العرب عائدون

العرب عائدون إلى لبنان، شرط أن يعود لبنان إلى نفسه أوّلًا. لم تعد المبادرات العربية مقتصرةً على الدعم السياسي أو المساعدات الطارئة، بل بات واضحًا أنّ هناك نيةً جدّيةً لإعادة لبنان إلى الحاضنة العربية، لكن هذه العودة مشروطة بإصلاحاتٍ جذريةٍ تبدأ من استعادة الدولة لسلطتها.

أولى بشائر هذا التوجّه، الزيارة الناجحة التي قام بها رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث التقى رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. الزيارة لم تكن بروتوكوليةً، بل أثمرت نتائج فورية، أبرزها إعلان الإمارات عن عودة مواطنيها إلى لبنان، بعد سنوات من الحذر، إضافةً إلى التفاهم على اتفاقات تعاونٍ مهمةٍ في مجالاتٍ عدّةٍ، من أبرزها الدعم العسكري والأمني والاقتصادي.

الرّسائل الإماراتية كانت واضحةً. فوِفق أحد أعضاء الوفد اللبناني، سأل المسؤولون الإماراتيون عن أمن المطار وطريق المطار، وهو ما يعكُس قلقًا مشروعًا حيال الاستقرار الأمني في البلاد. لكنّ السؤال الأهمّ الذي طرحه الجانب الإماراتي كان: “ماذا ستفعلون مع حزب الله وسلاحه؟”. وهذا السؤال لا يطرحه الإماراتيون فقط، بل يشكِّل مِحور النقاش في كلّ العواصم العربية المهتمّة بإعادة لبنان إلى خريطة الاهتمام والاستثمار.

الإمارات، شأنها شأن باقي الدول العربية، ترى أنّ فرص الاستثمار في لبنان متاحة، وأنّ الطاقات البشرية والبنية التحتية قادرة على النهوض، لكنّ الشرط الأساسي هو أن تعود الدولة إلى لعب دورها الطبيعي كضامنٍ للأمن والسيادة. فلا يُمكن للعرب أن يستثمروا في بلدٍ تسيطر فيه ميليشيا على قرار الحرب والسلم، وتفرض “أجندة خارجية” على حساب مصلحة اللبنانيين.

ما تحقّق في الإمارات مرشّح لأن يتكرر في الكويت والسعودية ودول عربية أخرى، لكنّ العرب ينتظرون عودة لبنان أوّلًا، وهي عودة لا يمكن أن تتحقّقَ من دون سحب السلاح غير الشرعي، وإنهاء النفوذ الإيراني الذي اختطف القرار اللبناني لعقود.

إنّ عودة العرب إلى لبنان ليست مجرّد حلم، بل احتمال واقعي يتطلّب شجاعةً وطنيةً. والكرة الآن في ملعب اللبنانيّين.

أسعد بشارة -”هنا لبنان”