠٠٦ وانتخاب العماد ميشال سليمان في العام ٢٠٠٨، مع ما فيهما من أحداثٍ صاخبة في الشارع وعلى المنابر وفي الاجتماعات المغلقة، مروراً بـ ٧ أيّار الشهير ووصولاً الى اتفاق الدوحة الذي أنتج حلّاً قطريّاً كان كالقطرة في الوعاء اللبناني المثقوب، إذ لم يصمد ولا عاشت مفاعيله طويلاً.
نصٌّ هو أقرب إلى لغة المحاضر تفوح منه رائحة الدفاتر الصغيرة التي يحملها أبداً "الحاج علي" في جيب سترته، ويملك منها ما يتّسع في صناديق كان حريصاً، أثناء الحرب الأخيرة، على نقلها من منزله حرصاً على عدم استهدافها. الأوراق، أحياناً، تعادل الأرواح.
وفي الكتاب الكثير من الأسرار التي لم تُكشَف بعد، يخرجها من جارور الذاكرة بإذنٍ من صاحب أشهر مطرقة في تاريخ البرلمان اللبناني، ويضيف عليها انطباعات وتعليقات وتحليلات، ولكن مع إبقاء الأولويّة للسرد التاريخي الذي يجعل هذا الكتاب المرجع الوحيد عن العامَين الصاخبَين، في الوطن الصعب، أو الذي "لم يأتِ بعد". أما معنى "البرزخ" فيأتي من الفكر الإسلامي ويعني الحياة التي تأتي بعد الموت، أسقطها المؤلّف على مرحلةٍ من تاريخ بلدٍ يتأرجح أبداً بين حياةٍ وموتٍ، ولا قيامة، أقلّه حتى الآن.
ومن "قفشات" الكتاب، بجزئيه، ما يرويه خليل عن اجتماعٍ عقد في منزل النائب جبران باسيل ضمّه والأخير مع العماد ميشال عون والحاج حسين الخليل. كان الاجتماع في ساعةٍ متأخّرة من الليل، حُدّد موعده على عجل، فحضره "الجنرال" بثياب النوم بينما كان باسيل في الفراش الطبّي نتيجة إصابته بحادث سير في نيجيريا. 
بعد أن يتطرّق خليل الى الجانب السياسي من الاجتماع، يروي حرفيّاً: "في لفتةٍ تظهر عمق العلاقة بينهما، كان الجنرال يرفع الغطاء عن قدمَي باسيل ويحنو بطريقة الأب لابنه الصغير، فيفرك أصابع رجلَيه تحبّباً. كان مشهدٌ من صور العاطفة التي تتجاوز الكلمات بالتعبير عن عطفٍ أبوي أشعرتنا نحن الحاضرين بأنّ الجنرال يرى الجنّة ومستقبله من تحت أقدام جبران".
وحين كان لي الحظّ بأن أطّلع على مسودة الكتاب، كان هذا المقطع، بالذات، من بين ما حرص خليل على قراءته، وكأنّه واحدة من "قنابله" التي جمعها بين الغلافين السميكَين، كمثل الجدار الذي كان يفصل بين اللبنانيّين زمن الانقسام بين ٨ و١٤ آذار.

وفي الكتاب - المرجع أسرارٌ أخرى كأنّك تتسرّب عبر صفحاته الى الغرف المغلقة، وقد كتب مقدّمته رئيس مجلس النواب نبيه بري وفيها "تكمن عظمة تاريخ الوطن أنّه مثل مياه البحر لن تكون في يومٍ من الأيام ساكنة، بل تنبض بالمدّ والجزر". ومن أكثر علماً بذلك من نبيه بري…

داني حداد
خاص موقع Mtv

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا